لردع دعاة الحرب بليبيا.. دبلوماسيون يطالبون بتفعيل إعلان القاهرة
دبلوماسيون سابقون يؤكدون أن "الوجود التركي سيوفر بيئة مواتية للإرهاب، وتهديدا حقيقيا لدول الجوار، وتكرارا للنموذج السوري".
"بات المجتمع الدولي مطالبا بتفعيل إعلان القاهرة الذي يتضمن مبادرة شاملة لحل الأزمة الليبية على الأرض وردع دعاة الحرب".. هذا ما أكده دبلوماسيون مصريون بعد ترحيب أطراف دولية على نطاق واسع بالمبادرة، كونها تتماشى مع الأهداف الدولية ومخرجات برلين.
وشدد دبلوماسيون سابقون في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بقوة باتجاه فرض إرادة الحل السياسي، عبر التمسك ببنود المبادرة المصرية التي أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، بوصفها الحل الأمثل لحقن الدماء، والدعوة للحياة، مقابل دعاة الحرب والموت، والبداية لحل الأزمة الممتدة منذ عام 2011.
وحذر هؤلاء الدبلوماسيون أن "السماح بموطئ قدم تركي في ليبيا أمر في منتهى الخطورة"، وهو ما أوضحوه بأن "الوجود التركي سيوفر بيئة مواتية للإرهاب، وتهديدا حقيقيا لدول الجوار، علاوة على إمكانية تكرار النموذج السوري داخل الأراضي الليبية".
ولاقى إعلان القاهرة الذي يتضمن مبادرة شاملة أعلنها الرئيس المصري مؤخرا لإنهاء الصراع المسلح في ليبيا، ترحيبا دوليا وعربيا واسعا، خاصة أنها أكدت على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها واحترام كل الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن والتزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار اعتبارا من 8 يونيو/حزيران الجاري.
وارتكزت المبادرة على مخرجات مؤتمر برلين والتي نتج عنها حلا سياسيا شاملا يتضمن خطوات تنفيذية واضحة (المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية) واحترام حقوق الإنسان واستثمار ما انبثق عن المؤتمر من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية.
رؤية دولية تتبلور
السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية قال في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "جهود الدبلوماسية المصرية واتصالاتها المكثفة الحالية المدخل الصحيح لضرورة انتقال المجتمع الدولي من مرحلة الترحيب بالمبادرة إلى الضغط وتبني المبادرة السياسية باعتبارها مكملة لمبادرات الأمم المتحدة، وإعلان برلين، والدستور الليبي وحوارات القبائل الليبيبة في القاهرة".
ونبه حجازي إلى أن "هناك رؤية دولية بدأت في التبلور ومطلوب أن تتفاعل أكثر بمزيد من الضغط على المفاصل الحاكمة للقرار التركي".
وفي هذا الصدد، أشار حجازي إلى بدء المجتمع الدولي في التحول لخطوات عملية، لردع نظام أردوغان، وهو ما تمثل في اعتراض البحرية اليونانية سفينة شحن تركية يشتبه في أنها محملة بالأسلحة والذخيرة قبالة السواحل الليبية.
يأتي ذلك بعد يوم من توقيع وزيري خارجية اليونان وإيطاليا في أثينا اتفاقا لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر الأيوني الذي يفصل البلدين المجاورين.
وأكد حجازي ضرورة العمل على تطبيق المبادرة السياسية المصرية؛ لأنها الأهم لحل الأزمة، خاصة وأنها تتوافق مع الشرعية الدولية والمقررات الدولية والمبعوث الأممي والدستور الليبي.
السفير المصري بين أن "الحقيقة التي سيصل لها جميع الأطراف الليبية أن المعركة لا يمكن حسمها عسكريا، وعلى الجميع تلقف المبادرة المصرية بوصفها الحل الأمثل يحقن الدماء وتحمل الدعوة للحياة مقابل دعاة الحرب والموت".
وأوضح أن "المبادرة المصرية دعوة للحفاظ على الأرواح، ووحدة الأراضي الليبية من التقسيم، وسلامتها الاقليمية، وأن يشق الأطراف في ليبيا طريقهم بشكل متساو نحو ميثاق عمل وطني يقود لانتخابات دستورية تتفاعل أقاليم ليبيا الثلاث في منظومة عمل ديمقراطي".
