في رصد لـ«العين الإخبارية».. خطاب عون الأول بعيون لبنانية
«خطاب شامل وإصلاحي يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها إعادة بناء الدولة على قواعد دستورية يستعيد فيها المواطن أمله في دولة تحمي الوطن والأفراد».
تلك كانت قراءة لعدد من النواب والمحللين السياسيين للخطاب الأول للرئيس المنتخب جوزيف عون، والذي يستهل به ولايته الجديدة، بعد شغور رئاسي امتد لأكثر من عامين.
وأشار هؤلاء الخبراء في الوقت ذاته، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الخطاب يحمل رسائل سياسية مهمة وملحة للداخل، وأبرزها استعادة سيادة الدولة وفرض سيطرتها، وأنه لا سلاح إلا سلاح الشرعية والجيش.
وفي وقت سابق الخميس، انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للجمهورية، بعد فوزه بتأييد 99 نائبا من إجمالي عدد النواب البالغ 128 الذين شاركوا في العملية الانتخابية.
وفي خطابه، تعهد الرئيس اللبناني الجديد بـ"العمل على تأكيد حق الدولة في "احتكار حمل السلاح"، قائلا في خطاب القسم الذي تلى أداءه اليمين الدستورية بمقر البرلمان: "اليوم تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان".
وأضاف: "لا تدخل في القضاء، لا للحروب، لا للتفجيرات، لا للمحسوبيات، لا حصانات لأي مجرم أو فاسد".
ودعا عون إلى "تغيير الأداء السياسي"، وبناء وطن يكون الجميع فيه "تحت سقف القانون والقضاء"، متابعا: "عهدي إلى اللبنانيين أينما كانوا، وليسمع العالم كله، اليوم تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان".".
«مسار جديد»
في قراءته للخطاب، قال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إنه "خطاب رجل دولة بامتياز"، وهو ما فسره بالقول: "نستمع للمرة الأولى لخطاب واضح بمفرداته ومواقفه وارتكازه على الدستور والقانون والشرعية".
ويؤسس الخطاب الشامل والإصلاحي، والحديث لجبور، لـ"مشروع دولة في لبنان حين تناول كل الجوانب المتعلقة بالسيادة والإصلاح واستقلال البلاد والسلاح والترسيم والقضاة والأجهزة الأمنية والقطاعات المالية والاقتصادية والشفافية".
وأعرب القيادي في حزب القوات عن أمله في أن "تشكل القوى السياسية والمؤسسات المختلفة، وفي طليعتها الحكومة ومجلس النواب، السند لمواقف الرئيس المنتخب، إضافة إلى أن يكون رئيس الحكومة من الفئة نفسها".
وبحسب جبور، فإن "اليوم 9 يناير يشكل بداية لانطلاق مسار الدولة من جديد، ومرحلة جديدة عنوانها إعادة بناء الدولة على القواعد الدستورية بعد تغييب الدستور لمدة 34 عاما، ومرحلة يستعيد فيها المواطن اللبناني أمله في وجود دولة تشكل حماية للوطن والأفراد على قاعد تنفيذ الدستور والقوانين".
وفي تعليق حزب القوات اللبنانية على الخطاب، قال نائب رئيس الحزب، النائب جورج عدوان: "ترى القوات اللبنانية بخطاب رئيس الجمهورية كل ما كانت تطالب به وتسعى إليه".
وأضاف: "الرئيس عون التزم بالقانون والدستور، وقال كلمة مهمة بأنه لم يعد هناك أحد فوق القانون"، مردفا :"نطوي صفحة من تاريخ لبنان والرئيس عون يأتي لفتح صفحة جديدة بالتزامات واضحة، وهو التزم أمام اللبنانيين بأن الدولة ستبسط سيطرتها ولا سلاح إلا سلاح الشرعية والجيش".
