الراعي ينكأ جرح مرفأ بيروت.. لماذا تخافون إذا كنتم أبرياء؟
من حكومة متعسرة، إلى اقتصاد مشلول، وصولا لمرفأ تنشد دماء ضحاياه عدالة معلقة على حبال الحصانة، نبش البطريرك الراعي جروح بلاده الغائرة.
فمن باب الحكومة، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عضة الأحد: "مطلوب من الدولة اللبنانية وبإلحاح ملاقاة المجتمع الدولي من خلال تأليف حكومة تتمتع بالمواصفات الإصلاحية والحيادية".
وأضاف: "العالم يكرر نداءاته، فيما المعنيون بتشكيل الحكومة يمتنعون عن القيام بواجباتهم الدستورية والوطنية حتى شكليا".
وفي إشارة منه إلى أزمة تشكيل الحكومة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري رأى الراعي أنه" رغم الانهيار الشامل لا يزالون يتبادلون الشروط المفتعلة قصدا لتأخير التأليف، فلا عبارة الاتفاق مع الرئيس المكلف تعني تعطيل التشكيلات المقدمة، ولا التكليف يعني تكليفا أبديا من دون تأليف حكومة.
أشواك حزب الله
وهاجم الراعي "حزب الله" دون أن يسميه، بقوله "وحدة الدولة تبقى ركيزة الوجود الوطني. فلا دولة مستقلة ومستقرة وآمنة مع تعدد السلطات فيها، فيفتح كل طرف سياسة خارجية على حسابه، وسياسة دفاعية على حسابه، ويقرر تطبيق الدستور ساعة يشاء، ويعطله متى يحلو له".
واعتبر أن "الصداقات مع الدول شيء، والانحياز الاستراتيجي إلى محاور عربية وإقليمية ودولية شيء آخر. لذلك، إن الحياد هو حل خلاصي للبنان".
"لماذا تخافون إذا كنتم أبرياء"؟
وعن قضية تفجير مرفأ بيروت التي تصادف ذكراها الرابع من الشهر القادم، قال: "لم تُعرف بعد، بكل أسف، ملابسات هذه المجزرة المشبوهة: من تسبب بها؟ وكيف حصلت؟".
وفي هذا الصدد، أكد أن البطريركية تدعم القضاء لبلوغ الحقيقة وفق عمل نزيه ومتجرد بعيدا عن الضغوط السياسية.
وطالب النخبة السياسية بتسهيل عمل القضاء، مشيرا إلى أن " الشعب لا يغفر لمن يعرقل مسار التحقيق أو لمن يسيسه أو لمن يغطي أي شخص تثبت التهمة عليه".
وتابع "يدمي القلب أن يجعل السياسيون من رفع الحصانة عن وزراء ونواب وعسكريين استدعاهم القضاء لسماعهم، قضية تفوق ثمن دماء الضحايا ودموع أهاليهم النازفة".
وختم متسائلاً: "لماذا تخافون إذا كنتم أبرياء؟ يجب التمييز بين الأذونات الإدارية لرفع الحصانة، والبحث القضائي عن الأدلة".
وكان مجلس النواب اللبناني أجل البحث في رفع الحصانات عن ثلاثة من أعضائه طلبها المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت للتحقيق معهم بحجة أنه يريد المزيد من الأدلة والبراهين.
كما رفض وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي إعطاء الإذن للمحقق باستجواب مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم، ما خلق جوا من الغضب لدى أهالي الضحايا والمتضررين.
وعلى صعيد آخر، توجه الراعي للسياسيين بالقول "لمن المخزي حقا أن يمعن المسؤولون عندنا في هدم الدولة ومؤسساتها وإفقار شعبها وتهجير خيرة قواها الحية، وتقويض وحدتها الداخلية، فيما حاضرة الفاتيكان والدول العربية والغربية تولي اهتماما بالغا بالقضية اللبنانية".
بلورة حل سياسي
وحيا الراعي الجهود الدولية والعربية لحل الأزمة اللبنانية، لافتاً إلى أن الدول "ما زالت حريصة على بقاء هذا الوطن المميز".
وأردف "تلتقي هذه الدول وتتشاور وتعمل معا على بلورة حل سياسي بين اللبنانيين يعالج إشكالية وجود لبنان كدولة تتعرض دوريا لخضات وأزمات وحروب بسبب تعدد ولاءات مكوناتها واختلافها على السلطة، وبسبب التدخلات الخارجية السلبية والمشاريع المذهبية التي تطوف في الشرق الأوسط وتجول".
ورأى أنه "حري بالأطراف اللبنانيين أن يلبننوا الحل الدولي بتقديم مشاريع حلول بناءة عوض الإمعان في هدم الموجود من دون تقديم بديل واقعي ينسجم مع الشراكة المسيحية ـ الإسلامية، وجوهر وجود لبنان الكبير، ودوره الحضاري في المنطقة".