تحشيد عسكري جنوبي ليبيا.. هل يتكرر سيناريو 2019؟
بينما تستعد ليبيا للدفع بحكومة جديدة توحد شرقي وغربي البلاد، تمهيدا لإجراء انتخابات لطالما عرقلتها «القوة القاهرة»، بات البلد الأفريقي على أبواب «انتكاسة» قد تبعثر جهود الفترة الماضية.
فمحيط الجنوب الغربي لليبيا شهد خلال الأيام الماضية تحشيدا عسكريا غير مسبوق، بين قوات موالية للجيش الليبي وأخرى تابعة لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، ما أثار تساؤلات بشأن إذا كانت تلك المنطقة الاستراتيجية على أبواب تكرار سيناريو 2019.
فماذا يحدث في جنوب غربي ليبيا؟
قبل أيام، أعلنت الكتيبة 17 حرس الحدود التي تسيطر على معبر الدبداب البري بين ليبيا والجزائر، حالة النفير العام للقوة المساندة لها وكل القوة العمومية، مطالبة تلك القوات بضرورة التمركز في أماكن عملها، ورفع درجة التأهب والاستعداد والتوجه إلى مطار غدامس لحالة النفير القصوى، بهدف مواجهة قوات اللواء 444، ومنعها من القدوم إلى غدامس.
وكانت الكتيبة 17 حرس حدود التابعة لقوات آمر المنطقة العسكرية بالجبل الغربي، اللواء أسامة جويلي، المحسوب على الجيش الليبي، أعلنت إصابة اثنين من عناصرها في عملية لمواجهة المهربين في المثلث الحدودي بين ليبيا وتونس والجزائر.
واتهمت الكتيبة مجموعات موالية لروسيا بإصابة عناصرها، مؤكدة أنها تحشد قواتها لمهاجمة تجمعاتهم قرب غدامس.
وفي السياق نفسه، أعلنت قوات تابعة للجيش الليبي عن «عملية عسكرية تهدف إلى تأمين الحدود الجنوبية للبلاد وتعزيز الأمن القومي واستقرار البلاد في هذه المناطق الاستراتيجية، ونشر دوريات لمراقبة الشريط الحدودي مع دول الجوار».
وأوضح بيان لقوات تابعة للجيش الليبي أن الوحدات الموضوعة «تحت الإشراف المباشر لصدام حفتر، تتجه نحو مدن ومناطق جنوب غرب ليبيا».
في السياق نفسه، قال اللواء 128 معزز التابع للجيش الليبي إن قوة من الوحدات العسكرية باللواء توجهت رفقة باقي الوحدات برئاسة أركان القوات البرية إلى مختلف مدن ومناطق الجنوب الغربي لليبيا، بهدف وضع خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية للوطن وتعزيز الأمن القومي للبلد واستقراره.
جاء ذلك تنفيذا لتعليمات القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير أركان حرب خليفة حفتر بشأن التعبئة الدائمة والاستعداد لتنفيذ المهام على أكمل وجه، وبناءً على توجيهات رئيس أركان القوات البرية اللواء صدام حفتر بشأن الاستعداد الدائم لتنفيذ التعليمات، وبحضور آمر اللواء 128 المعزز العميد حسن معتوق الزادمة، بحسب البيان.
الأمر نفسه أشارت إليه شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي، قائلة في بيان اطلعت «العين الإخبارية» على نسخة منه، إنه بهدف تعزيز تأمين المناطق الحدودية تحركت وحدات تابعة لرئاسة أركان القوات البرية نحو المناطق الجنوبية الغربية.
كيف ردت قوات الدبيبة؟
في المقابل، رفعت القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) مستوى التأهب في جنوب غرب البلاد، استعدادا لـ«هجوم محتمل»، في إشارة إلى هجوم قد تقوده قوات الجيش الليبي.
وطالبت قوة العمليات المشتركة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) منتسبيها بضرورة «الوجود فورا بمقر القوة بكافة تجهيزاتهم ومعداتهم، كون الأمر بالغ الأهمية».
بيان قوة العمليات المشتركة جاء استنادا إلى تعليمات من معاون رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الفريق صلاح النمروش، إلى عناصر قواته، بضرورة رفع درجة الاستعداد لصد أي هجوم محتمل، في إشارة إلى القوات التابعة للجيش الليبي.
الأمر نفسه، أشار إليه الجهاز الوطني للقوى المساندة التابع لحكومة الوحدة الوطنية، والذي قال في بيان عبر صفحته الرسمية بـ«فيسبوك»، إنه على منتسبي وحداته القتالية كافة الالتحاق بوحداتهم على وجه السرعة، ورفع درجة الاستعداد القصوى.
هذه الاستعدادات تهدف إلى «التصدي لأي تهديدات تستهدف زعزعة الأمن في أي منطقة من بلادنا، سواء من تنظيمات إرهابية أو إجرامية أو مجموعات خارجة عن القانون أو مرتزقة أو من يهدد أمن أي مدينة ليبية»، بحسب البيان.
هل يتكرر سيناريو 2019؟
على الرغم من أن الطرفين لم يشيرا صراحة إلى نيتهما القتال ضد بعضهما، فإن احتمال الاحتكاك بينهما وارد، لطبيعة الأوامر الصادرة لقوات كلا الطرفين، ولاعتبار حكومة الغرب التي يقودها عبدالحميد الدبيبة أن تلك المنطقة (الجنوب الغربي) تابعة لها، إلا أن الجيش الليبي الذي تمكن من تأمين المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب الليبي، يرى في تلك البقعة تهديدا لليبيا، يسعى لتحييده.
وبالقرب من الحدود الجنوبية الغربية في ليبيا حيث شمال مالي، شهدت تلك المنطقة معارك بين مقاتلي الحركة الأزوادية وقوات تابعة لروسيا، إضافة إلى ظهور قوات مدججة بالسلاح، مما جدد نشاط التحركات العسكرية في تلك المنطقة، بشكل اعتبره الجيش الليبي تهديدا للبلاد.
وأمام تلك التوترات أعرب مراقبون عن مخاوفهم من تكرار سيناريو 2019، الذي شهد معارك بين الجيش الليبي وقوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني -آنذاك-، استمرت أشهرا، قبل أن يتراجع الجيش الليبي إلى الجفرة وسرت وسط ليبيا.
ويقول الخبير في الشؤون الليبية في مركز "المجلس الأطلسي" للأبحاث عماد بادي إن "غرب ليبيا غارق الآن في اضطرابات كبيرة في سياق حشد (قوات) حفتر، الذي ينظر إليه البعض على أنه مقدمة لهجوم محتمل على طرابلس".
aXA6IDMuMTQ0LjEwMy4yMCA= جزيرة ام اند امز