«مليء بالرسائل»
في قراءته للخطاب، اعتبر الدكتور طارق أبو زينب، الباحث والمحلل السياسي اللبناني، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن الخطاب يؤكد الالتزام بسيادة الدولة واستقلاليتها وتعزيز دورها، وحصر السلاح بيدها، وتحجيم النفوذ غير الرسمي لانتشاره في لبنان.
ويقول أبو زينب، إن هذا "الموقف قد يصطدم مع مصالح حزب الله في المستقبل، خصوصًا إذا بدأ عون بتنفيذ هذه الوعود".
وأشار إلى أن "الخطاب الأول لرئيس الجمهورية كان مليئًا بالرسائل السياسية المهمة والملحة، وأظهر بشكل واضح التوجهات التي سيسعى لتحقيقها خلال فترة توليه المنصب، مع التركيز على تعزيز دور الدولة وأجهزتها، وتأكيد سلطتها".
وأوضح أن "تأكيد عون على حق الدولة في احتكار حمل السلاح، هو رسالة واضحة إلى حزب الله، الذي يمتلك سلاحًا خاصًا به ويعمل خارج إطار الدولة اللبنانية، وتحمل دعوة ضمنية لعودة حصر السلاح بيد الدولة".
ووفقا للباحث السياسي اللبناني، يؤكد الرئيس في خطابه العمل على تعزيز دور المؤسسات الأمنية الرسمية مثل الجيش اللبناني، وقوى الأمن الداخلي وجميع الوزارات، وتقوية سيطرة الدولة على الأرض، وفرض هيبتها على جميع المجموعات المسلحة، بما في ذلك تلك التي تعمل خارج إطار القانون.
ولفت أبو زينب إلى أن حديث عون عن استراتيجية دفاعية كاملة، يفتح الباب أمام نقاش حول استراتيجية مواجهة إسرائيل، لكن الموقف قد يتناقض مع المواقف التقليدية التي يتبناها حزب الله في هذا المجال.
ومن بين رسائل خطاب عون الهامة، ضرورة تغيير الأداء السياسي في لبنان، وهى الدعوة التي تحمل في طياتها محاولة لإصلاح النظام السياسي الفاسد الذي يعاني منه لبنان، وتحفيز تغييرات جذرية في الأداء السياسي.
«فجر جديد»
قد تحمل رسالة ضمنية لمنظومة حزب الله وحلفائه بأن هناك مرحلة جديدة من الحكم تتطلب تغييرات جوهرية.
كما أشاد المحلل اللبناني بدعوة الرئيس إلى ضرورة إصلاح المؤسسات القضائية، وتعزيز استقلالية القضاء، وهو ما يواجه معارضة من بعض القوى السياسية التي تؤثر على القضاء.
وقال إن الرئيس يبعث برسائل غير مباشرة إلى حزب الله من خلال التأكيد على ضرورة تقوية الدولة اللبنانية وتفعيل دور الجيش والأجهزة الأمنية، فضلاً عن تأكيد السيادة الوطنية وضرورة محاربة الفساد.
ورغم أنه لم يذكر حزب الله بشكل مباشر، إلا أن مواقفه تتماشى مع رؤى سياسية تتناقض مع سياسة الحزب في العديد من الملفات.
إلى هذا، كتب النائب الدكتور غسان سكاف على منصة "إكس": "فجر جديد للبنان انبثق بعد جلجلة.. خطاب قسم واعد دوت أصداؤه في أرجاء الوطن"، مردفا: "مبروك للبنانيين، انتخاب العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية، على أمل أن تكون خاتمة الآلام والمعاناة".
بدوره، رحب رئيس الحكومة اللبنانية السابق، سعد الحريري، بانتخاب عون رئيسا للبلاد. وكتب عبر حسابه بمنصة "إكس": "مبروك للبنان، الدولة والشعب، انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية، وإحياء الأمل بإعادة الحياة الى المؤسسات الدستورية لمواجهة التحديات الصعبة وما أكثرها في هذه الأيام".
aXA6IDE4LjIxNy4yNTIuMTUxIA==
جزيرة ام اند امز