دول جوار ليبيا.. استراتيجية مزدوجة لحصار تسلل الدواعش عبر الحدود
بحسب أحاديث منفصلة لخبراء سياسيون لـ"بوابة العين"
عقب اجتماعات دول جوار ليبيا مؤخرا في القاهرة، بات السؤال الأكثر إلحاحا: كيف يمكن لتلك الدول حصار الإرهاب القادم لها من خارج الحدود؟
على وقع هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، بات خطر تهديدهم لثلاث دول عربية أكبر مما مضى، لاسيما بعد فرار أعداد غفيرة من العناصر الإرهابية إلى ليبيا خلال الشهور الأخيرة، لتتحول الحدود الليبية إلى منطقة خطر لكل من مصر وتونس والجزائر.
خبراء سياسيون، حددوا، في أحاديث منفصلة لـ"بوابة العين" الإخبارية استراتيجية سياسية دولية وليبية مزدوجة، تعتمد على 3 محاور رئيسية، من شأنها دعم الدول الثلاث في مكافحة الإرهاب القادم لها عبر ليبيا.
واجتمعت الدول الثلاث على مدار اليومين الماضيين بالعاصمة القاهرة، مؤكدة رفض اللجوء إلى الخيار العسكري في ليبيا، والتمسك بدعم مسار الحل السياسي، مطالبة أطراف النزاع بـ"إبداء المرونة للتوصل إلى توافق".
الملاذ الأخير للعائدين من داعش
اعتبر الخبير العسكري المصري اللواء سمير فراج، مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق (تابعة للجيش المصري) ليبيا بمثابة الملاذ الأخير للجماعات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، حيث توجد بها خمس مجموعات إرهابية وهي (داعش الليبية، الدواعش الهاربون من العراق، والدواعش الهاربون من سوريا، الهاربون من بوكو حرام، وأخيرا العائدون من أفغانستان).
وقال سمير فراج لـ"بوابة العين" الإخبارية، عبر الهاتف، إن “الدواعش لم يعد لهم أي ملاذ سواء ليبيا، التي يستهدفون من خلالها التسلل إلى الخارج، سواء إلى أوروبا أو دول عربية، ما يفسر اهتمام دول الجوار بالسيطرة على عناصر داعش الموجودة في ليبيا، لأنها لا تريد أي تحرك ضدها عبر الحدود ويهدد أمنها القومي مثلما حدث مؤخرا في مصر".
وأمس، كشفت وزارة الداخلية المصرية عن هوية المنفذ الليبي الذي شارك في العملية الإرهابية التي تعرضت لها البلاد في 31 أكتوبر/تشرين الأول، وأسفرت عن مقتل 16 من ضباط ومجندي الشرطة، كما كشفت الوزارة عن مقتل منفذي الهجوم الآخرين وعددهم 15 شخصا تلقوا تدريبات في درنة الليبية.
واتفق مع فراج، أيمن سمير، الخبير في الشؤون الدولية ورئيس مجلة السياسة المصرية، الذي أشار إلى أن "جميع التقارير الدولية تؤكد أن قيادات داعش والصف الثاني والثالث والعناصر الخطيرة من داعش انتقلت من العراق وسوريا إلى ليبيا"، لافتًا إلى أنه "بالرجوع إلى كل بيانات التحالف الدولي في سوريا والعراق نجدها تتحدث عن طرد عناصر داعش من الموصل والرقة وليس القضاء عليهم".
ورغم نفي وزارة الدفاع الأمريكية تفاوض التحالف الدولي مع "إرهابيين"، لكن النفي تضمن اعترافا ضمنيا بما أسمته "النقاشات التي أدت إلى خروج عناصر تنظيم داعش الإرهابي وعائلاتهم من الرقة السورية قبل أسابيع"، والتي قالت إنها لم تشارك فيه.
الحل سلمي وليس عسكريّا
وتأتي في مقدمة الاستراتيجية التي يمكن أن تمكن دول الجوار من حصار الإرهاب القادم لها عبر الحدود الليبية، تبني الأطراف الدولية، والليبية، للحل السلمي وليس العسكري، فبحسب فراج فإن "الحل في ليبيا يجب أن يكون سلميا من خلال السلطة الشعبية المنتخبة مع رفض أي تدخل عسكري دولي لأنه سيحول ليبيا إلى العراق وسوريا".
متوسعاً في هذا المحور، أوضح أيمن سمير، أهمية الحل السياسي بقوله: "إنه يكفل للحكومة الشرعية والجيش الوطني الليبي القيام بعملهم في مواجهة تلك العناصر الإرهابية"، لافتًا إلى أن هذا المحور يتضمن مجموعة من الإجراءات وهي ضرورة عمل المجتمع الدولي على دعم قدرات الدولة الليبية لتقوم بدورها في حماية الحدود، واستمرار عمل الجنة المصرية المعنية بالشأن الليبي في توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
وتابع سمير: الإرهاب يجد بيئة خصبة له في حال عدم وجود حكومة مركزية وعدم وجود توحد سياسي ومشكلات أمنية، لذا يتوجب دعم جهود المبعوث الأممي في ليبيا غسان سلامة في إعادة اتفاق الصخيرات، باعتباره قاعدة الحل السياسي، مع إدخال التعديلات اللازمة عليه لإطلاق يد الجيش الليبي في مواجهة الإرهابيين.
