صحيفة فرنسية: إيران السبب الرئيسي في زعزعة أمن أفغانستان
صحيفة لوموند الفرنسية رصدت عدة أسباب جعلت كابول أهمية استراتيجية لطهران
كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن إيران لها يد في استمرار إثارة القلق في أفغانستان وزعزعة استقرارها وأمنها، ونقلت الصحيفة شهادات لمسؤولين أمنيين أكدوا أن "هجوم طالبان على مدينة فرح المجاورة للحدود مع إيران في مايو/أيار الماضي تم بإيعاز من طهران".
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن أفغانستان ترى في إيران تهديدا على أمنها، وتخشى أن تقع ضحية التوترات المتزايدة مع الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة أن طهران الممول الرئيسي لحركة طالبان في المقاطعات الغربية المتاخمة لحدودها، موضحة أنه "في 15 مايو/أيار الماضي هاجم ملثمون يرتدون الأسود مدينة "فرح" الأفغانية، الضاحية القريبة من الحدود الإيرانية في عملية استخباراتية مدبرة، إذ استهدفوا مكاتب لأجهزة المخابرات الأفغانية ومركزين للشرطة.
ونقلت "لوموند" عن رئيس المخابرات الأفغانية السابق منان فراحي قوله: "إن معلومات المخابرات الأفغانية أكدت أن إيران هي التي دفعت طالبان لشن هذا الهجوم، ونعرف جيداً أن إيران تقود حركة طالبان على الأراضي الأفغانية، خاصة في ضاحية سيستان بالوتشيستان، كما يرسلون لهم المال والذخيرة ويوفرون المساعدات الطبية، كما تقيم أسر مقاتلي طالبان في إيران".
وأضاف فراحي أن عدداً من المسئولين في كابول أكدوا هذه المعلومات تحديداً، مشيراً إلى أنهم يرون أن إيران تشكل تهديداً متزايداً، في حين أن طهران تلقي اللوم دوماً على الحكومة في كابول علناً فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية في محاولة لإقناعهم أنهم ليس لديهم يداً في ذلك.
وتابع المسئول الأمني السابق أن المسئولين في كابول يخشون أن تقع بلادهم ضحية التوترات بين جارتها إيران التي تسعى لتدمير البلاد، والولايات المتحدة التي تقف بجانب الحكومة الأفغانية منذ عام 2001، وتنشر أكثر من 14 ألف جندي على أراضيها لحمايتها".
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مسئول أمني رفيع المستوى، لم تسمه قوله: "إن الإيرانيين كلما يتعرضون لأي أزمة يحولون بلادنا إلى جحيم من أجل الولايات المتحدة، أفغانستان هي الضحية الوحيدة في النهاية".
لعبة طهران في كابول
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران تتخذ طالبان أحد أذرعها لتحقيق مآربها، بعدما كانت هذه الحركة المتشددة عدوا قديما لـ"إيران"، إذ عانت طهران من نكسة حقيقية عندما سيطرت طالبان على كابول عام 1996".
وأضافت "لوموند" أنه "بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، كانت إيران تزعم أنها تعمل مع الولايات المتحدة للإطاحة بحركة طالبان ومطاردة حلفائهم من تنظيم القاعدة في البلاد، كما تعاون الدبلوماسيون الإيرانيون مع نظرائهم الأمريكيين فيما يتعلق بالمعلومات الاستخبارية والمقترحات لخطط المعركة.
وتابعت: وفي وقت لاحق، قامت إيران بالضغط على تحالف الشمال "ائتلاف هام للجماعات المسلحة من شمال أفغانستان"، لتسهيل الانتقال السياسي السلمي في أفغانستان.
وعاد المسئول بالمخابرات الأفغانية، فراحي قائلاً:" إن زعيم طالبان الملا محمد منصور التقى خلال زيارته لإيران مسؤولين رفيعي المستوى من مليشيا الحرس الثوري، ومسؤولي العمليات الخاصة والمخابرات الخارجية، وممثلين للحكومة الروسية"، موضحاُ أن إيران اعترفت رسمياً في 2016 أن لديها قنوات اتصال مع طالبان ولكن بصورة غير رسمية مع الحركة".
وحذر رئيس المخابرات الأفغانية السابق طهران قائلا: "نقول لإيران أنتم تطلقون النار على أنفسكم، فإذا وقعتم مع طالبان فإنهم سينقلبون عليكم لمطاردتكم فإنهم ليسوا لديهم عهد أو مبدأ"، مشيراً إلى أنه من جهة أخرى إذا انهارت أفغانستان فستكون هناك هوة والتي من شأنها زعزعة استقرار إيران عاجلاً أم آجلاً".
أهمية أفغانستان الاستراتيجية لإيران.. حرب المياه والموانئ والمليشيات
من جهته، قال وزير الداخلية الأفغاني السابق محمد عمر داودزاي إن" الإيرانيين يفضلوننا ضعفاء"، موضحاً أنه" من مصلحتهم أن تظل أفغانستان مجزأة لإتاحة الفرصة لبناء سدود على الأنهار الحدودية لتزويد إيران بالمياه لإنقاذ إيران من الجفاف الذي تعاني منه منذ سنوات، الأمر الذي تعارضه أفغانستان"، حسب ما نقلت "لوموند".
وعلى صعيد آخر، قال الدبلوماسي الأفغاني أشرف حيدري في كابول إن "لإيران مصلحة في العمل مع جارتها أفغانستان، فمنذ توقيع الاتفاقية النووية الدولية في يوليو/تموز 2015، ركزت طهران بشكل كبير على تطوير ميناء شبهار، في إقليم سيستان بلوشستان الحدودي (في جنوب إيران)"، موضحاً أن "طهران تريد أن تجعله مركزاً لحركة الملاحة البحرية الإقليمية والمنفذ المميز لجارتها الأفغانية، و"بفضل شبهار أصبحت تجارتنا مع إيران تتجاوز حجمها مع باكستان".
بدوره، قال عميل أفغاني سابق لمليشيات الحرس الثوري الإيراني "إن أفغانستان ليست بلداً عاديا بالنسبة لإيران، موضحاُ أن إيران تستغل البعد الإيديولوجي لبعض المناطق في أفغانستان لتجنيد أبنائها في صفوف مليشياتها لاستغلالهم في عملياتها الخارجية خاصة في سوريا والعراق.