بين معركة شاملة أو صفقة.. جبهة لبنان تحدد مصير الإقليم
على مدى نحو 11 شهرا، اعتبرت إسرائيل غزة ساحة المعركة الرئيسية وتعاملت مع الجبهة اللبنانية على أنها «ثانوية»، لكن المعادلة انقلبت بالكامل قبل أسبوعين.
تحول جعل إسرائيل تتعامل مع لبنان على أنها الجبهة الرئيسية مع تراجع الاهتمام بجبهة غزة، بتصعيد الهجمات الجوية التي وصفت بـ«الأعنف» منذ عام 2006، وتوالي مقتل قادة حزب الله والمخاوف من اندلاع حرب إقليمية.
وغير ذلك التركيز، إلا أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، لم تتوقف، إذ تتواصل عمليات الجيش في مواقع متفرقة في القطاع وكذلك الهجمات الجوية.
فهل يستمر التصعيد على جبهة لبنان؟
أعلنت إسرائيل صراحة أن سبب هجماتها على حزب الله هو ربط الحزب نفسه بغزة ومواصلته الهجمات على شمالي إسرائيل، داعية إياه إلى فصل نفسه عن الحرب على غزة، ووقف الهجمات والانسحاب إلى شمال نهر الليطاني.
وقال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات الإسرائيلية عاموس يادلين في مقال: «على حزب الله، الآن، أن يقرر إذا ما آن الأوان للتخلي عن الصيغة التي أصر عليها نصر الله، والتي تربط جبهة الشمال بغزة، فهذا الإصرار أدى إلى حدوث كارثة لحقت برأس التنظيم، وتشير ردوده الضعيفة نسبياً حتى الآن إلى عمق الضربة التي تلقّاها، وإلى عدم قدرته على توفير رد عملياتي على القدرات الاستخبارية، والهجومية، والدفاعية الإسرائيلية».
وقال فراس ياغي، المحلل السياسي الفلسطيني، لـ«العين الإخبارية»، إن «ما يحدث في لبنان مرتبط بغزة، باعتبار أن حزب الله قد أعلن أن جبهة لبنان هي جبهة إسناد لغزة، ومع مرور قرابة عام الآن تحاول إسرائيل أن تفصل هذه الجبهات عن بعضها البعض».
وأشار إلى أنه بعد أن فشلت إسرائيل بفصل جبهة غزة عن لبنان، تحركت بقوة ضد حزب الله وسط تقديرات بأن ضرب حزب الله هو مجرد البداية لضرب إيران.
وبحسب ياغي فإن إسرائيل تعتقد أيضا أنها إذا ما تمكنت من فرض شروطها على حزب الله في لبنان فإن هذا سيسهل عليها فرض شروطها على «حماس» في غزة، مضيفًا: «إسرائيل أرادت أن تحدث صدمة في داخل لبنان بكل ما قامت به في الأسبوعين الماضيين في محاولة منها لفرض شروطها داخل لبنان».
وبحسب المحلل الفلسطيني، فإن «إسرائيل تريد أولا فصل جبهة لبنان عن غزة بشكل كامل، وبالتالي وقف هجمات حزب الله الصاروخية على إسرائيل، وثانيا: استحداث ترتيبات أمنية جديدة على الحدود تلزم حزب الله بالانسحاب إلى شمال نهر الليطاني، إلا أنها زادت من شروطها اليوم بالحديث عن نزع سلاح حزب الله كما قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس».
واعتبر ياغي أن «ارتباط الجبهتين سيحدد مصير المعركة ككل، بمعنى أن ما يحدث في لبنان هو الذي سيقرر ما سيحدث في غزة»، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمكن من توجيه الأنظار عن غزة من خلال العمليات الواسعة في لبنان.
وتابع: «هرب نتنياهو من استحقاقات صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة عبر التصعيد على الجبهة اللبنانية؛ لأنه يعتقد أن قدرة إسرائيل على تنفيذ شروطها في لبنان ستؤدي بالتأكيد إلى فرض الشروط الإسرائيلية على غزة».
صفقة؟
وأضاف: «لكن عدم مقدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها وشروطها في لبنان سيؤدي إلى صفقات في الشمال والجنوب»، مشيرًا إلى خروج «نعيم القاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، اليوم ليؤكد على تمسك الجماعة اللبنانية بموقفها بإبقاء لبنان جبهة مساندة لغزة، يوحي بأننا أمام معركة طويلة في داخل لبنان حيثياتها وطبيعتها ستنعكس على المنطقة ككل وليس فقط على غزة».
وأقر ياغي مع ذلك بأن الجبهة الرئيسية حاليا هي جبهة لبنان، لكنه أشار إلى أن مسار الأمور في الجبهة اللبنانية سيحدد حتما مآل الأمور في جبهة غزة، متابعًا: الجبهة الرئيسية أصبحت الآن هي لبنان فكل التغطية ستكون عن الجبهة اللبنانية خاصة أن الجيش الإسرائيلي يوجه كل نيرانه وكل أهدافه وكل سياساته وكل إعلامه باتجاه لبنان، وتصبح غزة ثانوية أمام الجبهة الرئيسية وهي لبنان.
وأضاف: «لذلك فإن جبهة الشمال ستحدد إما الذهاب إلى معركة شاملة داخل الإقليم أو الذهاب إلى صفقات مع الشمال أي لبنان والجنوب أي غزة».
وتابع: «شخصيا.. أعتقد اننا ذاهبون الى توسيع حرب إقليمية لأن نتنياهو يريد توسيع الحرب حتى تصل طهران حتى يورط الولايات المتحدة الأمريكية بمعركة في المنطقة».
وعلى ذات الصعيد يقول محللون إسرائيليون إن زعيم حركة حماس يحيى السنوار ليس في عجلة من أمره بالتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل بانتظار رؤية أين تتجه الأمور في الإقليم.
غير أن ثمة سؤالا في إسرائيل عما إذا كان السنوار ما زال على قيد الحياة وإذا ما كان حيا فلماذا لا يصدر عنه أي موقف؟