البعثة الأممية وانتخابات ليبيا.. آمال كبرى ومسارات معقدة

تواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مشاوراتها السياسية، لدعم خارطة الطريق الهادفة إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية شاملة.
وتؤكد البعثة ضرورة تمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من أداء مهامها من خلال توفير الموارد المالية والفنية اللازمة، بما يسهم في تنظيم الاستحقاقات الانتخابية القادمة في مختلف البلديات.
كما رحّبت بعثة الأمم المتحدة، في بيان رسمي، بمراسم أداء اليمين القانونية لـ35 مجلسًا بلديًا منتخبًا حديثًا، والتي جرت في العاصمة طرابلس بحضور نائبة الممثل الخاص للأمين العام، أولريكا ريتشاردسون.
بدورها، أكدت ريتشاردسون أن هذه الخطوة تُلبي تطلعات الليبيين المشروعة في اختيار ممثليهم، وتشكل مؤشرًا إيجابيًا على التزام السلطات المحلية بانتقال ديمقراطي وسلمي للسلطة، مشيرةً إلى أن تعزيز المساءلة والشفافية من خلال المؤسسات المنتخبة يُعد أحد أهم ركائز الاستقرار في ليبيا.
وأضافت البعثة أن هذه المراسم تأتي تتويجًا لانتخابات أُجريت في أغسطس/آب الماضي، داعيةً في السياق ذاته السلطات الليبية إلى تخصيص موارد مالية عاجلة للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات لضمان تنظيم انتخابات المجالس البلدية في باقي المناطق.
خارطة الطريق
على الجانب الآخر، التقت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، بعدد من عضوات المجلس الأعلى للدولة، ضمن سلسلة مشاورات سياسية تستهدف تفعيل خارطة الطريق المتفق عليها، وإشراك مختلف المكونات الليبية في صياغة مستقبل البلاد.
وأوضح بيان صادر عن البعثة أن الاجتماع تناول عناصر خارطة الطريق وإطارها الزمني، مع التأكيد على ضرورة التمثيل الشامل في العملية السياسية، خصوصًا للنساء والمكونات الثقافية والجنوب الليبي.
وأكدت عضوات المجلس خلال اللقاء أهمية تعزيز إجراءات بناء الثقة بين الفاعلين السياسيين، والاستفادة من دروس المراحل الانتقالية السابقة لضمان دعم محلي وإقليمي ودولي يُفضي إلى انتخابات نزيهة وشفافة.
وشددت بعثة الأمم المتحدة على الدور المحوري لكل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في استكمال الركائز القانونية والإدارية اللازمة لإنجاح العملية الانتخابية، بما في ذلك الانتهاء من الإطار القانوني للانتخابات الرئاسية والتشريعية، واستكمال مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
تيتيه وعضوات المجلس الأعلى للدولة أكدن أهمية ضمان إيصال صوت المرأة وتمثيلها العادل في مختلف مراحل العملية السياسية، بدءًا من المشاورات إلى تنفيذ الاستحقاقات.
لا تقدم على الأرض
ورغم هذه الاجتماعات، أكد المحلل السياسي الليبي عمر بوسعيدة، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن خارطة البعثة الأممية كغيرها من المبادرات والخطط السابقة "لا تزال بعيدة عن التنفيذ الحقيقي على الأرض"، موضحًا أن "الترجمة الفعلية لأي خارطة طريق يجب أن تبدأ بخطوات ملموسة لا تكتفي بالبيانات والتصريحات".
وأشار بوسعيدة إلى أن "طريق الانتخابات في ليبيا لا يزال محفوفًا بالتحديات، بدءًا من التنافس بين المراكز السيادية والتدخلات الإقليمية، مرورًا بالتغول الأمني للمليشيات، وصولًا إلى قدرة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات على الصمود أمام الضغوط السياسية، وهو ما أخفقت فيه سابقًا حتى في استحقاقات بلدية صغيرة".
وأضاف أن "الركائز الثلاث التي بُنيت عليها خارطة البعثة يبدو أنها طُرحت لكي لا تُنفذ، حيث تواجه كل واحدة منها تحديات بنيوية تُستخدم لتعطيلها سياسيًا".
وانتقد بوسعيدة ما وصفه بـ"الجمود في المحور الأول المتعلق بإعادة هيكلة المفوضية وتوحيد المؤسسات خلال شهرين"، لافتًا إلى أن "أكثر من شهر مضى دون أي تحرك فعلي"، في حين رصد "تحفظًا روسيًا، وتفاعلًا بريطانيًا، وتجاهلًا أمريكيًا للمبادرة".
واعتبر المحلل الليبي ذلك إشارة إلى "وجود رؤية أمريكية جديدة في ليبيا تركز على الأمن والاقتصاد لا على التغيير السياسي".
ومضى قائلًا إن "خارطة البعثة ليست سوى محاولة جديدة لإدارة الأزمة لا حلّها، بينما تستغل بعض الأطراف، وعلى رأسها حكومة عبدالحميد الدبيبة (في الغرب)، هذا الوضع لترسيخ وجودها، في غياب أي ضغط حقيقي من المجتمع الدولي أو توافق داخلي فعلي".
الخارطة الجديدة
وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا، هانا تيتيه، قد أعلنت في 21 أغسطس/آب الماضي خارطة طريق تتضمن خطوات متسلسلة للانتخابات والمصالحة الوطنية، إلا أن اشتباكات وتحشيدات حدثت في العاصمة طرابلس وحاولت عرقلة الخارطة، ما أبدى أن هذا الحلم لا يزال بعيدًا.
ويُشار إلى أن آخر انتخابات برلمانية شهدتها ليبيا جرت عام 2014، بينما لم تُجرَ أي انتخابات رئاسية حتى الآن، رغم تحديد مواعيد سابقة لها في ديسمبر/كانون الأول 2021 و2023، دون أن تُنفذ.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز