كيف يمكن أن يؤثر الاتفاق السعودي الإيراني على أزمة لبنان؟
"لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني، وليس لتقارب إيراني سعودي"، كانت جزءًا من تغريدة للسفير الإيراني في لبنان، اعتبرت بمثابة رسالة للقوى السياسية في البلد العربي، على ضرورة عدم التعويل على اتفاق طهران والرياض.
وبعد سبع سنوات من قطع العلاقات بينهما، أعلنت الرياض وطهران الجمعة أنهما ستعيدان فتح السفارات والممثليات الدبلوماسية في غضون شهرين وتنفيذ اتفاقيات التعاون الأمني والاقتصادي الموقعة قبل أكثر من 20 عامًا.
ذلك الاتفاق تلقفته أطراف دولية ومحلية، وراحت تفتش عن آثاره على أزماتها الداخلية، والأوضاع في المنطقة برمتها، وخاصة وأن لإيران يدًا طولى في العديد من الأزمات.
أحد تلك الأطراف كان لبنان، ذلك البلد الذي عجزت القوى السياسية فيه عن حل أزمة الشغور الرئاسي التي دامت أشهرًا، وتسببت في الكثير من الأزمات في البلد العربي.
ومع تعثر الوصول إلى توافق حول مرشح رئاسي ينتشل البلد من أزمته، وعلى أنغام رفض قوى سياسية لمرشح حزب الله إلى رئاسة لبنان الوزير السابق سليمان فرنجية، عولت قوى سياسية على أن يقود ذلك الاتفاق إلى انفراجة في أزمة الشغور الرئاسي.
رسالة إيرانية
إلا أن رسالة إيرانية كانت على لسان سفير طهران في لبنان، بددت "أحلام" تلك القوى، والتي أكد فيها على تصريحات وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بشأن الأزمة اللبنانية.
وقال السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني، في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": هذه هي رؤية الجمهورية الإيرانية: وزير الخارجية السعودي تعقيبا على استئناف العلاقات الإيرانية السعودية: لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني، وليس لتقارب إيراني سعودي، مشيرًا إلى أنّه على لبنان أن ينظر إلى مصلحته، وعلى السياسيين فيه أن يقدموا المصلحة اللبنانية على أي مصلحة أخرى.
ذلك التأكيد الإيراني على أن لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني، وليس لتقارب إيراني سعودي، كانت بمثابة رسالة إلى القوى السياسية في لبنان، بأنه "لا تنازل" من حليفها، وأن على القوى السياسية التوافق فيما بينها للوصول إلى حل لأزمة الشغور الرئاسي"، بحسب مراقبين.
فكيف رأت القوى السياسية الاتفاق؟
البرلماني اللبناني جميل السيد، قال في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن إعلان السعودية وإيران الذهاب نحو استعادة العلاقات الدبلوماسية، كان "بمثابة خبر مفاجئ أراحَ بعض اللبنانيين وصدَمَ بعضهم الآخر".
وأضاف: لأنّ لبنان هو بلد التناقضات والانقسامات، فإنّه ما من لبناني مُخْلِص إلا ويتمنى حصول هذا التقارب وأن يمتدّ إلى تقارُب عربي-عربي، لأنّ مصلحة لبنان واستقراره تبدأ من هنا".
وفي تغريدة ثانية، قال جميل السيد: إنّ هذا التقارب يعطي للبنان ظروفاً أفضل لحلّ أزماته، لكنه لن ينقذه حتّى ولو أمطرت السماء علينا ذهَباً، ما لم يغيّر أهل الفساد بالدولة سلوكهم أو يرحلوا عنها.. ومن خبرتي بالدولة فمن اِعتادَ الفساد بقِيَ عليه".
من جانبه، قال البرلماني اللبناني السابق وأحد أعضاء تحالف "14 آذار" فارس سعيد، في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "بكثير من الحذر رحّبت قيادات لبنانية بالاتفاق الإيراني السعودي"، مضيفًا: "ما نعرفه شيء واحد.. أن تحولات المنطقة الكبرى لا تهادن كيانات مفككّة ولا تراعي قيادات صغيرة تبدو كحبّة رمل في طاحونة كبيرة.. لا يحمينا إلاّ وحدتنا الداخلية وإصرارنا أننا ولدنا أحرارًا".
نهاية للمغامرة
في السياق نفسه، قال البرلماني اللبناني أشرف ريفي، في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن هذا الاتفاق ستكون ترجمته لمصلحة استقرار وسيادة لبنان، مضيفًا: نأمل أن يكون تاريخ توقيع الاتفاق نهايةً للمغامرة الإيرانية التي خربت المنطقة".
وأوضح البرلماني اللبناني، أن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران وفق التعهد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول "يمكن أن تكون بداية حقيقية في المنطقة، إذا اقتنع الملالي بأن سياسة فرض الوصاية على الدول عبر بناء المليشيات وهز الاستقرار قد سقطت إلى غير رجعة".
في المقابل، قال نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": إن "عودة العلاقات الإيرانية السعودية منعطفٌ مهم لاستقرار المنطقة وأمنها وتقدمها"، مشيرًا إلى أنها "فاتحة خيرات لشعبيهما ولشعوب المنطقة، وهي ضربة موجعة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي تزيده ترنُّحاً"، على حد قوله.
وتحدث نائب الأمين العام لحزب الله عن خيارين لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي، قائلا: طريقان لا ثالث لهما: إمَّا طرحُ الكتل لأسماء المرشحين لديها للرئاسة والحوار فيما بينها لتأمين الترجيح لأحدهم، وإمَّا التمترس حول خياراتها وعدم إنجاز الاستحقاق إلى أجل غير مسمَّى.
ماذا قالت الدوائر الرسمية؟
وزير الخارجية والمغتربين اللبناني الدكتور عبدالله بوحبيب، رحب بعودة العلاقات السعودية الإيرانية، مشيرا إلى أنها ستترك أثرها الإيجابي على مجمل العلاقات الإقليمية في المرحلة المقبلة.
ودعا وزير الخارجية اللبناني إلى الاستفادة من هذه الفرصة، من أجل الخوض في حوار عربي-إيراني على قاعدة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وأفضل علاقات حسن الجوار، وهي النقاط التي اتفق عليها المشاركون في اجتماعات بكين الثلاثية.
في السياق نفسه، طالب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، بضرورة الاستفادة مما جرى من اتفاق بين الدولتين، للدفع باتجاه "التوافق والحوار" بين القوى السياسية لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي في لبنان الممتد منذ 5 أشهر.
aXA6IDE4LjIyNC41NS4xOTMg جزيرة ام اند امز