الدبيبة يلوّح بتعديل الحكومة.. حل لأزمة ليبيا أم مناورة؟
في تطور لافت في الملف الليبي، طرحت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ملف التعديل الحكومي على الواجهة، معلنة عزمها إجراء تغييرات وصفتها بـ"الإصلاحية" خلال الأيام القريبة المقبلة.
وأثارت الخطوة جدلًا واسعًا بين مؤيد يراها محاولة لكسر الجمود، ومعارض يعتبرها مناورة لإطالة عمر حكومة "منتهية الولاية".
التعديل المرتقب
وأكدت حكومة الوحدة، في بيان رسمي، أن التعديلات المرتقبة ستشمل سد الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة وتعزيز الأداء المؤسسي، إلى جانب توسيع دائرة التوافق السياسي بما يخدم متطلبات المرحلة المقبلة.

جاء ذلك ضمن بيان رحّبت خلاله الحكومة بإطلاق البعثة الأممية لمسار الحوار المهيكل، معتبرة أنه قد يسهم في خلق مناخ سياسي إيجابي وفتح آفاق جديدة للخروج من حالة الانسداد.
وشددت الحكومة على أن توجهها الأساسي لا يزال يتمثل في إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور أولًا، غير أنها أكدت تعاطيها «بإيجابية» مع ما وصفته بالاختراق الذي طرأ على حالة الجمود السياسي السابقة، في إشارة إلى التحركات الأممية الأخيرة.
صمت مؤسساتي
وحتى الآن، لم يصدر أي بيان أو تعليق رسمي من مجلس النواب الليبي أو بعثة الأمم المتحدة أو أي جهة رسمية أخرى بشأن إعلان حكومة الوحدة نيتها إجراء تعديلات حكومية، في وقت يبقى فيه المشهد السياسي الليبي مفتوحًا على مزيد من التجاذبات، وسط تساؤلات متزايدة حول ما إذا كانت هذه الخطوة تمثل مدخلًا للحل أم مجرد مناورة جديدة في أزمة طال أمدها.
رفض سياسي
وفي المقابل، قوبلت هذه الخطوة برفض صريح من 7 مرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، أصدروا بيانًا مشتركًا اعتبروا فيه أن حكومة الدبيبة منتهية الولاية، ولا تملك أي سند قانوني أو شرعي يخولها إجراء تعديلات أو سد شواغر وزارية.

وأوضح الموقعون على البيان أن الحكومة فقدت شرعيتها بانتهاء المدة المحددة لها، وبعد إخفاقها في إنجاز الاستحقاق الانتخابي الذي شُكّلت من أجله، معتبرين أن أي تعديل أو توسعة أو إعادة هيكلة تقوم بها يمثل تحايلاً على إرادة الشعب الليبي، ومحاولة مكشوفة لإطالة أمد حكومة الأمر الواقع.
وحذر البيان من أن هذه الخطوات لا تخدم المسار الانتخابي، بل تسهم في تعطيله وتقويض الثقة الوطنية والدولية في العملية السياسية برمتها، مؤكدًا أن الالتزام الحقيقي بالانتخابات يبدأ بإنهاء وجود حكومة منتهية الولاية، وفتح الطريق أمام سلطة تنفيذية موحدة، محددة الصلاحيات، ومقيدة بإطار زمني واضح، تتولى قيادة البلاد نحو انتخابات حرة ونزيهة.
كسب الوقت
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي أن إعلان حكومة الدبيبة لا يمكن فصله عن مجمل التحركات التي شهدها المشهد الليبي خلال الفترة الماضية، سواء من جانب البعثة الأممية أو مجلس النواب أو مجلس الدولة أو الحكومتين المتنافستين.
واعتبر الأوجلي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن ما يسعى إليه الدبيبة هو مراوغة سياسية ومحاولة لخلط الأوراق وكسب الوقت، مشددًا على أن الحكومة تعاني فقدانًا للشرعية الداخلية، وتعتمد أساسًا على شرعية دولية، فضلًا عن معاناتها من شغور وزارات أساسية وتكدّس الحقائب لدى عدد محدود من الوزراء، وهو ما يقلل من فرص نجاح أي تعديل مرتقب.
مناورة تقليدية
من جهته، اعتبر المحلل السياسي الليبي عمر بوسعيدة أن طرح تعديل حكومي جديد لا يمكن التعاطي معه كحل واقعي أو خطوة إصلاحية جادة، بل يبدو مناورة سياسية تقليدية لا تمس جوهر الأزمة الليبية.
وأوضح بوسعيدة في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الإشكال الحقيقي لا يكمن في أسماء الوزراء أو شكل الحكومة، وإنما في غياب الإرادة السياسية والرؤية القادرة على معالجة تراكمات الفشل في الملفات الاقتصادية والخدمية.
وأضاف أن التلويح بالتعديل يأتي في سياق تهدئة الغضب الشعبي وشراء الوقت، خاصة مع انطلاق الحوار المهيكل وتصاعد الانتقادات، مؤكدًا أن أي تعديل وزاري من دون إصلاح بنيوي شامل سيبقى مجرد ترقيع فوق جدار متصدّع لا يفضي إلى حل حقيقي للأزمة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMSA= جزيرة ام اند امز