إجراء أخير ضمن منظومة الحل السياسي ارتأه سمير وهو دعم الجيش الوطني الليبي من خلال رفع حظر السلاح المفروض عليه من مارس 2011، فيما اعتبره الخبراء الثلاثة الآخرون جزءا من الاستراتيجية نفسها، متفقين جميعا على أن ذلك من شأنه أن يدعم جهود الجيش الوطني الليبي في مواجهة الدواعش الفارين من سوريا والعراق.
التبادل المعلوماتي والاستخباراتي
وبخلاف المحور السابق الذي أورده الخبراء، أبرز خبير عسكري أهمية التبادل المعلوماتي والجهود الاستخباراتية، معتبرًا الوسيلة الوحيدة في رأيه إجراءات أمنية وعسكرية على الحدود خاصة في ظل عدم وجود قوات حرس ليبية منظمة قادرة على ضبط الحدود من الداخل الليبي.
وقال خالد عكاشة، عضو المجلس القومي المصري لمكافحة الإرهاب، لـ"بوابة العين" إن الإجراءات الأمنية لابد أن يكون معها جهود استخباراتية نشطة في المنطقة الحدودية لكل دولة في المناطق المتاخمة مع ليبيا؛ حتى يكون هناك جمع معلومات سريع يستطيع تحجيم اتجاهات الخطر بشكل مبكر.
ورأى عكاشة أن نسق هذا المحور صعب على المدى الطويل، وهو ما يفسر دفع اجتماع دول الجوار في اتجاه أن تأتي الحلول من داخل ليبيا.
- الجزائر.. تفكيك شبكة دولية تجند الطالبات لـ"داعش"
- مصر: الأجنبي المتورط في هجوم الواحات ليبي تدرب في درنة
رفع الحظر عن السلاح
ويأتي المحور الثالث، في الاستراتيجية المزدوجة، وفق فراج، في رفع أهمية رفع الحظر الدولي عن توريد السلاح إلى ليبيا حتى يتمكن الجيش الوطني الليبي من التصدي للعناصر الإرهابية، موضحا أن تأمين الحدود مهمة مشتركة بين ليبيا ودول الجوار.
ذاهبا لنفس الاتجاه، رأى عكاشة أن التعنت الدولي في رفع الحظر عن السلاح الليبي لا مبرر له، خاصة أن منح السلاح لجيش حفتر، من شأنه أن يخفض حدة الاقتتال ويفرض شكلا من أشكال السيطرة الأمنية والعسكرية على الداخل الليبي؛ لأن هذا هو السبيل الأنجح لتخفيف وطأة تهديد الإرهابيين لدول الجوار.
- حفتر يطالب روسيا بالضغط لإلغاء حظر توريد السلاح إلى ليبيا
- الطيران الليبي يقصف الإرهابيين على مشارف الهلال النفطي
مسارات أخرى
وتضمنت المسارات الأخرى، في منظومة الاستراتيجية التي من شأنها حماية الدول الثلاث من الإرهاب، تشكيل قوة مشتركة على غرار الاتحاد الإفريقي، وهو الأمر الذي لم يتم الإعلان عنه خلال اجتماعات دول جوار ليبيا، رغم دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى هذا المسار في القمة العربية بشرم الشيخ نهاية مارس/آذار 2016.
الخبير الأردني في شؤون الإرهاب، حسن أبو هنية، قال لـ"بوابة العين": كل دولة تعمل على حدة في مكافحة الإرهاب الخارجي، لا يوجد هناك إعلان أو تشكيل فعلي لقوة مشتركة معنية بمكافحة الإرهاب سواء داخل ليبيا أو خارجها، وبالتالي فإن التوافق حاليا حول قضايا عامة تستند في إطار تسوية للأزمة من خلال دعم المبادرة الدولية ولذلك تبقى مسؤولية تدفق المقاتلين من ليبيا إلى دول الجوار تخص هذه الدول.
ولفت أبو هنية في اتصال هاتفي من الأردن أن "المعضلة الأساسية في مكافحة الدواعش القادمين عبر الحدود يتلخص في أن ليبيا ليست جاهزة للحل السياسي، فمازال الخلاف بين الأطراف الفاعلة على أشده، إلى جانب أن هناك آلافا من المليشيات في ليبيا يصعب توحدها في إطار جيش واحد.
وقبل يومين، دعت دول جوار ليبيا جميع الأطراف الليبية إلى "إبداء المرونة والسعي للتوصل للتوافقات المطلوبة لإعلاء المصالح الوطنية الليبية فوق أي اعتبار آخر"، كما دعا وزراء خارجية دول الجوار الليبي إلى تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية، وإنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا، لتجنب حدوث أي فراغ سياسي أو أمني لن تستفيد منه سوى التنظيمات الإرهابية والأطراف الراغبة في عرقلة العملية السياسية.
ويعد هذا الاجتماع هو الثالث من نوعه، حيث اجتمع الوزراء الثلاثة في يونيو/حزيران الماضي، ثم في سبتمبر/أيلول الماضي، مع التأكيد باستمرار أن "الحل السياسي هو الخيار الوحيد للأزمة".
aXA6IDE4LjIxNi4xNzQuMzIg جزيرة ام اند امز