وبالاضافة لدعوات الضغط الدولي على تركيا، دعا مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الجامعة العربية إلى تبنى المبادرة المصرية بشكل واضح وصريح، والدفع بقوة من أجل تفعيلها، وإلا فسوف تشهد ليبيا موقفا مشابها لما جرى في سوريا.
تفعيل الدبلوماسية العربية بقوة
وقدر حجازي بأن ليبيا تشهد صراعا وموقفا مشابها لما جرى سابقا في سوريا، وعلى الجميع وأد ذلك مبكرا، عبر تفعيل الأطر الدبلوماسية العربية بقوة".
وحذر الدبلوماسي المصري السابق من أن وجود العناصر الإرهابية والمرتزقة يتم تمويلهم من قطر وترسلهم أنقرة لليبيا يمثل تهديدا حقيقيا لكل دول الجوار.
وزاد: "السماح بموطئ قدم تركي في ليبيا أمر في منتهى الخطورة؛ لأنه سيمارس سياسات هدامة قد تنال من ليبيا ودول الحوار ، فضلا عن دعم الميليشات الإرهابية المسلحة في عموم أفريقيا، بما يهدد المصالح الغربية وجنوب أوروبا.
وأعرب حجازي في ختام تصريحاته عن تفاؤله بنجاح المبادرة المصرية، قائلا: "المستقبل سيكون لدعاة السلام، والهزيمة لدعاة الحرب".
اجتماع لدول الجوار
بدوره، قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق لـ"العين الإخبارية" إن "المبادرة المصرية كشفت الغطاء عن الأطراف التي تعمل ضد صالح ليبيا، إذ اتضح أن حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج تقف ضد مصلحة الشعب الليبي، لاسيما وأن المبادرة تحمل الخير والاستقرار للبلاد".
ورأى "بيومي" ضرورة العمل على "حصار تركيا دبلوماسيا وقانونيا، عبر تكثيف أدوات الاتصال بالأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوربي".
كما دعا بيومي، الدولة المصرية لطلب اجتماع سريع لدول الجوار الليبي؛ وهي تونس والجزائر والمغرب لاتخاذ موقف موحد ضد التدخل التركي، ووقف أطماع الرئيس رجب طيب أردوغان.
وشدد الدبلوماسي المصري السابق على أن "أمن ليبيا امتداد للأمن القومي المصري، مع الوضع في الاعتبار وجود نحو 2 مليون مصري يعملون في ليبيا وهو بعد يجب مراعاته".
تركيا تتمسك بالحل العسكري
واتفق السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق مع ما ذهب إليه "حجازي" بشأن ضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته، والضغط على أنقرة وحكومة الوفاق، لقبول المبادرة المصرية والتفاوض في إطار مخرجات مقررات برلين.
ولفت هريدي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن "رفض حكومة الوفاق لإعلان القاهرة أمر متوقع لأن تركيا لا تريد التخلي عن الحل العسكري".
ورحبت الأطراف الدولية على نطاق واسع بالمبادرة المصرية، لكن على الجانب الآخر رفضتها شخصيات من الجانب المحسوب على حكومة الوفاق.
واستطرد هريدي: "ينبغي الالتزام بالمبادرة المصرية في إطار مخرجات مقررات برلين وقرارات مجلس الأمن الدولي" مشيرا إلى "ضرورة الإلتزام بالمبادرة المصرية في ضوء عدم قدرة أي طرف على حسم الحرب لصالحه".
وحول الموقف الأمريكي من الأزمة الليبية، أشار هريدي إلى أن هناك ارتياحا أمريكيا لما تقوم به تركيا في ليبيا؛ لأن واشنطن ترى أن أنقرة تقطع الطريق على روسيا حتى لا يكون لها موطئ قادم ثابت ودائم في شمال أفريقيا".
فرص النجاح قوية
أما السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية الأسبق فأكد ضرورة البناء على التأييد الدولي لإعلان القاهرة، والعمل على إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي؛ لوقف إطلاق النار في ليبيا
وقال بدر لـ"العين الإخبارية" إن فرص نجاح المبادرة المصرية قوي لأنها متزنة وشاملة وتحظى بقبول دولي.