مفاوضات ترسيم حدود لبنان وإسرائيل.. اتفاق وشيك ومخاوف من انهيار الصفقة
"تقدم كبير، لكن الحل النهائي لم ينجز بعد".. تصريحات كشفت عن مسار المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية حول الحدود البحرية، والذي لم يصل بعد إلى محطة توقيع الاتفاق.
إلا أن التصريحات الواردة من هنا ومن هناك تبشر بأن حلا قريبا على وشك الخروج للنور، خاصة بعد أن كثفت إدارة بايدن ضغوطها على إسرائيل ولبنان في الأسابيع الأخيرة للتوصل إلى حل للنزاع المستمر منذ عقود حول الحدود البحرية، بما في ذلك مساحة صغيرة من البحر الأبيض المتوسط غنية بالنفط والغاز.
آخر تلك التصريحات ما أشار إليه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في ساعة متأخرة يوم السبت، قائلا إن "تقدما حصل على صعيد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، لكن لا تزال هناك تفاصيل ينبغي توضيحها، وبالتالي فإن الحل النهائي لم ينجز بعد".
وساطة أمريكية
وعلى هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال ميقاتي في تصريحات صحفية إن "الوساطة الأمريكية ساعدت في الدفع في اتجاه إتمام الترسيم، لكن لا تزال هناك تفاصيل ينبغي توضيحها، حتى الآن يمكنني القول إن تقدما حصل، ولكن الحل النهائي لم ينجز بعد".
وفيما أشاد بالوساطة الأمريكية لدعم الاتفاق، قال إن "إدارة الرئيس بايدن تبذل قصارى جهدها لإنجاح هذه المفاوضات"، مشيرا إلى أن "الأحزاب السياسية اللبنانية كافة، بما فيها حزب الله، تدعم قرارات الحكومة ومواقفها في المفاوضات".
ولعقود من الزمان، انخرطت إسرائيل ولبنان في مفاوضات غير مباشرة، بمساعدة الوسطاء الأمريكيين في الغالب، على مساحة تبلغ 860 كيلومترا مربعا من البحر يأمل كلا البلدين في التنقيب عن موارد النفط والغاز.
واستؤنفت المفاوضات بين البلدين، اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية وخاضتا حروبا متعددة، قبل عامين ويبدو أنها تحرز تقدما هذا الأسبوع.
اتفاق ولكن
وتقول شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية إنه بينما تشير تعليقات رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، والرئيس اللبناني ميشال عون، إلى احتمال التوصل إلى اتفاق فإن التوترات المستمرة بين الجارتين لا تزال معرضة للتقويض من قبل منظمة حزب الله اللبنانية، خاصة أن إسرائيل تبدو مصممة على الدفع بمنصة غاز بحرية جديدة في حقل كاريش.
وقال توني بدران، زميل باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) ومقرها واشنطن، لشبكة "فوكس نيوز"، إنه حتى تنهار الصفقة في هذه المرحلة فإن الأمر يتطلب شيئا مؤثرا، خاصة أن الولايات المتحدة تبدو عازمة على دفع إسرائيل، للاستجابة لمطالب حزب الله بالسيادة اللبنانية على كامل المنطقة المتنازع عليها.
وأوضح بدران أن الولايات المتحدة -أولاً في عهد أوباما، ثم ترامب والآن مع بايدن- كانت تضغط من أجل حل كوسيلة لخلق مصادر دخل جديدة للبنان، ذلك البلد الذي على وشك الانهيار الاقتصادي.
وأضاف أن إسرائيل بدأت بالفعل التنقيب في الحقول التي تقع جميعها خارج المنطقة المتنازع عليها، وأرادت إدارة أوباما، حسب الوسيط الأمريكي في ذلك الوقت، تشجيع الشركات الدولية، التي تحجم عن العمل في مناطق النزاع أو الصراع، على القدوم والعمل في لبنان.
وأشار إلى أن "الخلاف لم يؤثر على قدرة إسرائيل على تطوير وتصدير غازها -حتى حقل كاريش الأصغر ليس في المنطقة المتنازع عليها، الخلاف أثر فقط على قدرة لبنان على الحفر".
أولوية رئيسية
وحرصًا على ضخ الأموال في لبنان، جعلت إدارة بايدن إبرام هذه الصفقة أولوية رئيسية، وأرسلت مستشار وزارة الخارجية الأمريكية لأمن الطاقة العالمي عاموس هوشستين إلى المنطقة، بحسب "فوكس نيوز"، التي قالت إن أمريكا "حريصة" بشكل خاص على إنهاء المفاوضات قبل أن يتوجه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وقبل بدء الإنتاج من حقل كاريش.
