البطريرك الراعي: تعطيل الاستحقاق الرئاسي يهدف لإسقاط لبنان
دخل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على خط الأزمة السياسية في بلاده، محذرا من نتائج تعطيل الاستحقاق الرئاسي.
وقال البطريرك الراعي، في كلمته خلال عظة قداس الأحد اليوم، إن "أي سعي لتعطيل الاستحقاق الرئاسي يهدف إلى إسقاط الجمهورية، وإقصاء الدور المسيحي وتحديدا الماروني عن السلطة".
وتساءل قائلا: "بأي راحة ضمير، ونحن في نهاية الشهر الأول من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، والمجلس النيابي لم يدع بعد إلى أي جلسة لانتخاب رئيس جديد، فيما العالم يشهد تطورات هامة وطلائع موازين قوى جديدة من شأنها أن تؤثر على المنطقة ولبنان؟".
وقال إنه "صحيح أن التوافق الداخلي على رئيس فكرة حميدة، لكن الأولوية تبقى للآلية الديمقراطية واحترام المواعيد، إذ إن انتظار التوافق سيف ذو حدين، خصوصا أن معالم هذا التوافق لم تلح بعد".
وأضاف أن "انتخاب الرئيس شرط حيوي لتبقى الجمهورية ولا تنزلق في واقع التفتت الذي ألمّ بدول محيطة"، مؤكدا أن طريق الخلاص من الأزمة السياسية الحالية بلبنان هو انتخاب رئيس للجمهورية بالاقتراع لا بالاجتهاد، وبدون التفاف على هذا الاستحقاق المصيري.
وتابع قائلا: "إن الدساتير وضعت لانتخاب رئيس للجمهورية، لا لإحداث شغور رئاسي، فهل الشغور صار عندنا استحقاق دستوري، لا الانتخاب؟".
واعتبر البطريرك الماروني أن "لبنان يحتاج اليوم لكي ينهض حيا إلى حكومة جديدة تخرج عن معادلة الانقسام السياسي القديم بين 8 و 14 مارس/آذار، وتمثل الحالة الشعبية التي برزت مع انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول، ومع التنوع البرلماني الذي أفرزته الانتخابات النيابية في مايو/أيار الماضي".
عون: لبنان يمر بأصعب ظروفه في تاريخه المعاصر
وقال إن "الظروف تتطلب حكومة وطنية سيادية جامعة تحظى بصفة تمثيلية، توفر لها القدرة على ضمان وحدة البلاد، والنهوض الاقتصادي، وإجراء الإصلاحات المطلوبة".
البطريرك الراعي أردف قائلا: "ليس من الطبيعي على الإطلاق ألا يحصل الاستحقاق الرئاسي، وألا تنتقل السلطة من رئيس إلى رئيس، وليس طبيعيا كذلك أن يمنع كل مرة انتخاب رئيس لكي تنتقل صلاحياته كل مرة إلى مجلس الوزراء.. الاستحقاق الرئاسي واجب، لكي لا ندخل في مغامرات صارت خلف الأبواب".
وحذر من أن عدم انتخاب رئيس سيؤدي إلى أخطار أمنية واضطرابات سياسية وشلل دستوري، واتهم قوى سياسية (لم يسمها) بممارسة هذا الأداء التدميري.
وما زال اللبنانيون يبحثون عن مرشح "إنقاذ" توافقي لمنصب رئيس البلاد قبل نهاية المهلة الدستورية المقررة في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ولا تلوح حتى الآن أي بادرة لانفراجة أو الوصول إلى توافق بين القوى السياسية اللبنانية على رئيس جديد، ينتخبه مجلس النواب اللبناني.
وما لم يتم هذا الاتفاق على مرشح توافقي لمنصب الرئيس، فسيكون لبنان على موعد مع تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حين شهدت البلاد فراغا رئاسياً استمر لمدة عامين ونصف العام، نتيجة تعطيل "حزب الله" وحلفائه النصاب قبل التوصل لتسوية قادت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا.
وفي ظل التوازنات الهشة داخل المجلس النيابي المنبثق من الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مايو/أيار الماضي، يبدو من الصعب تأمين نِصاب قانوني لجلسة انتخاب رئيس للبلاد دون التوصل إلى نوع من الاتفاق أو تسوية معينة بين العدد الأكبر من الكتل النيابية.
ويتطلب انتخاب الرئيس اللبناني حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب (86 من أصل 128).
يذكر أن لبنان يواجه أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة أدت إلى زيادة كبيرة في معدلات الفقر وانهارت معها العملة الوطنية مقابل الدولار، وارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية والخدمات بشكل هائل، وذلك بالتوازي مع الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.