فيضانات ليبيا.. هل تمنح "إكسير الحياة" لصندوق الخسائر والأضرار؟
ما أشبه الليلة بالبارحة، فكما وصفت "فيضانات باكستان"، بأنها كانت المحرك الأساسي لمفاوضات ما قبل قمة "COP27".
حيث قادت فيضانات باكستان آنذاك إلى إدراج قضية إنشاء صندوق الخسائر والأضرار على أجندة المفاوضات
وأيضا فإن الخبراء يعولون آمالا عريضة على "فيضانات ليبيا"، والتي وقعت هي الأخرى قبل نحو شهرين من قمة المناخ "COP28" التي تستضيفها دولة الإمارات في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، كي تعطي "إكسير الحياة" لهذا الصندوق، خلال القمة.
وانتهى المشاركون في "COP27" دون أن يتفقوا على آلية لتفعيل صندوق الخسائر والأضرار، الذي اتفقوا من حيث المبدأ على انشائه خلال القمة، تاركين مناقشة تفاصيل تفعيله إلى لجنة انتقالية تم الاستقرار على تشكيلها خلال القمة، وقالوا إن هذه اللجنة سترفع توصياتها إلى "COP28" في دولة الإمارات، لإقرار تفاصيل الصندوق من حيث هيكلته وآليات تمويله، والدول المستفيدة من التمويل، ونوع الخسائر والأضرار التي سيمولها.
ويقول أحمد الدروبي، مدير الحملات الدولية في شبكة العمل المناخي لـ"العين الإخبارية": " مناقشة مثل هذه التفاصيل كافيا لعرقلة أي خطوة نحو الأمام، لكننا نطمع أن يولد الأمل من رحم المآساة، وتكون الفيضانات التي شهدتها ليبيا، وأودت بحياة أكثر من خمسة آلاف شخص، هي إكسير الحياة لهذا الصندوق".
ويوضح أن تلك الفيضانات تبعث برسالة مؤداها أنه يجب توسيع مظلة الدول المستفيدة من صندوق الخسائر والأضرار، حيث كشفت مناقشات اللجنة الانتقالية عن رغبة البلدان المتقدمة، وعلى رأسهم أمريكا وفرنسا، في أن يستهدف الصندوق ما يسمونه بـ"البلدان الضعيفة بشكل خاص"، وألمحت تلك المناقشات إلى أن هذه البلدان هي أقل البلدان نموا، والدول الجزرية الصغيرة النامية .
ويضيف الدروبي: " ليبيا وفق هذا التصنيف ليست مؤهلة كدولة من أقل البلدان نموا من قبل الأمم المتحدة، كما أنها ليست دولة جزرية صغيرة نامية أيضا، ولكن الفيضانات التي شهدتها جاءت لتؤكد على حقيقة، ربما تساعد في تغيير هذا التوجه، وهو أن الظواهر المناخية المتطرفة، لا تفرق بين دولة وأخرى".
وطالبت البلدان النامية في الاجتماع الأخير الذي عقد في سانتو دومينغو بجمهورية الدومينيكان، في الفترة من 29 أغسطس/آب إلى 1 سبتمبر/أيلول 2023، بأن تكون جميعها قادرة على الوصول إلى الأموال، وليس بعض مجموعات الدول على وجه التحديد، وتم التأكيد على ذلك مرارا وتكرارا من قبل أعضاء اللجنة الفنية من البلدان النامية، وأبرزهم محمد نصر من مصر الذي يمثل رئاسة (COP27) في اللجنة الفنية، وماثيوس باستوس من البرازيل، وأنجيلا ريفيرا جالفيس من كولومبيا.
ويقول الدروبي: " انتهت المناقشات إلى طريق مسدود بشأن العديد من القضايا العالقة، بما في ذلك أهلية البلدان للحصول على التمويل من الصندوق، ولكن أتصور أن الوضع يجب أن يختلف الآن بعد فيضانات ليبيا، والتي كشفت عن وجه آخر من أوجه القصور، وهو غياب تدابير التكيف مثل أنظمة الإنذار المبكر".
ويشير إلى أنه كان يمكن تجنب الخسائر الفادحة في الأرواح الناجمة عن إعصار دانيال، لو كانت ليبيا تمتلك تدابير التكيف مثل أنظمة الإنذار المبكر، التي تمكن المواطنين من الاستعداد لهذه الأحداث، ولكن هذه الكارثة غير المسبوقة تجعل هناك تأكيدا على ضرورة دعم الدول المتقدمة لامتلاك ليبيا وغيرها من الدول النامية لهذه الأدوات، إضافة إلى توفير التمويل اللازم لها من صندوق الخسائر والأضرار للتعافي من آثار الكارثة.
ويشير الدروبي إلى أن آثار هذه الكارثة التي شهدتها ليبيا، ومدى مساعدتها في إحراز تقدم نحو آليات تفعيل الصندوق، ستظهر في الاجتماع الرابع والأخير للجنة الفنية، قبل "COP28 "، والذي سيعقد في مدينة أسوان المصرية خلال الفترة من 17 إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول، حيث نأمل أن تساعد في حسم القضية الخلافية المتعلقة بالمسئولة عن تمويل صندوق الخسائر والأضرار.
وخلال الاجتماع الثالث الذي استضافته جمهورية الدومينيكان، حاولت الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وفرنسا تحويل التركيز بعيدا عن المساهمة في تمويل الصندوق كجزء من المسئولية التاريخية عن انبعاث غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي، مما يتسبب في خسائر وأضرار في جميع أنحاء العالم، ونادت تلك الدول بتمويل عام يأتي من جميع البلدان "القادرة على القيام بذلك"، كما تحفظت تلك الدول على وصف أحداث مثل "الفيضانات" بأنها تستحق التمويل من الصندوق.
وتحدثت تلك الدول عن أن التمويل يجب أن قاصرا على معالجة الأضرار طويلة المدى مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، والأضرار الثقافية، مثل تأثير تغير المناخ على الآثار أو تأثيره على تغيير عادات وتقاليد الشعوب الأصلية، كما تحدثت عن أن التمويل يمكن أن يأتي بشكل أساسي من آليات مثل مبادرة الدرع العالمي ضد الكوارث المناخية، التي تقودها ألمانيا ومجموعة العشرين لتوفير التمويل والتأمين للبلدان الفقيرة المتضررة من الفيضانات والجفاف أو غيرها من الكوارث المرتبطة بتغير المناخ ، ومقايضة ديون المناخ، وأسواق الكربون الطوعية، وإعادة كتابة الديون وغيرها من الأمور.
ويقول الدروبي: "سننتظر ما سيسفر عنه الاجتماع الرابع للجنة الفنية، وهل ستغير فيضانات ليبيا المشهد أم لا، ونأمل في أن تكون سببا في التغيير، كما كانت فيضانات باكستان في (COP27)، سببا في إقرار مناقشات الخسائر والأضرار لأول مرة على أجندة مفاوضات قمم المناخ".
aXA6IDE4LjExNy45OS4xOTIg جزيرة ام اند امز