مخاوف ليبية من إفراز ملتقى غدامس لمرحلة انتقالية جديدة
مراقبون يرون أن الملتقى الوطني الجامع، المقرر انعقاده منتصف الشهر المقبل، نسخة معدلة من المشاركين في اتفاق الصخيرات الذي وقع عام 2015.
حسم المبعوث الأممي إلى ليبيا الدكتور غسان سلامة الخلاف حول موعد الملتقى الوطني الجامع، وذلك لوضع خارطة طريق محددة تنهى الفترة الانتقالية التي تعيشها البلاد منذ ثمان سنوات.
وأعلن سلامة أن الملتقى الوطني الليبي ستعقد فعالياته يومي 14 و16 أبريل/نيسان المقبل في مدينة غدامس الليبية، لوضع خارطة طريق تخرج البلاد من حالة الانسداد السياسي الراهنة.
ويرى مراقبون أن الملتقى الوطني الجامع، نسخة معدلة من مشاورات اتفاق الصخيرات الذي تم توقيعه منتصف ديسمبر/كانون الأول 2015، لكن بمشاركة أوسع وتحديدا من المكونات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وذلك لتوسيع قاعدة المشاركة لممثلي الأطياف والمكونات السياسية والاقتصادية والعسكرية كافة في الأراضي الليبية.
ملتقى يتسم بالضبابية
عضو مجلس النواب الليبي محمد العباني يقول: "إن الملتقى الوطني الجامع ضبابي"، مؤكدا أنه يتخوف من أن يكون الملتقى سبيل لتمديد المرحلة الانتقالية، وما أفرزته من متاعب ومصاعب للشعب الليبي.
وتخوف العباني من أن يكون الملتقى محاولة لعرقلة الجيش الليبي على تحرير كافة البلاد، وتدويرا للوجوه السياسية التي ساهمت في سرقة المال العام، وبالتالي لن يكون هناك مردود اقتصادي في البلاد.
وأكد عضو مجلس النواب الليبي، في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، اليوم الاثنين، أنه يتخوف من الإبقاء على بعض الوجوه الاقتصادية التي تسببت في كارثة أضرت بالاقتصاد الليبي، متوقعا أن الملتقى الجامع لن ينجح في الوصول لأي حل للأزمة الليبية، ولن يقدم أي جديد ينتظره الشعب الليبي.
وأشار البرلماني الليبي إلى أن الشعب الليبي يأمل في مواصلة الجيش الوطني لعملياته لتطهير البلاد من العصابات المسلحة التي تبتز الشعب الليبي، ولإقامة سلطة وطنية موحدة في الدولة الليبية للانتقال إلى بناء دولة مدينة تكون أولى خطواتها إجراء استفتاء على الدستور تعقبه انتخابات عامة.
وأكد العباني أن الاتجاه نحو الاستفتاء على الدستور في صيغته الحالية لابد أن يتم اتخاذه الآن.
التزام برلماني مشروط
وفي سياق متصل رحب عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي بكل المبادرات المحلية والدولية التي من شأنها جمع شتات الليبيين وإنهاء أزمة الانقسام السياسي وتوحيد مؤسسات الدولة، استعدادا لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية والخروج من المرحلة الانتقالية.
وأكد برلمانيون ليبيون، في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، التزام البرلمان "المشروط" بالتعامل بشكل إيجابي مع أي توصيات تنتج عن الملتقى الوطني، على ألا تؤدي هذه المخرجات لمزيد من التفريط في حق الليبيين في سيادتهم على أراضيهم المكفولة بميثاق الأمم المتحدة وبكل المواثيق والمعاهدات الدولية.
وشدد أعضاء بالبرلمان الليبي على ضرورة أن يراعى في مخرجات الملتقى الجامع تماشيها أو عدم معارضتها على الأقل للإعلان الدستوري وتعديلاته الأحد عشر والاتفاق السياسي المعدل المضمن فيه.
وأعلن البرلمانيون الليبيون عدم تلقي مجلس النواب بشكل رسمي دعوة للمشاركة في الملتقى الجامع، مؤكدين أن أي مشاركة بشكل فردى لأي من أعضائه أو رؤساء لجانه الدائمة والمؤقتة أو مقرريه أو مراقبيه أو أحد أعضاء مكتب رئاسته، فإن آراء المشارك لا تمثل مجلس النواب الليبي، وبالتالي لا تترتب عليها أي التزام قانوني على المجلس.
