لبنان يطوي 2022 بآمال واتهامات.. هل يتغلب على أزمة الشغور الرئاسي؟
وسط تعثر الاتفاق على رئيس صنع في لبنان، ومع بلوغ الأزمة الاقتصادية ذروتها، بات اللبنانيون يفتشون عن الأمل في العام الجديد، مستلهمين من أعياد الميلاد "نبراسا" لإنارة "وحشة الطريق".
إلا أن تلك الآمال المنشودة تحطمت -حتى اللحظة- على صخرة الاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية، حول ملف انتخاب رئيس جديد للبنان خلفا لمليشال عون الذي انتهت فترة ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومنذ تلك اللحظة، ويعقد مجلس النواب اللبناني جلسات شبه أسبوعية وصلت إلى تسع جلسات، فشلت جميعها في التوافق على رئيس جديد للبلد المأزوم اقتصاديًا وسياسيًا، بعد أن تغلبت الورقة البيضاء على المرشحين للمنصب الرفيع.
آمال ولكن
ورغم ذلك "الفشل" جاءت احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة حاملة معها آمال اللبنانيين بغد أفضل وبطي صفحة الماضي، معبرين عن أمانيهم في أن يحمل العام الجديد بين أيامه انفراجات في أزماتهم، والتي على رأسها انتخاب رئيس جديد للبلاد، وانفراجة في الأزمة الاقتصادية.
إلا أن الطريق لتلك الآمال يبدو "ملغوما" بفخاخ حزب الله، والذي يرفض التوافق على رئيس جديد، فيما حمل مسؤولوه منافسيهم السياسيين مسؤولية عدم التوافق على مرشح للمنصب الرفيع.
فنائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" علي دعموش اعتبر أن "المدخل الطبيعي للاستقرار الداخلي ومعالجة المشاكل والأوضاع المعيشية يتمثل في الإسراع في إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على اتخاذ القرارات وإيجاد الحلول المطلوبة للأزمات".
وزعم دعموش أن "حزب الله دعا منذ البداية للتوافق الداخلي في الملف الرئاسي، لأن التوافق هو الحل الأسرع لإنجاز هذا الاستحقاق والخروج من حالة الانسداد السياسي"، مشيرًا إلى أن "السبب في الانسداد السياسي والتدهور الجديد في الأوضاع المعيشية ليس من يدعو إلى الحوار والتفاهم بين اللبنانيين بل من يرفض الحوار، ويدعو الى تدويل الاستحقاق الرئاسي ويراهن على التدخل الخارجي ويصر على طروحات وترشيحات وخطابات تصعيدية واستفزازية تزيد من التوتر والانقسام في البلد".
وأكد أن "الطريق الوحيد للحل في ظل التوازنات السياسية القائمة هو الحوار والتفاهم الداخلي، أما التدويل والتدخل الخارجي فلن يحل المشكلة، بل سيؤدي إلى تعقيد الأمور وزيادة الانقسامات وتعميق الأزمات".
أزمة معقدة
فيما قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" البرلماني اللبناني إبراهيم الموسوي إن الأزمة اللبنانية أصبحت متشعبة وبالغة التعقيد، لأنها أزمة مركبة، يتداخل فيها السياسي بالاقتصادي بالمالي، وتتحكم فيها حسابات الداخل وعوامل الخارج، فضلاً عن تأثرها بالأزمات العالمية مثل الحرب الأوكرانية الروسية.
وأوضح خلال ندوة سياسية نظمها القطاع الثاني لحزب الله في دارة رئيس بلدية الناصرية فواز الترشيشي: "على الرغم من سوداوية المشهد وتأزمه البالغ فإن علينا أن نبقى في دائرة التفاؤل بغد أفضل".
وأضاف: "أن محورنا منفتح على الحوار ويدعو إليه ليصار إلى التوافق على رئيس للجمهورية وينهي حالة الجمود والمراوحة التي تشل البلد"، محملا "الأطراف الأخرى التي تسير بمرشح تحد واستفزاز مسؤولية المماطلة وتأخير التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية بسبب حساباتها المصلحية الضيقة وانصياعها لإملاءات الخارج الذي يبحث عن مصالحه أولا دون الالتفات إلى مصلحة البلد وأهله".
