"تحقيقات المرفأ".. أول خلاف علني بين ميقاتي وعون
بيانات وتعقيبات بين رؤساء الحكومات السابقين والرئاسة حول "تحقيقات مرفأ بيروت" تظهر خلافا علنيا هو الأول بين رئيس الوزراء المكلف، نجيب ميقاتي، ورئيس البلاد ميشال عون.
ومنذ أكثر من شهر، يحاول رئيس الوزراء المكلف، عضو نادي رؤساء الحكومات السابقين، نجيب ميقاتي، تأليف حكومة بالتفاهم مع عون، لكنه لم ينجح حتى الآن، حيث لا تزال العقد التي رافقت رئيسين مكلفين قبله تراوح مكانها تحت مسميات مختلفة، من الثلث الضامن (يضمن السيطرة على قرارات الحكومة) إلى حقوق المسيحيين وحق الطوائف بوزارات محددة.
ورغم الإيجابية التي حاول طرحها ميقاتي عند تكليفه والإكثار من زياراته إلى القصر الرئاسي، ومحاولته تدوير الزوايا والتقليل من الحديث عن السلبيات، فإن تبادل البيانات عالية السقف لأول مرة بين الجانبين يؤكد أن موعد إعلان الحكومة لا يزال بعيدا، وفق مراقبين.
وفي بيانهم الصادر الخميس، أكد رؤساء الحكومات السابقون، رداً على إصدار المحقق العدلي في قضية انفجار بيروت مذكرة جلب بحق دياب، أن عون كان على علم بوجود المتفجرات في المرفأ قبل الانفجار بـ15 يوماً ولم يأخذ أي إجراء يذكر، ما يستوجب رفع الحصانة ومساءلته أسوة برئيس الحكومة.
واعتبروا أن "هذا الإجراء محفوف بالشبهات السياسية، لأنه يتقاطع مع محاولات لم تتوقف من سنوات للانقلاب على اتفاق الطائف وكسر هيبة رئاسة الحكومة وتطويق مكانتها في النظام السياسي، وهي أفعال تشهد عليها الممارسات القائمة منذ عامين لتعطيل تشكيل الحكومات وتطويق الصلاحيات الدستورية للرؤساء المكلفين".
فيما رأت الرئاسة اللبنانية في اتهام الرئيس ميشال عون بقضية تفجير مرفأ بيروت "إهانة للقضاء"، لأنه سبق أن وضع نفسه تحت تصرّف المحقق العدلي.
جاء ذلك في بيان صدر، الجمعة، عن الرئاسة، ردا على بيان سابق لرؤساء حكومات سابقين في لبنان (نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام وسعد الحريري) هاجموا فيه عون على خلفية إصدار مذكرة جلب بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، معتبرين أنه كان يعلم بوجود المتفجرات في مرفأ بيروت ولم يحرك ساكناً، وطالبوا برفع الحصانة عنه لمساءلته أيضاً.
وفي بيانها، قالت الرئاسة اللبنانية: "من المؤسف حقّاً أن يرد في البيان المذكور اتهام رئيس الجمهوريّة بموضوع تفجير مرفأ بيروت، في حين أنّ الرئيس سبق أن وضع نفسه تحت تصرّف المحقق العدلي في الجريمة المذكورة، لسماع شهادته في حال طلب المحقق العدلي ذلك لمنفعة التحقيق".
وأضاف البيان أن الامتياز الذي تمنحه المادة 60 من الدستور لا يعني عدم إمكانيّة ملاحقة الرئيس ومساءلته في حال ثبوت مسؤوليته بمعرض أيّ جرم عادي، إنما هذا الامتياز مردّه إلى أنّ الرئيس هو، طيلة ولايته، رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن وقاسم اليمين الدستوريّة بالإخلاص للدستور وقوانين الأمّة اللبنانيّة من دون سواه من رؤساء السلطات الدستوريّة أو الوزراء أو النواب.
وأشار إلى أن "العدالة لا تنال من أيّ موقع دستوري بمجرّد أنّها تمارس من المرجع المختصّ، ولبنان عانى ولا يزال من الخطوط الحمر الطائفية لدى كل مساءلة وقد تفاقمت هذه الظاهرة أخيراً، كما جرى مثلاً مع رؤساء الحكومة في تضامنهم المطلق مع بعضهم البعض بحجّة استهداف الموقع الدستوري الثالث في الدولة واستضعافه"، مشددا في هذا السياق على أن رئيس الجمهوريّة لم يبادر يوماً إلى استنهاض المشاعر المذهبيّة والطائفيّة بمعرض الملاحقات القضائيّة.
وتابع البيان: "تربأ رئاسة الجمهوريّة وتترفّع عن الردّ على الكلام الخطير الذي ورد في البيان المذكور بشأن 'العدالة المقنّعة والانتقائيّة والقضاء المسيّس وأروقة قصر بعبدا حيث يُدار ملف التحقيق العدلي'، وفي ذلك، وفقط في ذلك، إهانة علنيّة واستضعاف مرفوض واستهداف شائن للسلطة القضائيّة التي ينادي بعض المدّعين الحرص عليها، في حين أنّهم يمعنون فيها تخريباً وهدماً باسم الطائفة والمذهب وهما منهم برّاء".
واستغربت الرئاسة ما اعتبرته "توقيتا مريبا" للبيان، في حين أن الرئيس يبذل جهوداً مضنية لتأليف حكومة لبنان المنتظرة للتصدّي للمعاناة القاسية.