وشددوا على ضرورة تذكير الليبيين المشاركين بالملتقى الجامع بأن البرلمان قد استكمل استحقاقات الخروج من المرحلة الانتقالية، وذلك بإقراره قانون الاستفتاء وإحالته للمفوضية منذ أربعة أشهر كاملة وكافية لإجراء الاستفتاء، وهو على استعداد تام لإصدار قانوني الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وحذروا من أي محاولة داخلية أو خارجية لجر البلاد إلى مرحلة انتقالية جديدة، قد تدخل البلاد في مزيد من الفوضى، داعين إلى أن يتم إجراء الانتخابات للخروج النهائي من المرحلة الانتقالية وليس للدخول في مرحلة انتقالية أخرى.
تحديات في طريق انعقاد الملتقى
وتواجه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تحديات، أبرزها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في البلاد، وذلك في ظل تمسك جماعة الإخوان الليبية بعدم الدخول في أي عملية انتخابية خلال العام الحالي إلا بعد إنجاز الدستور الليبي، وهو ما يشكل تحديا كبيرا للبعثة الأممية التي تأمل في إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية أولا قبيل الشروع في كتابة دستور جديد للبلاد.
ويحاول المبعوث الأممي إلى ليبيا عدم الكشف عن جدول أعمال الملتقى وأسماء الشخصيات المشاركة فيه، خوفا من الحملات الإعلامية وتحركات بعض الدول الإقليمية، لإفشال الملتقى الجامع أو توجيه بعض المشاركين لإثارة قضايا أخرى خلافا لما وضعه المبعوث الأممي غسان سلامة، وذلك بعد عقد اجتماعات مكثفة مع كافة الأطراف والمكونات الليبية للترتيب للملتقى الوطني الجامع.
وطالب غسان سلامة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس دعم الملتقى الجامع، وحشد دولي لإنجاح أعماله، وهو ما يفسر سبب تخطيط الأمين العام للأمم المتحدة للسفر إلى ليبيا، للقاء الأطراف الرئيسية للأزمة، وحثهم على التوصل لاتفاق ينهي المرحلة الانتقالية في البلاد.
وحتى الآن لم يتضح بعد هوية المشاركين في الملتقى الوطني الجامع، ولم يتم توضيح كواليس الملتقى والآلية التي سيتم بها تفعيل مخرجات الملتقى، وهل مخرجاته ستكون توصيات أم ملزمة لكل الأطراف، ومصير مجلس النواب الليبي بعد تلميح غسان سلامة بإمكانية تقديم مقترح بديلا منه حال استمر المجلس ورئيسه في "عرقلة التشريعات".
ويعد الهاجس الأمني أبرز التحديات التي تواجه المبعوث الأممي غسان سلامة قبيل عقد الملتقى الجامع، وهو ما يفسر اللقاءات التي تجريها ستيفاني وليامز نائبة المبعوث الأممي مع شيوخ وعواقل ورؤساء بلديات المنطقة الغربية لليبيا خلال الأسابيع الماضية.
فيما لم توضح القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية موقفها بعد من الملتقى الجامع، وهل ستشارك في الملتقى بممثلين عنها أم ستكتفي بمشاركة ممثلين بمجلس النواب الليبي، ولم يوضح المتحدث العسكري الليبي اللواء أحمد المسماري موقف قيادة الجيش من الملتقى الذي أعلن عنه غسان سلامة، لكن الواضح للعيان أن المبعوث الأممي إلى ليبيا أطلع كافة الأطراف الرئيسية في ليبيا بما فيهم قيادة الجيش الليبي على التفاصيل الكاملة للملتقى قبيل الإعلان عن موعده في مدينة غدامس.
من جانبه، أكد الناشط الحقوقي والخبير في شؤون الجماعات الإرهابية محمد جبريل اللافي عدم وجود تحديات في طريق الملتقى الجامع شأنه شأن الصخيرات، مشيرا إلى وجود أطماع لدى بعض الدول الداعمة للتيار الإسلامي في ليبيا، موضحا أن الإخوان يرغبون في تحقيق مصالحهم مقابل ضمان وجودهم في السلطة.
وأعرب اللافي، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، اليوم الاثنين، عن انزعاجه من عدم الاهتمام بعمليات نزع سلاح الجماعات الخارجة عن الشرعية، مشددا على أهمية عدم خلق أي كيانات مسلحة موازية للمؤسسة العسكرية الانضباطية، مؤكدا أنه لا يمكن التعويل على خارطة سياسية منتظرة من الملتقى الجامع الذي يشارك فيه شخصيات فشلت في التعاطي مع أزمة ليبيا خلال توليها السلطة.