عسكريو ليبيا.. بارقة أمل 2022 نحو الوحدة وإنهاء الأزمة
أزمات سياسية وأمنية واقتصادية تعيشها ليبيا دون تقدم ملموس، غير أن المسار العسكري عام 2022، أعطى بارقة أمل للبلاد على طريق الاستقرار.
ومنذ سنوات تشهد ليبيا أزمة سياسية خانقة؛ بلغت أشدها هذا العام 2022 مع صراع حادّ بين حكومتين على السلطة، وهو ما انعكس على جميع مناحي حياة الليبيين؛ سواء في مجال التعليم والصحة، أو غيرها، ووصل الأمر حدّ التقاتل على إيرادات البلاد.
هذا الصراع كان الأمل في إنهائه إطلاق مسارات موازية على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري.
وتمثل المسار السياسي في مبادرة أممية تقضي بتشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة الليبيين، تتوافق فيما بينها على قاعدة دستورية تبني عبرها الانتخابات، غير أن تلك الجهود ومنذ انطلاقها في مارس / آذار الماضي تسير ببطء شديد؛ ناهيك عن عثرات متكررة كان تنظيم الإخوان السبب الرئيسي فيها، بخلاف مشكلات عطلت الحل وفاقمت الأزمة.
أما المسار الاقتصادي والذي يحاول حل أزمة مالية أفرزت في نتيجتها الطبيعية انقساما مؤسساتيا طال المؤسسات الاقتصادية في البلاد، فهو المسار الذي حاولت الأمم المتحدة عبره البحث عن حل، إلا أنه لا نتائج إيجابية لذلك المسار حتى الآن؛ فالمؤسسات لا تزال منقسمة ومفاوضات التوحيد متوقفة تماما لأجل غير مسمى.
ويستمر المسار الثالث وهو المسار الأمني، الذي تشرف الأمم المتحدة على متابعته، وأهم أهدافه توحيد المؤسسة العسكرية في شرق ليبيا، بقيادة المشير خليفة حفتر، وعسكريو المنطقة الغربية من البلاد في جسم واحد.
وإليك المسار الأمني والعسكري الذي يعد أنجح مسارات حل الأزمة الليبية في محطات خلال عام 2022:
مايو
في 23 مايو 2022 نظمت وزارة الخارجية الإسبانية والاتحاد الأوروبي بالتعاون بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمدينة طليطلة الإسبانية ورشة عمل عن دور الشركاء الدوليين في مساعدة ليبيا في دمج واستيعاب المليشيات المسلحة داخل مؤسسات الدولة ونزع سلاحهم.
وخلال ذلك الاجتماع تحدث لجنة ممثلة للقيادة العامة للجيش الليبي عن "أسباب استمرار الأزمة الليبية خاصة شقها الأمني من خلال المليشيات المسلحة التي تمنع إقامة دولة ومؤسسات".
يونيو
في 15 يونيو/حزيران 2022 ولإضعاف تلك المليشيات باشر عسكريو ليبيا في مفاوضات توحيد المؤسسة العسكرية المنقسمة حيث التقى أعضاء لجنة (5+5 ) العسكرية المشتركة من عسكريي شرق ليبيا وغربها لمدة أيام متتالية في العاصمة المصرية القاهرة، بحضور رئيس الأركان العامة للجيش الليبي الفريق عبد الرازق الناظوري، ونظيره في المنطقة الغربية لليبيا الفريق محمد الحداد.
وناقش الطرفان آنذاك "التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الشامل وتنسيق جهود وترتيبات انسحاب المقاتلين والمرتزقة الأجانب واتفقوا على "أهمية توحيد المؤسسة العسكرية وبناء جيش قوي بعيدا عن التجاذبات السياسية من خلال تشكيل لجان مشتركة لهذا الغرض" وهو الذي يعد إنجازا في الملف.
يوليو
في 18 يوليو 2022 فتح الاتفاق التاريخ لوقف إطلاق الباب أمام المشاورات المباشرة بين الطرفين، حيث توجه رئيس أركان الجيش الليبي الفريق ركن عبد الرازق الناظوري إلى العاصمة طرابلس للمرة الأولى منذ الأزمة الليبية للقاء نظيره هناك محمد الحداد.