يأتي ذلك، فيما وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "رسالة الميلاد"، قائلا فيها إن "كل المعطيات السياسية تؤكد وجود مخطط ضد لبنان، لإحداث شغور رئاسي معطوف على فراغ دستوري يعقد أكثر فأكثر انتخاب رئيس للجمهورية"، متسائلا: ألم تمنع فئات سياسية تأليف حكومة قبل انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون رغم علمها أن الحكومة القائمة مستقيلة حكما وتصرف الأعمال، وأنها ستخلق إشكاليات في تحديد دورها؟".
وتابع: صار هناك تعطيل متعمد لانتخاب رئيس للجمهورية ليصبح لبنان من دون أي سلطة شرعية. نسأل المعنيين بهذا المخطط: ماذا تريدون؟ لماذا تنتقمون من لبنان؟ لماذا تهدمون دولة لبنان؟ مهما دارت الظروف لا أولوية سوى انتخاب رئيس. لا توجد دولة في العالم من دون رئيس.
وأضاف أن أولئك الذين يمنعون انتخاب رئيس لكل لبنان "يمنعون قيامة لبنان"، مشيرا إلى أن البطريركية المارونية مصممة على مواصلة نضالها ومساعيها في لبنان ولدى المجتمعين العربي والدولي من أجل تسريع الاستحقاق الرئاسي.
"صراع إقليمي"
وأشار إلى أن الصراع الإقليمي يعيق مساعي انتخاب رئيس لأن هناك من يريد رئيسا له لا للبنان ويريد رئيسا لمشروعه لا للمشروع اللبناني التاريخي، وهذا أمر لن ندعه يحصل فلبنان ليس ملك فريق دون آخر.
ووجه بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان رسالة عيد الميلاد لعام 2022، تناول فيها الأوضاع العامة في لبنان".
وأضاف في رسالته التي ألقاها بمناسبة عيد الميلاد "كأنما التاريخ يعيد نفسه عند كل استحقاق يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية، وهي الموقع الأول والوحيد للمسيحيين في العالم العربي برمته، إذ يتكرر تعطيل انتخاب الرئيس تحت حجج ومبررات واهية وغير مقنعة، ولا تزال تسبب مزيدا من الدمار في هيكلية الدولة، وإضعافا للمؤسسات، وإحباطا لثقة المواطنين، لا سيما فئة الشباب".
الطبقة الحاكمة
وتابع: كنا قد شجعنا أولادنا واللبنانيين عامة على المشاركة في الانتخابات النيابية والمساهمة في تغيير الطبقة الحاكمة بغية النهوض بالبلاد، ونبهنا من مغبة عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المواعيد الدستورية، غير أن الطبقة السياسية ذاتها التي عطلت الانتخاب سابقا تعاود الكرة اليوم، طمعا بالتسلط وإقصاء للصوت المسيحي ذي الوطنية الحقة".
وأشار إلى أن هذه الفئة "غير آبهة بالأزمة الاقتصادية المخيفة، ولا بالتدهور الجنوني في سعر صرف الليرة اللبنانية، فضلا عن استمرار حجز أموال المودعين في المصارف، وتعدد أسعار صرف الليرة قياسا بالعملات الأجنبية، دون أي بوادر حل يلوح في الأفق لانتهاء هذه الأزمة مع كل تداعياتها الاجتماعية والسياسية والتربوية".
وحذر من اتهمهم بتعطيل الحياة السياسية بأن الشعب سيحاسبهم "بجرم الخيانة العظمى، وسينبذهم التاريخ"، مطالبًا بالتوقف عن تعطيل التحقيقات القضائية في تفجير مرفأ بيروت، والمباشرة بمحاكمة المرتكبين ومحاسبتهم، كائنا من كانوا.