من بغداد لطرابلس.. استراتيجية احتلال ليبيا بالجواسيس والشائعات
خبراء ليبيون يرون أن ما يحدث في طرابلس الآن من تنظيم الإخوان الإرهابي هو تطبيق لحيلة إسقاط العاصمة العراقية بغداد
وصف خبراء ليبيون ما تشهده العاصمة الليبية طرابلس من تبادل التهاني بدخول الأتراك قاعدة الوطية الجوية، بأنه يشبه إلى حد كبير احتلال الجيش الأمريكي بغداد عام 2003.
وأعاد الخبراء التذكير بما حدث في العراق من ترديد شائعات وضرب الوحدة الوطنية وخلق الذرائع واصطناع المظلوميات وشيطنة القوى الوطنية الرافضة للاحتلال.
ورغم الفارق الزمني بـ17 عاماً واختلاف اللاعبين والمستفيدين والفاصل الجغرافي بين بغداد وطرابس، يؤكد الخبراء على قاسم مشترك بين العاصمتين، وهو الدور الحقيقي الذي يلعبه تنظيم الإخوان الإرهابي كطابور خامس يهيئ بلاده للاحتلال الأجنبي.
حيلة إسقاط بغداد
المحلل السياسي الليبي جمال شلوف قال لـ"العين الإخبارية" إن أبرز أدوات المرحلة هي الكذب والتضليل الذي يستخدمهما تنظيم الإخوان الإرهابي بشكل مكثف هذه الأيام.
واتهم الإعلام التركي الإخوانجي بتضخيم ما حدث في "الوطية" أقصى الغرب الليبي على يد الميليشيات والمسلحين الموالين له ويروج له على أنه انتصار عظيم وفارق في المعركة.
ويتزامن الترويج الإخوان مع عجز واضح لتركيا ومرتزقتها وميليشياتها الموالية لها عن تحقيق أي تقدم في المعركة الرئيسية بليبيا، وعدم حصولها على شبر واحد في محاور القتال بطرابلس بل وتكبدت خسائر فادحة، بحسب شلوف.
ولا يأتي التضخيم والتهويل الإخواني عبثا أو عفويا بل معد له بعناية في إطار الحرب النفسية لتصدير صورة أن دخول قاعدة الوطية (التي كانت فارغة أصلا) انتصار كبير.
وفقا للمحل الليبي فإن أردوغان والسراج يحاولان استهداف معنويات المناطق والمدن الأخرى مثل ترهونة التي استعصت عليهم عدة مرات لصلابة الجيش وحاضنته الشعبية فيها.
الطابور الخامس الإخوانجي
مصدر استخباراتي ليبي كشف بدوره أن تنظيم الإخوان الإرهابي يضع اللمسات الأخيرة لتسليم بلاده للاحتلال التركي بشكل كامل.
وقال المصدر لـ"العين الإخبارية" إن التنظيم الإرهابي الآن يمضي في شرعنة التدخل العسكري التركي في ليبيا ويسوق لإرهابه ضد شعبها وجيشها الوطني تحت غطاء مساندة ميليشيات السراج كما يروج دائما للإرهاب تحت غطاء إدعاءات ثورية وسياسية.
وأوضح المصدر أن تلك المرحلة تعد ما قبل الأخيرة التي يقوم بها الطابور الخامس الليبي (الجواسيس) ضد بلادهم بعد إرهاقها بالمرتزقة من جانب وترويج الشائعات عن الجيش الوطني ونسج الأكاذيب عن القبائل والمدن.
وأشار إلى أن هذه المرحلة تسبق نزول الجيش التركي بشكل كامل لاحتلال التراب الليبي.
وفي أعقاب قرارات اتخذها الجيش الليبي لإعادة تمركز قواته، ضجت منصات إعلامية مساندة ومروجة للإرهاب وصفحات شخصية ومواقع لعناصر من تنظيم الإخوان الإرهابي بعبارات الفرحة والانتصار والتبشير بالدور التركي والقطري في ليبيا.
وجرى ترويج الشائعات عن الموقف الدولي والجيش الوطني الليبي وبعض المدن والقبائل الكبرى، صحبها أيضاً أحاديث لقيادات من ميليشيات السراج عن دولة مدنية مزعومة في مرحلة ما بعد الحرب.
الحرب الإلكترونية
وما بين هذا وذاك، كشف المدون والمحلل السياسي الليبي عيسى رشوان عن وجود 850 ألف حساب وهمي على مواقع التواصل الاجتماعي يستخدمها تنظيم الإخوان الإرهابي للهجوم وتشويه الجيش الوطني.
رشوان أكد أن هذه المواقع أنشأت منذ بدء عملية "طوفان الكرامة"، لافتاً إلى أن أغلبها تدار من خارج ليبيا، وتستخدم في تشويه صورة الجيش الليبي في حربه على الإرهاب.
وبدأت الأزمة الليبية بإعلام مضلل، وبعض الفضائيات والمواقع الإلكترونية التابعة والممولة من دول داعمة للإرهاب ساهمت في تأجيج الصراعات داخل البلاد، وتصوير الأزمة على غير حقيقتها، بحسب المدون الليبي.
ومن جانبه، أوضح الباحث السياسي والحقوقي الليبي سراج الدين التاورغي أنه منذ بداية الأزمة الليبية عام 2011، فإن قنوات من خارج البلاد مارست التضليل والكذب وتبعتها صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتحدث عن أن هذه المنصات خلقت صورة ذهنية مغايرة للواقع متبنية وجهات نظر خاصة وداعمة لتيارات إرهابية ترتبط مصالحها مع أعداء ليبيا في الخارج.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، ارتفاع قتلى مرتزقة النظام التركي في ليبيا إلى 311 قتيلا، مؤكدا استمرار أنقرة في إرسال المتطرفين غير عابئة بالقرارات الدولية.
وتستمر تركيا في إرسال المرتزقة السورييين إلى ليبيا حيث تجاوز عددهم وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، 9600 مرتزق، بينهم أطفال ومنتمين لتنظيمات على وقوائم الإرهاب الدولي مثل "جبهة النصرة".
ورغم أن الجيش الليبي وحكومة فايز السراج قد قبلا الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، إلا أن المليشيات خرقت الهدنة، من اليوم الأول.