ليبيا 2025.. بين «صراع المليشيات» وجهود توحيد المؤسسة العسكرية
حالة من الفوضى الأمنية شهدتها ليبيا خلال 2025، جراء اشتباكات المليشيات المسلحة في غرب البلاد، من العجيلات، والزاوية إلى العاصمة طرابلس
، مما انعكس سلبًا على أمن المدنيين واستقرار المناطق.
ففي 12 يناير/كانون الثاني 2025، اندلعت اشتباكات دامية بين عدة مليشيات استمرت أسابيع في العجيلات غرب طرابلس، استخدمت فيها أسلحة متوسطة وثقيلة؛ مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، فضلا عن اضطرار بعض العائلات للنزوح من تلك المناطق.
اشتباكات متتالية
كما شهدت مدينة صبراتة في 4 أبريل/نيسان 2025، اشتباكات عنيفة بين مليشيات "العمو" و"الفلاح" بسبب السيطرة على المعابر وطرق التهريب — ما أرعب المدنيين ودفع بالكثير للنزوح.
وفي الـ6 من أبريل/نيسان، اندلعت موجة من الاشتباكات المسلحة في الزاوية أدت لسقوط قتلى وجرحى مدنيين، وتضرّر كبير في المنازل والممتلكات، والتي بلغت ذروتها في 23 أبريل/نيسان 2025 باشتباكات مسلحة عنيفة في منطقة "الركينة" استخدمت خلالها أسلحة خفيفة وثقيلة وقذائف عشوائية أسفرت عن قتلى ومصابين مدنيين.
حرب العاصمة
الانفجار الأكبر كان في مايو/أيار 2025، حين تصاعدت الاشتباكات في العاصمة بعد مقتل المليشياوي البارز عبدالغني الككلي المعروف بـ"غنيوة"، مما تسبب في دخول مليشيات متعددة في مواجهة بشوارع أحياء سكنية ومحيط مطار العاصمة، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وتعطّل الحياة اليومية، وخروج احتجاجات شعبية طالبت بتشكيل حكومة جديدة.
كما حدثت العديد من الاشتباكات الأخرى وصلت إلى الاعتداء على بعض مؤسسات الدولة، خاصة في مدينة الزاوية، حين تصاعدت الاشتباكات، على طول الطريق المؤدي إلى مصفاة النفط.
وحينها أبدت شركة الزاوية لتكرير النفط قلقًا بالغًا مما يجري بالقرب من المجمع النفطي، محذرة من تهديد مباشر قد يطول المنشآت النفطية والعاملين فيها.
كما كشفت الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب، في 29 مايو/أيار 2025 عن اقتحام مجموعة مسلحة تُطلق على نفسها اسم «وحدة السيطرة» لمقر المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس، والسيطرة على أجزاء منه، مهددة بإعلان حالة «القوة القاهرة» على حقول وموانئ النفط، على خلفية الهجمات.
توحيد المؤسسة العسكرية
ورغم هذا التصعيد، ظهر في 2025 بعض المساعي الرامية إلى احتواء الفوضى وتوحيد القوات المسلحة، وعلى رأسها اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في القاهرة 12 فبراير/شباط 2025 بعد انقطاع لـ9 أشهر.
ونجحت المؤسسات الليبية العسكرية في تحقيق تقدم بتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، بالاتفاق على تحديد موقع المركز المشترك لأمن الحدود، والذي يهدف إلى تعزيز تبادل المعلومات والاتصالات بشأن أمن الحدود بين الأجهزة الليبية المختلفة.
وقبل نهاية العام بأيام، سقطت طائرة رئيس أركان حكومة الوحدة الوطنية، الفريق أول ركن محمد الحداد، في العاصمة التركية أنقرة، ما أدى إلى مصرعه وعدد من مسؤولي الجيش، وفقا لإعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.
وكلف رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، معاون رئيس الأركان، صلاح الدين النمروش، برئاسة الأركان مؤقتًا، حتى يتم تعيين رئيس جديد.
تحدي المليشيات
ويقول المحلل العسكري الليبي محمد الترهوني إن عام 2025 جاء «نسخة كربونية من عام 2024»، مؤكداً أن المشهد الأمني في طرابلس لم يتغير، بل ظل محكوماً بصراعات المليشيات التي وصفها بأنها «بيادق في آلة حرب تُدار بحسب من يدفع ويمنح الولاء المطلق».
وأضاف الترهوني في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن مليشيات المنطقة الغربية باتت تتحرك وفق حسابات قوى سياسية وحكومية متعاقبة، مضيفًا: «السيناريو نفسه يتكرر.. وما حدث مع عبدالغني كيكلي مثال واضح على استخدام المليشيات في تصفية الخصوم السياسيين».
وبحسب المحلل العسكري الليبي، فإن هذه المجموعات المسلحة، داخل طرابلس وخارجها، لا تعمل وفق مشروع وطني بل وفق منظومة الولاء مقابل النفوذ، مشيراً إلى أن بعضها يدين بالولاء لتيارات متطرفة، قال إنها تتمتع اليوم بسيطرة واسعة وقدرة على التأثير في قرارات الحكومة وتوجيه مواقف تيارات سياسية مختلفة.
وشدد على أن الحديث عن توحيد المؤسسة العسكرية في ظل هذا الواقع يبدو «أمراً غير قابل للتحقق»، مؤكدا أنه في ظل استمرار نفوذ هذه المليشيات والتيارات المسلحة في طرابلس والمنطقة الغربية بأكملها لا يمكن الحديث عن توحيد مؤسسة عسكرية وطنية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA==
جزيرة ام اند امز