المنقوش وموسي.. "أشواك ناعمة" تستفز إخوان ليبيا وتونس
مواقف نارية ترفض التدخلات الخارجية وتؤمن بسيادة الأوطان، تتضارب مع أجندة إخوانية تتغذى من الفوضى والاستعمار وتنفُق في ظل الاستقرار.
نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية الليبية، المرأة التي تسير فوق حقل من الألغام الموروثة عن 10 سنوات من الفوضى السياسية، والمتطلعة إلى إعادة التوازن إلى علاقات ليبيا الخارجية، تواجه اليوم حملة شرسة من الإخوان.
حملة يقودها الفرع الإخواني الرافض لخروج ليبيا من الوصاية التركية، وتحررها من جلباب تفرضه أنقرة عبر مزاعم "حماية الليبيين"، في حين أن النفط وكعكة إعادة الإعمار هما كل ما يشغل البلد الأول.
هجوم يأتي على خلفية دعوة المنقوش تركيا لسحب المقاتلين الأجانب من ليبيا، في موقف يبدو أنه استفز الإخوان الذين يعولون على الوجود التركي والفوضى عموما للتموقع.
محللون يؤكدون أن المنقوش استفزت الإخوان في أكثر من جانب؛ أوله أنها ضربت مباشرة على الوتر الحساس بالمقاربة الليبية في علاقتها بالأطراف الخارجية، حيث كانت حاسمة مدركة تماما لما تريد، ووجهت دعوتها بشكل علني صريح زلزل الأرض تحت أقدام تنظيم لا يزال يبحث عن ثغرة للاندساس بالمشهد.
أما الجانب الثاني الذي يثير جنون إخوان ليبيا، فهو تقلد امرأة لمنصب فائق الأهمية مثل الخارجية؛ الوزارة السيادية التي تحدد ملامح العلاقات الدولية للبلاد.
فالمعروف أن إقصاء الإخوان للمرأة، استنادا لأدبياتهم وإيديولوجيتهم المتطرفة، يجعلهم عاجزين عن استيعاب مواقف وطنية حاسمة من "أنثى" يرونها كائنا ناقصا لا يصلح لتقلد مناصب هامة أو تسيير وزارة بحجم الخارجية.
"عداء" ناصبه إخوان ليبيا للمنقوش منذ تنصيبها، وبدأ يطفو للسطح كلما أدلت بتصريحات لم ترق للفرع الإرهابي، وتفاقم بشكل جلي ردا على دعوتها لتركيا بسحب المقاتلين الأجانب.
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي تستفز فيها المنقوش إخوان ليبيا بتصريحاتها، إذ سبق أن دعت، في أبريل/ نيسان الماضي، إلى إلغاء الاتفاقية الموقعة مع تركيا وانسحاب قواتها من ليبيا، وتعرضت لهجوم حاد أيضا.
وحينها، استنفرت قيادات الإخوان في ليبيا وقواتها المسماة "بركان الغضب" للردّ على هذه الدعوة والدفاع عن التواجد التركي.
واعتبر حزب "العدالة والبناء"؛ الذراع السياسية لإخوان ليبيا، أن دعوة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش إلى انسحاب القوات التركية من ليبيا "أمر مثير للاستغراب".
وزعم أن "القوات المتواجدة على الأراضي التركية جاءت دعما للاستقرار وبناء على اتفاقية رسمية مشتركة مع الدولة الليبية".
هجوم لم ينقطع بعد ذلك وقبله، وفق متابعين للشأن الليبي، لكنه ظل ينتظر فرصة جديدة للانقضاض على الوزيرة، وهو ما حصل عقب تصريحاتها الأخيرة خلال لقائها مع نظيرها التركي مولود تشاووش أوغلو.
غير أن حملة الإخوان لم تنجح في تحقيق هدفها، حيث امتلأ موقع التواصل تويتر بتغريدات متضامنة ومؤيدة للمنقوش، وجرى تداول وسم باسمها بشكل مكثف، في رد صفع الفرع الإخواني وألجمه.
موسي.. في تونس
في تونس المجاورة، لا يختلف المشهد كثيرا، وإن تبدو إحداثياته أكثر حدة، حيث تتعرض عبير موسي، النائبة عن الحزب الدستوري الحر، لهجمات مماثلة، بل بلغ الأمر حد تلقيها تهديدات بالتصفية الجسدية من الإخوان، وفق تصريحات متواترة لها.
موسي التي فضحت إخوان البلاد وكشفت فسادهم، تتعرض لحملات تشويه شبه يومية، وتعرضت للعنف من قبل نائب من "ائتلاف الكرامة" الإخواني.
وفي مارس/ آذار الماضي، قالت موسي إنها تعرضت للضرب والتعنيف داخل مبنى البرلمان، منبهة إلى انزلاقات خطيرة داخل المؤسسة التشريعية في ظل سطوة "الإخوان".
وأوضحت موسي، عبر صفحتها بموقع فيسبوك، أنها تعرضت للاعتداء في أحد ممرات البرلمان، مشيرة إلى مساع دؤوبة لأجل "إخراس صوتها".
ونددت بالمضايقات والتهديدات التي يتعرضُ لها نواب آخرون من حزبها في مساع تهدف إلى عرقلة القيام بعملهم في البرلمان، وترهيبهم للكف عن كشف ألاعيب الإخوان.
نائبة في تونس، وهي محامية، ووزيرة في ليبيا، وهي أيضا محامية، تواجهان بصلابة تنظيما إرهابيا متغلغلا بمفاصل الدولتين؛ الأولى لا تزال ترزح تحت وطأته، والثانية نجحت في التخلص منه، لكنها تواجه إرثه المندس في كل التفاصيل.
نساء يصنعن التاريخ بمواجهة آفة تضرب المرأة بشكل أساسي وتنشد إقصاءها من القرار السياسي، نجحن في خطاهن الأولى نحو تحرير المجتمعات ودوائر القرار من تنظيم يريد إخراس أصواتهن لإعلاء أصوات البنادق.
"أشواك ناعمة" تنغرس في أجساد عليلة بأفكار ظلامية، تحاول إعلاء السيادة الوطنية ودحر التدخلات الخارجية، عبر إعلان الحرب على التنظيم المسكون بهاجس السلطة على حساب الأوطان.
aXA6IDMuMTI4LjIyNi4xMjgg
جزيرة ام اند امز