أزمة ليبيا.. إنجاز حفتر العسكري يفرض نفسه على الاتفاق السياسي
لجنة صياغة التعديلات على الاتفاق السياسي الليبي تواصل جلساتها نحو تجاوز العقبات وتتجه لإلغاء المادة (8) الخلافية.
واصل أعضاء لجنة صياغة التعديلات على الاتفاق السياسي الليبي، السبت بالعاصمة التونسية، مناقشة النقاط الخلافية المتبقية من الاتفاق من أجل إيجاد حلول عملية للتسوية السياسية الشاملة، وطرح نتائج الحوار على المبعوث الخاص لـلأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة.
وتمر المناقشات بنقطة خلافية تتعلق بالمادة 8 من اتفاق الصخيرات، والتي تنص على نقل صلاحيات المناصب العسكرية والأمنية العليا، إلى مجلس رئاسة الوزراء في حكومة الوفاق، فور توقيع الاتفاق المدعوم أمميا بين الفرقاء الليبيين.
ويطرح الجدل الدائر حول المادة 8 تساؤلات حول ما إذا كان الإنجاز الذي حققه قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر يشكل شرعية تواجه اتفاق الصخيرات، وتعطيه مزيدا من الاستقلالية في إدارة ما نجح في الفترة الحرجة الماضية من تحقيقه.
كان الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية العميد أحمد المسماري قال إن المادة 8 في الاتفاق السياسي يستهدف صراحة الجيش الوطني ورموزه وقياداته.
وأضاف المسماري، في حوار مع صحيفة الوطن السعودية، أن القيادة العامة تتحفظ على المادة 8 باعتبارها تساوي بين المليشيات الإجرامية والإرهابية والقوات المسلحة الليبية المتمثلة في القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية.
وأوضح أن المادة 8 تسمح للمجلس الرئاسي بإنشاء قوة موازية للجيش الوطني، مثل ما يسمى بالحرس الرئاسي، وهذا هو ما تريده جماعة الإخوان الإرهابية وحلفاؤهم من الجماعة الليبية المقاتلة "ذراع تنظيم القاعدة الإرهابية في ليبيا".
يشار إلى أن الاتفاق السياسي قد تمخض عنه تشكيل مجلس رئاسي برئاسة فايز السرّاج ونوابه التسعة، وحكومة الوفاق الوطني التي لم تنل ثقة مجلس النواب، بل حظيت بدعم من بعض الدول باعتبارها حكومة مقترحة غير دستورية.
ويفرض الوعي بخطورة المرحلة التي تمر بها ليبيا حاليا سياقا للحوار السياسي الليبي يدفع نحو التخلي عن المادة 8 من اتفاق الصخيرات، والإبقاء على إدارة القوات المسلحة الليبية في يد قادته لنجاحهم في تجاوز الأزمة وتحقيق نجاحات على الصعيد الأمني والعسكري والسياسي.
ويرى مراقبون أن أكبر إنجازات حفتر السياسية والعسكرية على السواء هو نجاحه في دحر الإرهاب، والتصدي لقيام ولاية لتنظيم داعش الإرهابي على أرض بلاده، كذلك تعاونه البناء والمثمر مع محيطه الإقليمي والعربي، والعمل على الملفات الخطيرة مثل الهجرة غير الشرعية، والوقوف دون مزيد من الانقسام الداخلي في الساحة الليبية.
ويبرز الدور الذي لعبه قائد الجيش الوطني الليبي شرعية مضافة ومستحقة للمشير حفتر تعادل ما تم في اتفاق الصخيرات، إذا تعلو دائما قيمة الدماء والتضحية بالنفس وحفظ الأرواح على الاتفاقات السياسية حول موائد النقاش، التي هي نسبية بتغير اللحظة التاريخية ومتحيزة لانتماءات أطراف النقاش.
ويُنتظر أن يجتمع أعضاء لجنتي الحوار الليبي لتعديل اتفاق الصخيرات خلال الساعات المقبلة بالمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة.
وأوضحت مصادر أن خلافات بين أعضاء لجنة التعديلات على اتفاق الصخيرات تتمحور حول بند رئاستي الحكومة والرئاسي.
وأشارت إلى أن إحدى الكتل النيابية بمجلس النواب تدفع في اتجاه منح منصب رئيس المجلس الرئاسي لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في حين تدفع الكتلة النيابية الثانية في اتجاه بقاء هذه الخطة لدى الرئيس الحالي فائز السراج، مقابل رفض الكتلة النيابية الثالثة المقترحين معا.
ولفتت المصادر إلى النقاشات التي جرت في ليبيا بين أعضاء لجنتي الحوار حول منصبي رئاسة الحكومة ورئاسة المجلس الرئاسي لم تكن مثمرة على خلفية التباينات في المواقف آنفة الذكر.
وفي السياق نفسه، بدا المبعوث الخاص للأمم المتحدة غسان سلامة غير راض عن التباينات المذكورة بين أعضاء لجنتي الحوار، مطالبا بتخفيض عدد أعضاء اللجنة إلى حدود 10 أو 15 عضوا على أقصى تقدير.
كما طلب سلامة من أعضاء لجنتي الحوار تجاوز جميع الخلافات المذكورة والعمل على إيجاد حلول توافقية من أجل إنجاح الحوار السياسي، مما يمهد الطريق أمام إنهاء الأزمة.
يذكر أن المادة رقم (8) الواردة في الأحكام الإضافية في الاتفاق السياسي تنص على أن: "تنتقل جميع صلاحيات المناصب العسكرية والمدنية والأمنية العليا المنصوص عليها في القوانين والتشريعات الليبية النافذة إلى مجلس رئاسة الوزراء فور توقيع هذا الاتفاق، ويتعين قيام المجلس باتخاذ قرار بشأن شاغلي هذه المناصب خلال مدة لا تتجاوز 20 يوما، وفي حال عدم اتخاذ قرار خلال هذه المدة، يقوم المجلس باتخاذ قرارات بتعيينات جديدة خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما، مع مراعاة التشريعات الليبية النافذة".