«المصالحة الوطنية».. هل يمهد مؤتمر طرابلس لسلام دائم في ليبيا؟
على طريق «المصالحة الوطنية»، خطت ليبيا خطوة نحو تضميد الجراح، قد تؤدي -حال نجاحها- إلى معالجة جذور الصراع، ووضع لبنة من أجل سلام دائم.
فقبل أسابيع من «المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية»، المُزمع عقده بمدينة سرت (وسط ليبيا) في 28 أبريل/نسيان المقبل، بدأت بطرابلس يوم الإثنين أعمال مؤتمر دعم عملية شاملة للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.
المؤتمر الذي يستمر يومين، يشارك فيه مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، المنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية في ليبيا، جورجيت غانيون، وخبراء دوليون، ومحليون، وقانونيون، ويعض من أعضاء مجلسي النواب والدولة، وممثلون عن أسر الضحايا من مختلف الأطراف، لكتابة روشتة تقود لمصالحة وطنية شاملة، وتضمن نجاح المؤتمر الجامع المرتقب.
وفي كلمته، وصف النائب بالمجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، توقيت عقد المؤتمر بـ«الحساس جداً»، معتبرًا إياه يمثل تحديًا كبيرًا للمجلس الرئاسي، في إدارة مشروع المصالحة الوطنية، عبر واحد من أهم مساراته وهو مسار العدالة الانتقالية.
وأوضح اللافي، أن المؤتمر الجامع الذي سيعقد في 28 أبريل/نيسان القادم سيتم الإعلان فيه عن تسمية المفوضية العليا للمصالحة الوطنية، مؤكدا أن مشروع العدالة الانتقالية مرتبط ارتباطا وثيقا بأسر الضحايا.
جذور الصراع
الأمر نفسه، أشارت إليه مساعدة الأمين العام، منسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا، قائلة إن لهذا المؤتمر «أهمية كبيرة، كونه يأتي قبل أسابيع، من انعقاد المؤتمر الوطني الجامع»، متعهدة بدعم أممي «بناءً على نجاح المصالحة الوطنية، والوصول لأكبر قدر من التوافق، حول نقاط الخلاف الجوهرية».
وحثت المسؤولة الأممية كل الحاضرين الذين اجتمعوا من أجل السلام، والعدالة والمصالحة، على «العمل على معالجة جذور الصراع، والتركيز على المساءلة، والمشاركة الفعالة للضحايا».
وناقش المؤتمر في يومه الأول مشروع قانون ذات البين، المعد من قبل المجلس الرئاسي، وضمانات المشاركة الآمنة، والمستنيرة، والشاملة، في عملية العدالة الانتقالية، والمصالحة الوطنية في ليبيا، فيما من المتوقع أن يخرج عنه توصيات بشأن تعزيز المساءلة ودور العفو في عملية العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
فهل ينجح في تضميد جراح ليبيا؟
يقول المحلل السياسي والحقوقي الليبي عصام التاجوري، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن مؤتمر دعم العملية الشاملة للمصالحة، يعد «نوعًا من الاجتهادات ليس إلا»، مشيرًا إلى أنه «في ظل غياب أية خطوات جدية لبناء جسور الثقة بين الفرقاء المحليين وانشغال المتدخلين إقليميا ودوليا في ملفات أكثر سخونة بالمنطقة والعالم، فلن تتحرك الأزمة الليبية نحو الحلول».
وحول المطلوب لإنجاح ملف المصالحة الليبية، قال التاجوري، إنه يجب «رفع يد الغير»، والذين اعتبرهم «غير مؤهلين لإدارة هذا المسار، بثبوت عجزهم عن إنجازه».
وأشار إلى أنه لوضع ليبيا على المسار الصحيح، يجب أن «يكون هناك فرصة لأي مشروع ملكيته وطنية»، مضيفًا: «عندها سيأتي الحل لأن جل التدخلات سلبية».
الخطوة الأهم
في السياق نفسه، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الوطني السابق عبدالمنعم اليسير، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن المصالحة الوطنية تعد أهم خطوة على طريق ليبيا نحو الاستقرار والسلام، وإعادة السيادة الوطنية.
وأوضح اليسير، أن الأطراف التي وضعت نفسها في إطار المسؤولية تدرك جيدًا أن الأوضاع في ليبيا مهددة، مما دفعها إلى التنازل، ووضع المصلحة الوطنية كهدف أساسي واستراتيجي.
شروط إنجاح المصالحة
ورغم توقعه نجاح عملية المصالحة الوطنية، بناء على المعطيات الحالية على الأرض، إلا أنه ناشد كل الأطراف التي تشارك في عملية المصالحة، المساهمة بشكل فعال للوصول إلى المصالحة الوطنية الشاملة.
وحول المطلوب لإنجاح «المصالحة»، أكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الوطني السابق عبدالمنعم اليسير، أنه على الجميع الاعتراف بحق الآخرين في المساواة، والوصول إلى القناعة التامة لعدم استعمال السلاح لحسم أي خلافات سياسية أو غيرها، إضافة إلى الإدراك بأن المصالحة هي الطريق الوحيد للاستقرار.
وبحسب اليسير، فإنه لإنجاح المصالحة الوطنية، لا بد من تمكين الدولة الليبية والتنازل عن أي قوة جرى اكتسابها في المرحلة السابقة على حساب الدولة الليبية، معتبرًا أن هذه الشروط «صعبة»، إلا أنه على الجميع تقديم المزيد من التنازلات.
روشتة لحلحلة الأوضاع
نقطة أخرى أشار إليها عضو مجلس النواب الليبي محمد عامر العباني، في تدوينة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، قائلا، إن ما يرشح من أحاديث هنا وهناك، وما نشاهده من تحركات عسكرية مسلحة وتمترس بين الشرعية المحلية والدولية والأمر الواقع، يفتح الباب أمام الفعاليات السياسية والاجتماعية من حكماء، وقادة سياسيين، واجتماعيين، وأكاديميين، ومثقفين، وأدباء، ونشطاء مجتمع مدني، لتفعيل العقل، وبذل الجهود المضنية لعدم الاحتكام لقعقعة السلام ووضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار.
وأوضح البرلماني الليبي، أن الخروج من الانسداد السياسي، «مسؤولية من يمارس السلطة ومن يدعي ممارستها»، مشيرًا إلى ضرورة «الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على فرض الضبط والربط على كامل الأراضي الليبية».
وترفض حكومة عبدالحميد الدبيبة (منتهية الولاية) تسليم السلطة إلا لبرلمان منتخب، فيما تقف حكومة أسامة حماد التي تتخذ من مدينة بنغازي مقرًا لها، والحاصلة على دعم البرلمان، «عاجزة» عن تسلم مهامها، لتقتصر صلاحياتها على الشرق الليبي فقط.
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMzgg جزيرة ام اند امز