بعد نيل الثقة.. ماذا تنتظر ليبيا من "الدبيبة" الآن؟
تخطت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، الاختبار الأول لها بنجاح، بنيلها ثقة البرلمان، لكن عليها تجاوز مجموعة من الاختبارات الصعبة الأخرى.
خبراء ليبيون أكدوا أن نيل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة "ثقة مجلس النواب" دليل على نجاحه في توحيد السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ويأمل الخبراء أن يتمكن الدبيبة من تجاوز التحديات التي ستواجهه في محاولة توحيد المؤسسات الليبية الأخرى.
ومنح مجلس النواب الليبي، الأربعاء، الثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بعدد أصوات وصل إلى 132 نائبًا.
واستخدمت آلية التصويت المباشر برفع الأيدي بدلا من التصويت السري؛ وقد استلزم منح الثقة للحكومة حصولها على "50%+1" من إجمالي أصوات النواب عبر آلية التصويت المباشر برفع الأيدي بدلا من التصويت السري.
نجحت بالفعل
أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية الدكتور يوسف الفارسي، أكد أن منح الثقة لحكومة الدبيبة "هو نجاح استباقي لها"، واصفا ذلك بأنه "استحقاق تاريخي مميز".
ولفت إلى نجاح الدبيبة في توحيد السلطتين التشريعية والتنفيذية بعد فترة معاناة طويلة من الانقسام، موضحاً أن الانشقاق تسبب في تردي الخدمات وسوء الأحوال المعيشية وإهدار المال العام.
وتابع الفارسي: "ما حدث إنجاز واجب رغم عدم دراية الليبيين الكافية بخلفيات بعض الوزراء وتوجهاتهم وخبراتهم، ولكن تغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية الضيقة شيء إيجابي لدعم الاستقرار والأمن".
ويمثل اجتماع النواب في سرت "خطوة مهمة" على الصعيد المعنوي في دعم المصالحة، لأن الطرف المقابل كان غير مقتنع بالأمن في المدينة.
وأثبتت جلسة البرلمان الليبي للعالم كله أن القيادة العامة للجيش الليبي لم تكن يوما معرقلة لجهود توحيد هذه البلاد، وعملت على تأمين سرت وأثبتت للفرقاء والمجتمع الدولي أنها آمنة، بحسب الفارسي.
عودة المهجرين
على أرض وطنية وبحماية وإجراءات ليبية.. ثلاثية اعتبرها رئيس ديوان المجلس الأعلى لأعيان ومشايخ ليبيا، الدكتور محمد مسعود المصباحي "فرحة واستحقاقا مهما لليبيين".
وقال المصباحي لـ"العين الإخبارية": "نبارك لأنفسنا على هذا الاستحقاق، وسنصل بفضله إلى الانتخابات العامة في ليبيا يوم 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل".
وأشار إلى أن حكومة الدبيبة لديها العديد من التحديات، خاصة ما يتعلق بتوحيد جميع مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى مشكلة الفقر وتدني مستوى معيشة الليبيين، وملف المرتزقة وجمع السلاح ودعم المفوضية العامة للانتخابات.
ولفت إلى أن هناك تحديات أخرى أمام الحكومة، وتتمثل في عودة المهجرين وإخراج السجناء والمصالحة الوطنية وإعادة النسيج الوطني.
المرتزقة
يجمع الخبراء الليبيون -ومن بينهم المحلل السياسي الليبي ناصف الفرجاني- على أن الحد من النفوذ الأجنبي وطرد المرتزقة هو التحدي الأكبر لـ"الدبيبة" ووزرائه الآن.
وأكد الفرجاني لـ"العين الإخبارية"، ضرورة التخلص من تبعات التدخل الأجنبي، وما خلفه من مرتزقة وأسلحة لدى مجموعات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة وأخرى كانت تعمل تحت غطائها السياسي.
واعتبر أن توحيد المؤسسة العسكرية بدعم مسار اللجنة العسكرية المشتركة واستعادة السيطرة على السجون خارج القانون والتي ارتكبت بها العديد من المجازر في حق الليبيين "أمر ضروري الآن".
ونبه إلى ملف المصالحة الوطنية ومعالجتها بطرق صحيحة برفع الضرر وتفعيل القانون، مؤكداً أنه إذا نجح المسار العسكري والأمني فستنجز مهمة الانتخابات.
الغرب الليبي
ويؤمن المحلل السياسي الليبي الدكتور كامل المرعاش بأن أول اختبار لقدرة رئيس الحكومة على تحقيق برنامجه هو فتح الطريق البري بين مدينة سرت وباقي مدن الغرب الليبي، وتحديدا إلى مصراتة.
وأضاف أن هذا الجزء من الطريق تسيطر عليه مليشيات مسلحة من مصراتة، حاول معها فتحه قبل أن تحصل حكومته على الثقة، متسائلا: "هل يفلح الآن دون تلبية ابتزاز هذه المليشيات التى طلبت ما يزيد على 250 مليون دينار ليبي لفتح الطريق؟".
ويرى المرعاش أن سياسة الترضيات التي أفضت إلى حكومة موسعة سلاح ذو حدين، فهي من جهة نجحت في نيل الثقة ومن جهة أخرى ستكون عامل إرهاق وصعوبة.
أما المحلل السياسي الليبي سعيد رشوان فأشار إلى التحديات الاقتصادية خاصة انقسام المؤسسات منها مصرف ليبيا المركزي والموارد النفطية التي تحتاج إلى إصلاح ومعالجة الإهمال الإداري فيها.
ونبه إلى حاجة الودائع الخارجية المجمدة إلى مجهود كبير هي والاستثمارات القائمة لإعادتها، ناصحا الدبيبة بالتحرك سريعا لتوحيد المؤسسات لفك السيولة المحتجزة.
وحذر من الفساد الضخم المستشري في بعض المؤسسات المالية التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة ومنها وزارة الاتصالات.
ولفت إلى أن الجماعات المسلحة تسيطر على الحوالات والأنشطة التجارية الخارجية والاعتمادات وتحارب أبرز مصادر الدخل في ليبيا.
وعقب إعلان نتيجة التصويت، توجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، بالشكر إلى مجلس النواب على التئامه ومنحه الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، داعيًا المجلس إلى الالتئام في كل مدن ليبيا.
وأمام البرلمان، قال الدبيبة، إن المجلس أمامه استحقاقات كثيرة عليه الاجتماع بشأنها قبل انتهاء الفترة الانتقالية، وهي الميزانية الموحدة وقانونا الاستفتاء والحكم المحلي ثم انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2021.
وتعهد رئيس الحكومة الدبيبة، بدعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات والوصول بليبيا إلى الانتخابات المقررة أواخر العام الجاري.
aXA6IDM1LjE3MS4xNjQuNzcg جزيرة ام اند امز