وقال بدران إن الولايات المتحدة تأمل في أن تتخلى إسرائيل عن مطالباتها بشأن المنطقة المتنازع عليها بأكملها، كوسيلة لاسترضاء حزب الله، الذي هدد بنسف المحادثات ومهاجمة المصالح الإسرائيلية في كاريش وحولها، مضيفا: "يبدو أن حزب الله، حتى الآن على الأقل، مسرورا بما تقدمه إدارة بايدن".
ويوم الإثنين الماضي، قال متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إن الإنتاج في كاريش "سيبدأ دون تأخير، في أقرب وقت ممكن" على الرغم من تهديدات حزب الله أو الضغط الأمريكي.
معايير واضحة
فيما قال لابيد الذي كان في نيويورك هذا الأسبوع لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنه أعطى فريقه التفاوضي "معايير واضحة للغاية" للتوصل إلى اتفاق مع لبنان.
والتقى مستشاره للأمن القومي إيال هولاتا بمنسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة الأمر، فيما وصف المسؤولون الإسرائيليون الاجتماع بأنه "جيد ومثمر".
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته: "تعتقد إسرائيل أنه من الممكن والضروري في نفس الوقت التوصل إلى اتفاق حول الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بما يخدم مصالح البلدين"، مشيرًا إلى أن "مثل هذا الاتفاق سيكون مفيدا للغاية ويعزز الاستقرار الإقليمي".
وفي لبنان، أشار الرئيس ميشال عون أيضًا هذا الأسبوع إلى حدوث تقدم، قائلا إن "مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية دخلت مراحلها النهائية، بما يضمن حق لبنان في التنقيب عن الغاز والنفط في الحقول المحددة في منطقته الاقتصادية الخالصة".
إنعاش الاقتصاد
وقال عون في لقاء مع منسقة الأمم المتحدة الخاصة بلبنان جوانا ورونيكا إن "التواصل مع الوسيط الأمريكي عاموس هوشستين مستمر بشأن بعض التفاصيل الفنية المتعلقة بعملية الترسيم"، معربا عن أمله في أن "يساهم التنقيب في المياه اللبنانية في إنعاش الاقتصاد اللبناني الذي شهد تراجعا كبيرا خلال السنوات الماضية، إضافة إلى تعزيز الأمن والاستقرار في الجنوب".
من جانبه، قال أمير أفيفي الرئيس التنفيذي لمنتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي: "سمعنا الرئيس اللبناني ميشال عون يقول هذا الأسبوع إنه مستعد تمامًا للتوصل إلى اتفاق، لذا سيكون من المفاجئ جدًا أن يقوض حزب الله ذلك".
ومنتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي هو منظمة غير حكومية تضم 4000 عضو كانوا من الضباط السابقين في منظمات دفاعية إسرائيلية مختلفة تراقب التطورات عن كثب.
وقال أفيفي: "أعتقد أنهم سيحاولون بالفعل أن ينسبوا الفضل إلى هذه الصفقة ويقولون إنهم في الواقع هم من تمكنوا من جعل إسرائيل تقدم المزيد من التنازلات"، مشيرا إلى أن إسرائيل مهتمة بالتوصل إلى اتفاق مع لبنان على أمل أن يجلب الاستقرار لجارتها الشمالية ويفيد المنطقة بشكل عام.
لاعبون إقليميون
وأوضح الرئيس التنفيذي لمنتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي أنه من المهم النظر إلى النزاع فيما وراء إسرائيل ولبنان، عبر السياق الأوسع للاعبين الإقليميين الآخرين، وبالتحديد روسيا وفرنسا وإيران.
وأكد أن "فرنسا قوة مهيمنة للغاية عندما يتعلق الأمر بلبنان، المستعمرة السابقة"، مشيرًا إلى أنه مع تزايد الأزمة الاقتصادية والطاقة في أوروبا أصبحت مصادر الغاز في البحر المتوسط ثمينة بشكل متزايد.
وقال "هناك تفاهم على أن إسرائيل قد تكون في الواقع حلا إلى حد ما لنقل الغاز إلى أوروبا، وهذا يعتمد إلى حد كبير على تشغيل حقل كاريش".
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4xNjQg جزيرة ام اند امز