وفي لقاء طرابلس ذاك ناقش الطرفان "قضايا حرس الحدود التي جاءت في إطار مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وأيضا استمرار الإجراءات التي بدأت في سبيل توحيد المؤسسة العسكرية، وما وصلت إليه نتائج أعمال اللجنة العسكرية في وقف إطلاق النار والحفاظ على السلم والأمن".
كما ناقش الاجتماع ذاته "الملفات العالقة الناتجة عن العمليات العسكرية السابقة (بين الطرفين) وضحاياها، وإيجاد حلول لها سواء العلاج أو الدراسة أو إيجاد مشاريع صغرى تتولاها الدولة وصرف تعويضات وجبر ضرر".
وخطوة فعلية نحو التوحيد، وخلال ذات المباحثات المنعقدة في طرابلس أعلن العسكريون المتحاورون إنجازا آخر تمثل في توافق اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) على "وضع آلية بدء توحيد بعض الإدارات والهيئات العسكرية".
وأكدوا في ذلك الوقت مرة أخرى على "النأي بالمؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية وضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من أرض الوطن".
ووقتها أيضا مثل موقف الفريق الناظوري بذهابه إلى طرابلس رغم خطورة ذلك أمرا محوريا في "المسار الأمني" لحل الأزمة الليبية؛ حيث علق عن ذلك الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي اللواء أحمد المسماري قائلا إن "المكون العسكري في عموم ليبيا مهما كان الاختلاف بينهم إلا أنهم الأقدر على التقارب وسد الهوة بينهم - حتى لو وضعنا فرضيات الصفقات سنجد أبناء المؤسسة العسكرية الأكثر التزاما وانضباطا والأكثر حرصًا على الوفاء بعهودهم ومواثيقهم".
اللواء المسماري قال ذلك في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك مضيفا فيه أن "قدرة أبناء المؤسسة العسكرية على أن يتناسوا خلافاتهم الكبيرة جدا وينطلقوا إلى الأهداف العليا التي تبنى عليها العقيدة العسكرية الليبية وهي حماية الوطن والمواطن والذود عن سيادته وسلامة أراضيه هي النقطة الجوهرية التي تجعل المؤسسة العسكرية أكثر استجابة لنداء العقل والمنطق".
وبناء على ذلك أكد اللواء أحمد المسماري أن "المسار العسكري بين أعضاء لجنة (5+5) من أنجح المسارات الأخرى السياسية والاقتصادية وغيرها".
أكتوبر
وبعد أشهر من رفع المليشيات المسلحة المسيطرة على مدن غرب ليبيا وتيرة عنفها ضد بعضها ضمن اشتباكات مسلحة متكررة كانت توقع العشرات من القتلى المدنيين، عاد الفريق عبد الرازق الناظوري ومحمد الحداد لاستئناف المسار الأمني، في تونس وتحديدا في 14 أكتوبر 2022، وهذه المرة كانوا ضمن بعثة ليبية مشتركة جاءت لحضور معرض طيران حربي هناك، وهو الأمر الذي لاقى ترحيبا دوليا كبيرا.
وفي 24 أكتوبر 2022 قدم المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي إحاطته الأولى لمجلس الأمن الدولي منذ تعيينه استنكر فيها بطء سير جميع مسارات حل الأزمة الليبية سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي إلا أنه أثنى على أداء العسكريين في مسارهم الأمني.
آنذاك أعلن باتيلي عن لقاء لأعضاء اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، وقال إنه سيعقد في سرت الليبية وسط البلاد.
وفي 27 أكتوبر 2022 انعقد ذلك اللقاء بحضور المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها للدعم لدى ليبيا عبد الله باتيلي ووفد أممي مصاحب له إلا أن نتائج تلك المباحثات لم تعلن بعد.
وفي النهاية وباعتباره أنجح مسارات حل الأزمة الليبية الثلاثة، ورغم الإنجازات التي حققها العسكريون خلال مسيرتهم نحو استقرار البلاد يجمع المجتمع الدولي والليبيين فإن أهم إنجازات العسكريين هو المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف، قبل عامين وعدم انخراطهم في المناكفات السياسية الحاصلة في البلاد.
aXA6IDMuMTQ1LjEwLjgwIA== جزيرة ام اند امز