دعت روما إلى عقد مؤتمر باليرمو الخاص بليبيا في جزيرة صقلية بعد موافقة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر.
دعت روما إلى عقد مؤتمر باليرمو الخاص بليبيا يومي الثاني عشر والثالث عشر من الشهر الجاري في جزيرة صقلية بعد موافقة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، الذي زار روما مؤخراً وأبدى اهتمامه بالمشاركة في أعمال المؤتمر، إضافة إلى حضور أكبر عدد من الدول المتدخلة بالأزمة الليبية، من بينها أمريكا وفرنسا وبريطانيا ومصر، وكذلك حضور جميع الأطراف والتنظيمات المتصارعة على الأراضي الليبية.
دعوة الإخوان المسلمين للحضور قد تؤثر على أعمال المؤتمر خاصة جماعة الإخوان الإرهابية والمنظمات الممولة من قطر وتركيا، ويثير هذا الاجتماع الكثير من القضايا المرتبطة بالملف الليبي، وأبرزها المؤسسة العسكرية وتجميد دور التنظيمات الإرهابية، مع وقف الاشتباكات وتوحيد الأقاليم الثلاثة فزان وبرقة وطرابلس، والتأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية.
يعد إقليم فزان أو جنوب ليبيا -أحد أهم المناطق الاستراتيجية في ليبيا لما ينعم به من ثروات هائلة من نفط وذهب وماس، إضافة لكونه ممراً إلى دول الساحل الأفريقي ويرتبط بحدود مشتركة مع تشاد والنيجر والسودان- أحد أخطر الحلقات في ليبيا، لما يشكله من تهديد على أمن واستقرار دول الجوار الليبي والقارة الأوروبية بسبب الهجرة غير الشرعية وتهريب الأسلحة وتجارة البشر، ما دفع فرنسا لتكثيف اتصالاتها خلال الفترة الأخيرة مع القبائل التي تسيطر على الجنوب لا سيما مدينة سبها، التي تعد أحد أبرز مدن الجنوب الليبي.
دعوة الإخوان المسلمين للحضور قد تؤثر على أعمال المؤتمر خاصة جماعة الإخوان الإرهابية والمنظمات الممولة من قطر وتركيا، ويثير هذا الاجتماع الكثير من القضايا المرتبطة بالملف الليبي وأبرزها المؤسسة العسكرية وتجميد دور التنظيمات الإرهابية
الجهود الإيطالية للتحكم بمسار الأزمة والرغبة بالاستعانة بواشنطن ليس لإحكام السيطرة على ليبيا الغنية بالنفط وحسب وإنما لتقويض الجهود الفرنسية الرامية لعقد الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، فالدعم الأمريكي الذي أبداه ترامب لسياسة إيطاليا حيال الأزمة الليبية يعد تحدياً مباشراً لتحركات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث اعترفت واشنطن بالدور الريادي لروما في المتوسط.
والصراع المحتدم بين إيطاليا وفرنسا على الأراضي الليبية يتصاعد بمباركة الدول الغربية، وبطبيعة الحال ما زالت فرنسا مأخوذة بمطامع تاريخية في الجنوب الليبي الذي كان ضمن مستعمراتها في شمال أفريقيا، في حين ترى إيطاليا أنها أولى بمستعمراتها السابقة، خاصة بعد أن استعادت حضورها فيها مجدداً من خلال اتفاقية الصداقة التي وقعت عام 2008م، واستحوذت روما من خلالها على الجزء الأكبر من استثمارات الغاز وبعض المشاريع التنموية.
العديد من القوى تتخذ من خطر الجماعات الإرهابية المتطرفة ذريعة للتدخل في الجنوب الليبي، والعمل على التودد لقبائل الجنوب الليبي، على الرغم من إمكانية محاربة خطر الجماعات المتطرفة عبر تقديم الدعم العسكري واللوجيستي ورفع حظر التسليح عن الجيش الوطني الليبي.
القيادة العامة للجيش الوطني الليبي حذرت، في بيان سابق، من محاولة بعض الأطراف الدولية إنشاء وجود عسكري لها في الجنوب، وأكدت أنها حريصة على إقامة علاقات دافئة وشراكة استراتيجية متوازنة مع كافة الأطراف الدولية بما يحقق المصالح المشتركة بين ليبيا وغيرها من الدول، مشيرة إلى رغبة بعض الأطراف في إنشاء وجود عسكري في بعض مناطق الجنوب بذريعة التصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وحذرت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي هذه الأطراف من القيام بهذا العمل الذي تعتبره ينتهك بشكل صارخ قواعد القانون الدولي، ويمثل اعتداء سافراً على الدولة الليبية وسيادتها وأراضيها، وتعول الأطراف الليبية المتمركزة في مدن الجنوب الليبي على الدور المصري في حل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، ودعم الجيش الوطني الليبي للتصدي للمشروعات الاستعمارية والنفوذ العسكري الذي تسعى بعض الدول إلى ترسيخه في مدن الجنوب الليبي.
المبادرات الدولية فشلت في توحيد مختلف الفصائل الليبية من ناحية، وتعاظم دور موسكو في الشرق الأوسط إثر تدخلها في سوريا، مما منح موسكو فرصة العودة إلى ليبيا، حيث تستعد روسيا اليوم لنيل حصتها من النشاط السياسي والاقتصادي غداة النزاع، كما أنها تراهن على الصعيد الإقليمي على نجاحها المحتمل في مصالحة مختلف الجماعات المتنازعة على السلطة بما يتيح لها تجاوز الإطار الليبي لتجسيد تأثيرها بشكل أكبر في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط ككل.
واليوم ليبيا أصبحت مصدراً خصباً لمختلف الصراعات الدولية والإقليمية، وهدفاً لاغتنام الثروات النفطية والمعادن الثمينة تتنافس عليها الدول الغربية بذريعة محاربة الإرهاب وسلامة أراضيها ووقف الدمار الذي لحق بها جراء استمرار الاشتباكات بين الأطراف المتنازعة، فماذا يأمل الشعب الليبي من مؤتمر باليرمو؟ ومهما كانت النتائج فلن تفضي إلى تحقيق طموحات الشعب الليبي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة