لقد دأبت تركيا أردوغان على التدخل لدعم جماعة الإخوان في ليبيا بالسلاح والعتاد وحتى الدعم السياسي في المحافل الدولية كالأمم المتحدة.
اعتادت تركيا على حشر أنفها في شؤون دول ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، مستغلة ظروفاً وأزمات محلية تعاني منها تلك الدول، وليبيا أنموذج على هذا التدخل السافر الذي ليس مقتصراً على هذه التصريحات المستفزة، بل إنه أبعد من ذلك بكثير ويمتد إلى زمن بعيد منذ إسقاط تحالف الناتو النظام والدولة في ليبيا عام 2011.
لقد دأبت تركيا أردوغان على التدخل لدعم جماعة الإخوان في ليبيا بالسلاح والعتاد وحتى الدعم السياسي في المحافل الدولية كالأمم المتحدة.
رغم التدخل التركي والقطري، الداعم للفوضى والإرهاب، فإن ليبيا ستنهض وستحطم التآمر التركي القطري، وإن غدا لناظره قريب عندما يرى أردوغان هزيمة إخوانه الساحقة على يد جيش ليبيا.
دخول أردوغان على خط المعركة في طرابلس الذي لا تحده ولا تشكل تهديداً له ولا على دولته، يؤكد الأطماع الإمبراطورية لهذا الرجل الذي ينبغي للعالم أن يضعه عند حده ويوقف طموحاته العدوانية والشريرة التي تريد الهيمنة على المنطقة بأسرها. هذا الرجل الذي دفع بقواته لاحتلال جزء كبير من أرض عربية هي سوريا، الذي سبق لبلاده أن بلعت لواء الإسكندرون بكامله ولم ترده إلى أهله هو رجل يسعى للهيمنة على بلاد العرب، وتحت ذريعة التمكين للتنظيم الإرهابي "الإخوان المسلمين" ها هو يسعى لاستعادة الإمبراطورية العثمانية من جديد.
التدخل التركي ليس فقط عبر تصريحات وتهديدات أردوغان بالتدخل لمنع الجيش الليبي من تحرير العاصمة الليبية طرابلس؛ حيث قال إن «بلاده ستسخر جميع إمكانياتها وستقف بحزم لمنع الاعتداء الذي يشن على العاصمة طرابلس». وهذه المجاهرة قد يكون سببها انهيار المشروع التوسعي التركي بعد التراجع التركي في سوريا، وتنامي دور المعارض السياسي غولن وخسارة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لانتخابات بلدية إسطنبول، وضغط أردوغان ورفضه نتائج الصندوق، كعادة الإخوان في رفض نتائج الديمقراطية إذا كانت النتائج عكس هواهم.
أردوغان يجاهر بدعم جماعة الإخوان في طرابلس، تحت شعار أنها حكومة شرعية، وهي حكومة الوفاق، في حين هو يعلم ويعي جيداً أنها ليست سوى حكومة يهيمن عليها الإخوان، وشارفت على السقوط، فهب لنجدتها، الأمر الذي دفع رئيس حزب العدالة والبناء الفرع الليبي لحزب الإخوان التركي العدالة والتنمية، بالمباركة والتهليل عبر تصريحات رئيسه محمد صوان.
التدخل التركي المباشر في الشأن الليبي جاء أولاً عبر شحنة أسلحة ومعدات عسكرية تركية أدخلتها إلى البلاد، دعماً للفوضى، واستمر عبر شحنات متتالية، كما تعتبر تركيا بمثابة ملجأ اختياري لقيادات جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة؛ حيث ساندت تركيا المليشيات الإرهابية؛ منها مجلس شورى «ثوار» بنغازي ومليشيات مصراتة.
بيان لجنة الدفاع في مجلس النواب الليبي أكد التدخل التركي في الشأن الليبي الذي تسبب في ديمومة الفوضى، واستقواء المليشيات الإخوانية بالدعم التركي غير المحدود الذي يصب في دعم الإرهاب والتطرف.
فالدور التركي المشبوه والتدخل السافر في الشأن الليبي، هو امتداد لأطماع استعادة العثمانية، ومنها التدخل في ليبيا عام 2011 بحجة حماية أقلية تركية في مدينة مصراتة، ويعرفون أيضاً بتركمان ليبيا أو «أتراك ليبيا» وهم من يشار إليهم بـ«كول أوغلي»، وهي أقلية بسيطة جداً؟
لقد صرح عرّاب جماعة الإخوان علي الصلابي في ليبيا أنه أقنع الرئيس أردوغان بالتدخل في إسقاط نظام القذافي وحماية الأقلية التركية، الأمر الذي تسبب في أزمة هوية للبعض وتسبب في كثير من الصراعات.
ليست المرة الأولى التي تخذل تركيا الشعب الليبي، فقد سبق أن تنازلت السلطنة العثمانية في عهد السلطان عبدالحميد الثاني عن ولايات الدولة؛ ومن بينها التخلي للإيطاليين عن ليبيا فيما عرف بمعاهدة لوزان، بموجبها انسحبت الدولة العثمانية من ليبيا وتركت أهلها وحدهم وجهاً لوجه أمام الإيطاليين.
العلاقات التركية مع حركة «الإخوان المسلمين» في ليبيا تمتد لسنوات، وكان عرابها المطلوب الدولي علي الصلابي، وهو من قادة التنظيم الإرهابي وملاحق محلياً ودولياً في قضايا إرهاب تؤكد دعمهما للجماعات في طرابلس، من خلال رعايتها واحتضانها قادة التنظيم على أراضيها واعتبارها ملجأ آمناً لهم.
التدخل التركي والقطري في ليبيا يصب في دائرة دعم تنظيم الإخوان الذي تتقاطع مصالحه بين تركيا وقطر اللتين ستواجهان حرب زعامة قادمة في ظل غرور أردوغان وأطماعه بالزعامة، وعودة العثمانية الثانية التي لن تنصاع لها رؤوس التنظيم في قطر، لطموحهم بالزعامة هم الآخرون، فدولة قطر هي مقر التنظيم الشرس الذي سطا الإخوان عليها قبل أكثر من ستين عاماً.
لكن رغم التدخل التركي والقطري، الداعم للفوضى والإرهاب، فإن ليبيا ستنهض وستحطم التآمر التركي القطري، وإن غداً لناظره قريب عندما يرى أردوغان هزيمة إخوانه الساحقة على يد جيش ليبيا.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة