إرث فرنسا النووي بالجزائر.. تاريخ يلوث الحاضر
أجرت فرنسا أكثر من 17 تجربة نووية في الجزائر في ستينيات القرن الماضي لا تزال شاهدة على التجارب حتى اليوم.
تحت عنوان "الإرث الطويل للتجارب النووية الفرنسية في الجزائر"، نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية تقريرا حول التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في الجزائر.
ونقل التقرير عن عبدالكريم التهامي، الذي كان مراهقا في مايو/أيار 1962، عندما أمره مسؤولون فرنسيون في الجزائر، وجيرانه مغادرة منازلهم في مدينة تمنراست جنوب البلاد.
وأشارت المجلة إلى أن ذلك كان مجرد إجراء احترازي. فقد كانت فرنسا على وشك تفجير قنبلة ذرية، تعرف باسم بيريل، في الصحراء على بعد حوالي 150 كيلومترًا من المدينة، في حضور وزيرين فرنسيين لمشاهدة الاختبار.
وكان من المخطط أن يتم احتواء الانفجار تحت الأرض، لكن الأمور لم تسر كما هو مخطط لها، حيث لم يتم إغلاق الفتحة الموجودة تحت الأرض في موقع الانفجار بشكل صحيح.
وقال التهامي إن "الجبل فوق الموقع تصدع عند التفجير، وانتشر الدخان الأسود في كل مكان وفر الوزيران وكل من كان في الموقع حيث تسربت جزيئات مشعة في الهواء".
بيد أنه خلال الأشهر والسنوات التالية، دأب السكان المحليون على التوجه إلى منطقة الاختبار للحصول على القطع المعدنية الناجمة عن الانفجار لاستخدامها في منازلهم.
وطيلة سنوات، كان هذا الملف غائباً عن المواضيع الخلافية الكثيرة بين باريس والجزائر. إلا أنه، في السنوات الأخيرة، عاد إلى الواجهة وأخذ يطرح عندما تتوتر العلاقات بين البلدين إلى أن تحول إلى نقطة خلافية بارزة بينهما.
وحسب معاهدة منع الأسلحة النووية، يتعين على البلدان المعنية أن "توفر المساعدة لضحايا التجارب النووية، واستخداماتها، وأن تعمل على تنظيف محيط المناطق الملوثة".
غير أن باريس، مثلها مثل الدول النووية الأخرى، رفضت التصديق على هذه المعاهدة التي أقرت في عام 2017.
ووفقا لـ"إيكونوميست"، أجرت فرنسا 17 تجربة نووية في الجزائر بين عامي 1960 و1966، وقع العديد منها بعد استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962، بموجب اتفاق بين البلدين.
ولا توجد معلومات دقيقة عن آثار الانفجارات على الصحة العامة والبيئة، لكن سكان المنطقة أشاروا إلى معاناة بعض الأشخاص الذين عاشوا بالقرب من مواقع الاختبار من أمراض سرطانية وتشوهات خلقية ناتجة عن الإشعاعات، وذكر بعض الناشطين أن المنطقة لا تزال ملوثة.
وأشار الناشطون إلى أن السلطات الفرنسية ترفض الكشف عن المعلومات، وفي 2011 أسس التهامي منظمة "تاوريرت"، التي تهدف إلى تحديد مواقع النفايات النووية التي خلفها الفرنسية.
وقالت المنظمة إن كل ما هو منشور هو جرد للمواد الملوثة المدفونة في مكان ما في الصحراء (مواقع الاختبار المعروفة مؤمنة بشكل سيئ من قبل الحكومة الجزائرية).
ويضغط آخرون على فرنسا لتنظيف المواقع وتعويض الضحايا. ويقول النشطاء إنه تم إحراز بعض التقدم في هذا الاتجاه، لكن ليس بالقدر الكافي.
في 2010 أقر البرلمان الفرنسي قانون مورين الذي يهدف إلى تعويض أولئك الذين يعانون من مشاكل صحية ناتجة عن التعرض للتجارب النووية، ولكن بشروط يصعب توافرها لدى الجزائريين
وفي مايو/ ةأيار الماضي، التقى مسؤولون من فرنسا والجزائر، وهم جزء من مجموعة عمل تم إنشاؤها عام 2008، في باريس لمناقشة تنظيف مواقع الاختبار، ولكن لم يثمر ذلك حتى الساعة.