خامنئي يتوسل للإيرانيين بصور سليماني المركبة لوقف الاحتجاجات
خامنئي لا يزال يعاني من صدمة مقتل سليماني الذي كان يعمل على مد نفوذ طهران بالمنطقة ويتلاعب بالشعب ليؤثر فيه ويتناسى أوضاع البلاد
يعمل النظام الإيراني على صبغ صورة أسطورية وأحيانا مقدسة على بعض رجالاته الملطخة أيديهم بالدماء، في محاولة لإلهاء الناس عن الأوضاع المتردية التي آلت إليها بلادهم وما نجم عنها من احتجاجات.
ومنذ مقتل قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" التابع لمليشيا الحرس الثوري الإرهابية، يقوم الموقع الرسمي للمرشد الإيراني علي خامنئي بنشر صورة تعبيرية لسليماني لإظهاره بشكل أسطوري وخيالي يصل لمرتبة "مقدسة" رغم ضلوعه في العديد من أزمات دول المنطقة.
ووفق مراقبين فإن النظام الإيراني يحتاج لرافعة تعيد إحياءه من جديد بعدما تعرض للكثير من النكبات أبرزها إعادة فرض العقوبات الأمريكية، ومن ثم تردي الأوضاع الاقتصادية الذي كان سبباً في ثورة الشعب الأخيرة التي زلزلت عرش النظام.
وأكدوا أن نظام طهران تصدع سياسيا على وقع حراك الشعب الإيراني منذ ثورته المخملية في 2009 مرورا بموجاته الثورية 2017 – 2018 – 2019، ويحتاج إلى مبرر وجود حقيقي.
ومع كل موجة احتجاجية يهرع نظام المرشد إلى اختراع خطر خارجي لصرف الناس عن الاحتجاج على سوء الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، وهو الأمر الذي تقوم به مليشيات طهران هذه الأيام بافتعال صدام مع الولايات المتحدة.
وفي صباح 3 يناير/كانون الثاني الجاري، وضعت غارة جوية شنتها الولايات المتحدة نهاية للعقل المدبر لنشاط إيران الإرهابي في الخارج، قاسم سليماني قائد فيلق القدس، قرب مطار بغداد.
وعقب مقتله مباشرة، نشر الموقع الرسمي للمرشد الإيراني علي خامنئي صورة تعبيرية للإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، وهو يحتضن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، الذي قتل فجر الجمعة في غارة أمريكية بالعاصمة العراقية بغداد.
واليوم الجمعة، نشر موقع خامنئي صورة جديدة لقاسم سليماني زاعما محاولته لقتل الوجود الأمريكي بالمنطقة العربية بينما قتله صاروخ للولايات المتحدة هو وبعض الموالين لإيران من قادة المليشيات بالعراق.
الصورتان أعادتا للأذهان صورة تخيلية للمرشد الإيراني في القدس، الأمر الذي يؤكد أن النظام في طهران لا يجيد سوى استغلال المقدسات الدينية والمتاجرة بها، فتارة يحاول إيهام العقل الجمعي للشعب الإيراني بأن ما حدث لسليماني يشبه تماماً ما حدث للإمام الحسين بن علي والعباس بن علي (الأخ غير الشقيق للإمام الحسين) رضي الله عنهما في معركة كربلاء.
وتارة أخرى يدغدغ النظام في طهران المشاعر بإطلاق يوم للقدس، مستغلا القضية الفلسطينية لكسب العواطف وتجنيدها لصالح المشروع الإيراني التوسعي.
وعلى مدى 40 عاما منذ اندلاع ثورة الخميني لم تقدم إيران شيئا يذكر للقدس، وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم يسقط لها قتيل واحد بسبب إسرائيل.
ولم تفعل الثورة الإيرانية أي شيء منذ عام 1979 وحتى الآن سوى دعم الانفصال والانقسام بين الفصائل الفلسطينية، عبر دعمها حركة حماس على حساب فتح، وتعزيز الشقاق بين شرائح الشعب الفلسطيني.
وخاض "فيلق القدس" مواجهات على عدد من الجبهات في العراق وأفغانستان وباكستان وسوريا واليمن ولبنان، لكنه لم يفتح أي مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وعمدت إيران إلى استخدام فيلق القدس من أجل تحقيق أهداف السياسة الخارجية الإيرانية، ما أدى إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
ووفق متابعين للشأن الإيراني، فإن خامنئي لا يزال يعاني من صدمة مقتل سليماني الذي كان يعمل على مد نفوذ طهران بالمنطقة.
ويتلاعب المرشد بالشعب ليؤثر فيهم عبر هذه التصاوير حتى يتناسوا الأوضاع المزرية التي تعيشها البلاد.