بعد اتفاق طرابلس.. هل يدفع «الرئاسي» قطار المصالحة في ليبيا؟

بعد نجاحه في رعاية اتفاق أمني لوأد فتيل التوتر بالعاصمة الليبية طرابلس، المجلس الرئاسي يأخذ زمام المبادرة في ملف المصالحة الوطنية.
ويجري في طرابلس تفعيل اتفاق مكتوب توصلت إليه حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها والمجلس الرئاسي لنزع فتيل التوتر الذي كاد يزج بالمدينة في أتون حرب جديدة.
وبحسب إعلام محلي، يهدف الاتفاق الذي لم يعلن عنه رسميا، لتفعيل مؤسسات الحكومة وإنهاء مظاهر التسلح، وقد بدأت أولى خطواته، قبل أيام، بتسليم جهاز الردع مطار معيتيقة الواقع على أطراف المدينة، إلى قوة أخرى تابعة للمجلس الرئاسي.
واليوم الخميس، افتتح رئيس المجلس محمد المنفي الاجتماع السابع للجنة التحضيرية لمشروع المصالحة الوطنية، بحضور بعثة الاتحاد الأفريقي وسفراء اللجنة رفيعة المستوى المعنية بليبيا وممثلين عن بعثة الأمم المتحدة.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد المنفي أن الاجتماع ينعقد في ظرف تاريخي دقيق تمر به البلاد، مشدداً على أن وجود الشركاء الإقليميين والدوليين يعكس إدراكاً بأن المصالحة الوطنية ليست شأناً داخلياً فحسب، بل قضية مرتبطة بأمن المنطقة واستقرارها.
وأضاف أن المجلس الرئاسي يضع المصالحة الوطنية في مقدمة أولوياته، باعتبارها الأساس المتين لبناء دولة موحدة وآمنة تسودها سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات، مشيراً إلى أن الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي يظلان شريكين أساسيين في هذا المسار.
وأشار المنفي إلى أن نجاح المصالحة يتطلب إرادة صادقة وتنازلات شجاعة، موضحاً أن مصلحة الوطن يجب أن توضع فوق أي اعتبارات ضيقة، وأن الليبيين قادرون على تجاوز خلافاتهم والالتقاء حول مشروع وطني واحد يفتح أمام الأجيال القادمة آفاق السلام والتنمية.
ودعا إلى مواصلة العمل بروح المسؤولية الوطنية والإنسانية من أجل تحقيق الهدف المنشود: ليبيا موحدة، مستقرة، مزدهرة، تنعم بالسلام وتشارك بفاعلية في محيطها الإقليمي والدولي.
رهان وتنافس
يرى المحلل السياسي الليبي سالم سويري أن الخطاب الأخير للمنفي يعكس محاولة لإعادة تأكيد دور المجلس الرئاسي كحاضنة رئيسية لمسار المصالحة، إلا أن ذلك لا يؤكده الواقع رغم النجاح في التوسط لحل أزمة العاصمة طرابلس.
ويقول سويري، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن «الرئاسي يريد أن ينفرد بهذا الملف ويتجاوز دور مجلس النواب الذي أعد قانونا بالخصوص، وأن الإصرار على حضور الاتحاد الأفريقي والبعثات الأممية لمحاولة إضفاء صبغة شرعية على المخرجات والظهور في صورة الدعم الدولي».
واعتبر أن «رهان المرحلة المقبلة لا يتوقف على النصوص والمواثيق فحسب، بل على قدرة الفاعلين السياسيين والمجتمعيين على تقديم تنازلات عملية تُترجم في خطوات ملموسة: عودة المهجرين، تعويض الضحايا، وإعادة بناء المؤسسات الأمنية والاقتصادية على أسس وطنية جامعة».
قطار المصالحة
يُذكر أن مجلس النواب الليبي كان قد أقر في يناير/ كانون ثاني الماضي قانون المصالحة الوطنية بأغلبية أعضائه في جلسة عقدت بمدينة بنغازي، بهدف ترميم النسيج الاجتماعي وتعزيز العدالة الانتقالية.
غير أن المجلس الرئاسي وصف الخطوة آنذاك بأنها "أحادية" واعتبرها تسييساً للمشروع، في ظل وجود مقترح آخر كان قد رفعه إلى البرلمان.
كما شهد فبراير/ شباط الماضي توقيع "ميثاق السلام والمصالحة الوطنية" بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، غير أن غياب بعض الأطراف الرئيسية عن مراسم التوقيع أثار تساؤلات حول مدى شمولية الاتفاق.
وتواجه العملية جملة من التحديات، أبرزها الانقسام المؤسسي والسياسي القائم، وتأخر الاستحقاقات الانتخابية، فضلاً عن الحاجة لإيجاد آليات عملية تضمن تنفيذ ما يُتفق عليه، بما يشمل قضايا العدالة الانتقالية وجبر الضرر ودمج جميع المكونات الاجتماعية والسياسية في مسار واحد جامع.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAg جزيرة ام اند امز