الهجرة والشرق الأوسط في ميزان إيطاليا الجديدة.. سياسة ميلوني المتوقعة
بعد أن انقشع غبار الصدمة، بدأت لحظة الرصد والتحليل للوقوف على توجهات حكومة زعيمة اليمين المتطرف، جورجيا ميلوني، المنتظرة بإيطاليا.
"العين الإخبارية" أرادت أن تستشرف أفكار السياسة الخارجية بصفة عامة، والسياسة الإيطالية في ملفات الشرق الأوسط والهجرة غير الشرعية بصفة خاصة، لترسم صورة عن السياسات المنتظرة للحكومة الجديدة.
وفيما يتوقع باحثون تغيرا في السياسة الخارجية في ظل حكومة ميلوني في ملفات بعينها، يتوقعون أيضا ثباتا أو تغييرا طفيفا في ملفات أخرى، انطلاقا من الأساس الفكري للحكومة المنتظرة.
هذا الأساس الفكري شرحته ليلى تالاني، مديرة مركز السياسة الإيطالية في "كينجز كولج" لندن، بوضوح شديد، حين قالت في تصريحات صحفية "لطالما زعمت جورجيا ميلوني أنها تريد وضع إيطاليا في المرتبة الأولى، تمامًا مثل دونالد ترامب في شعار أمريكا أولاً، وشددت على أهمية الدول القومية في عملية التكامل الأوروبي".
"لعبة الفيتو"
لذلك، تتوقع الباحثة أن تلعب الحكومة الجديدة "لعبة حق النقض (الفيتو)" في أروقة المؤسسات الأوروبية، بل إنها تتوقع استخداما مكثفا من الحكومة لهذا الحق.
وسبب ذلك واضح، فالعديد من قرارات الاتحاد الأوروبي مثل الميزانية والسياسة الخارجية وفرض العقوبات، يجب أن تتم الموافقة عليها بالإجماع من قبل جميع الدول الأعضاء، لذلك فإن الضغط بـ"الفيتو" في ملفات بعينها، يمنح مستخدمه فرصة سانحة للحصول على تنازلات من التكتل في ملفات أخرى.
هذا النهج يعود إلى نظرة الحكومة الجديدة في إيطاليا، للاتحاد الأوروبي، كقيد على حركتها الخارجية، وليس فرصة، وكذلك عدم وجود توافق قوي بين أحزاب التكتل الفائز بالانتخابات، على سياسة أوروبية موحدة وواضحة، وفق ما ذكره ألبرتو أليمانو، أستاذ قانون الاتحاد الأوروبي في جامعة باريس، في تصريحات صحفية.
وأوضح أليمانو "باختصار، لن تكون إيطاليا بعد الآن قوة من أجل الخير داخل الاتحاد الأوروبي، بل ستكون دولة عضو تتمتع بحرية الانتفاع- على عكس العطاء- بقدر ما تستطيع، وتتوقف عن المساهمة في صنع القرار الرئيسي".
وفي الانتخابات التي جرت الأحد، حصل حزب إخوان إيطاليا اليميني المتطرف بقيادة جيورجيا، وشركاؤه في التحالف؛ رابطة الشمال الشعبوية بقيادة ماتيو سالفيني، وفورزا إيطاليا بقيادة سيلفيو برلسكوني، على أكثر من 43٪ من الأصوات.
وحرصت ميلوني التي ستصبح في سن الـ45 أول زعيمة منبثقة من حركة ما بعد الفاشية، في دولة تعتبر أحد الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوروبي، على طمأنة المخاوف سواء في إيطاليا أو في الخارج، بقولها: "سنحكم من أجل جميع" الإيطاليين.
أوكرانيا والشرق الأوسط
ماريو سافينا، الخبير الإيطالي في الشأن الليبي، ومنسق مركز "OSMED" البحثي الإيطالي بشمال أفريقيا، حاول الاقتراب من سياسات الحكومة الجديدة في ملفات أخرى، وقال لـ"العين الإخبارية": "ستضمن الحكومة الجديدة بقيادة جميلوني استمرارية السياسة الخارجية".
وأوضح "في الملف الروسي الأوكراني، يمكن تنحية الخلافات الأيديولوجية جانبًا في مواجهة التحديات الاستراتيجية، ومع ذلك، لا تزال الشكوك قائمة بشأن الحليفين (سالفيني وبرلسكوني) في ضوء التصريحات الأخيرة بشأن رفضهما العقوبات على روسيا".
وتابع "ومع ذلك، لن تخضع السياسة الخارجية الإيطالية لتغييرات كبيرة، بما في ذلك ما يتعلق بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما ذكرت من قبل، هناك أسباب قاهرة (التحديات الاستراتيجية) تجعل روما مرتبطة بالجبهة الأوروبية الأطلسية".
ومضى قائلا "اللغة التي يستخدمها رئيسة الوزراء المنتظرة، أي منح "الأولوية للمصالح الوطنية"، تشابه (لغة) العديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي ستكون قادرة على الحفاظ على علاقات مستقرة مع روما" في ظل الحكومة الجديدة.
"نهج دراجي"
الخبير الإيطالي قال أيضا "حتى في ليبيا، يجب على الحكومة الجديدة أن تتبع المسار الذي سارت عليه حكومة ماريو دراجي، لحماية المصالح الإيطالية، لا سيما في قطاع الطاقة".
وأضاف "فيما يتعلق بالقضية الشائكة الأخرى وهي ملف الهجرة،تتبع ميلوني نموذج الوعود بقمع الهجرة غير الشرعية ، لكن ربما ستنتهج سياسة الحصار البحري أيضا".
ومضى قائلا "ومع ذلك، يبدو هذا المشروع غير مرجح. ومع ذلك، فإن إيطاليا في طليعة الدول المستقبلة للمهاجرين غير الشرعيين (القادمين عبر البحر)، وستضطر أوروبا لاقتراح سياسات جديدة لمواجهة الأزمة، لتجنب حدوث أزمات دبلوماسية" في حال تطبيق نهج متشدد من الحكومة الجديدة.