لارتفاع أسعار الوقود.. معلم لبناني يمتطي فرسا للوصول إلى المدرسة
"الحاجة أم الاختراع"، وما يعيشه اللبنانيون من ظروف اقتصادية صعبة، جعلهم يلجأون إلى أفكار مختلفة للتوفير وتدبر أمور المعيشة.
في شمال لبنان، لم يرفع الأستاذ رائد مرعب شعار "back to school" فقط مع قرب عودة الدراسة، لكنه قرر العودة إلى الجذور واختار أن يمتطي فرسه ليذهب به إلى مقر عمله.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان بعد تداول عدة صور للمعلم الذي وصل إلى مدرسته الثانوية على ظهر حصان.
غلاء
رائد مرعب وهو من بلدة خربة داوود العكارية شمال لبنان، شرح لـ"العين الإخبارية"، لماذا امتطى فرسه إلى محل عمله: "المدرسة تبعد عن منزلي 25 كيلومتراً فهي على الحدود اللبنانية السورية، أي أن كلفة الوصول إليها في سيارتي كبيرة جداً مع وصول سعر صفيحة البنزين إلى ما يفوق الـ300 ألف ليرة، من هنا قررت امتطاء فرسي والانطلاق إلى الثانوية لجلب مسابقات الإكمال لتصحيحها، وقد استغرقت الرحلة معي ساعتين للوصول وفي طريق العودة استغرقت ساعتين ونصف الساعة نتيجة توقفي عدة مرات لإراحة الفرس لاسيما كونها كبيرة في العمر حيث تبلغ نحو 17 عاماً".
منذ بدء الأزمة توقف أستاذ الفيزياء في مدرسة ثانوية عيّاش الرسمية عن استخدام سيارته إلا في الحالات الطارئة، وقال: "لجأت إلى فرسي للتنقل في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها، فشراء البنزين بسعره المرتفع يعتبر كارثة، من هنا أتنقل بها لقضاء جميع مشاويري"، لكن كم يكلفه علفها؟ عن ذلك أجاب: "بين الـ600 ألف ليرة (38 دولارا) ومليون ليرة (47 دولارا) شهرياً، مع العلم أني أعرضها للبيع كون لم يعد باستطاعتي إطعامها كما في السابق".
ردود فعل
وعن رد فعل زملائه عند وصوله إلى المدرسة أجاب: "بالطبع استغربوا كونها سابقة، من هنا طلبت إحداهن تصويري، وقد وافقت على الرغم من أنه معروف عني أني لا أهوى التصوير"، مضيفا: "فوجئت بتداول الصور بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومنتقد للخطوة التي أقدمت عليها".
وأشار مرعب إلى أنه "إلى حد الآن لم تفتح المدارس الثانوية الرسمية أبوابها، وفي ظل ارتفاع أسعار كل الحاجيات لن يكفي الراتب الحالي لأكثر من أسبوع".
وختم قائلاً: "نتمنى من الله أن يستبدل الطبقة الحاكمة الحالية جميعها من دون استثناء بطبقة تضع مصالح الشعب اللبناني نصب أعينها وليس النهب والفساد".
ورغم تأكيد هيئة التنسيق النقابية في لبنان مقاطعتها العام الدراسي 2021-2022، بعد مفاوضات بينها وبين الجهات المعنية وتأكيد وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي تحقيق مطالب المعلمين، إلا أن رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي نسرين شاهين قالت لـ"العين الاخبارية": "أساتذة التعليم الأساسي عادوا إلى التدريس لمدة شهر، وإن لم يتم تنفيذ الوعد نعتبر أن الحكومة مجتمعة راهنت بالعام الدراسي، لأنها لم تؤمن أبسط الحقوق كي يستمر الأساتذة في التعليم".
ولفتت إلى أن "أساتذة الثانوي والمهني والجامعات يرفضون بدء العام الدراسي قبل إقرار الثوابت وهي تصحيح الرواتب والأجور، وزيادة أجر حصة التعاقد، بما يتناسب مع غلاء المعيشة ونسبة التضخم حتى تاريخه، وإعطاء بدل انتقال يساوي نسبة ارتفاع ثمن المحروقات، وأن يشمل جميع العاملين، والإسراع في إصدار البطاقة التمويلية.
ويعاني لبنان من أزمة المحروقات منذ أشهر حيث تسببت ندرة المواد البترولية في ظهور الطوابير أمام المحطات، قبل أن يرتفع سعرها مع رفع الدعم الجزئي عنها من قبل مصرف لبنان، ما ساهم في توافر الوقود، إلا أنه لم يعد بمقدور القسم الأكبر من اللبنانيين شراؤه.