حفتر و"استعراض الكرامة".. رسالة قوة في مشهد سياسي لا يخلو من تهديدات
رسالة سلام أم تأكيد على الوجود في المشهد السياسي أم تهديد ووعيد، تفسيرات متعددة حملتها كلمة القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر في العرض العسكري الذي أقيم أمس بمناسبة الذكرى السابعة لعملية الكرامة ضد المليشيات المسلحة.
وأكد حفتر، في كلمته خلال الاحتفال بالذكرى السابعة لانطلاق عملية الكرامة، أن "الجيش الليبي لا تزال أصابعه على الزناد، ولن يتردد في خوض المعارك من جديد لفرض السلام بقوة إذا ما تمت عرقلته بالتسوية السلمية المتفق عليها".
مشهد مهيب
تلك الرسائل التي بثت في مشهد عسكري مهيب، وتلقفتها الأطراف المختلفة داخليًا وخارجيًا، برهنت على أن الجيش الليبي كان ولا زال "رمانة الميزان" في الحل، ولا يجب تهميشه أو إقصاؤه من المشهد السياسي أو العسكري؛ كونه الضامن الوحيد لعملية سلام دائم في البلد الأفريقي الذي مزقته عشرية من الصراعات.
إلا أن تصريحات القائد العام، تزامنت مع شائعات تزعم مطالبة واشنطن للجيش الليبي ولحفتر بالخروج من المشهد السياسي، سارعت السفارة الأمريكية بنفيها، مؤكدة على دور القوات المسلحة في إرساء السلام بليبيا.
- حفتر: لن نتردد في فرض السلام بالقوة في ليبيا
- هل طالبت واشنطن حفتر بالانسحاب من المشهد الليبي؟ السفارة توضح
وشاركت في الاستعراض، الذي وصف بأنه الأضخم، وحدات عسكرية من القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي وحرس الحدود وقوات إدارة الصاعقة والمظلات، وذلك إحياء لذكرى "عملية الكرامة" التي انطلقت في مايو 2014 بمدينة بنغازي شرق ليبيا بهدف تحرير المنطقة من سيطرة المليشيات المسلحة والإرهابيين.
"العين الإخبارية" استطلعت آرا محللين سياسيين حول كلمة حفتر، وعلاقتها بشائعات مطالبته بالخروج من المشهد السياسي وما إذا كانت ردًا عليها، أم أن لها مدلولات أوسع، تتعلق بمحاولة إرجاء الانتخابات المحدد موعدها سلفًا في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، لصالح الاستفتاء على الدستور؟.
سلام عادل مشروط
حسين المسلاتي المحلل السياسي الليبي، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "كلمة المشير حفتر تحمل الكثير من الرسائل السياسية والأمنية، أبرزها أن القوات المسلحة هي من فرضت السلام وهي من تحميه؛ فرسالة أمس هي رسالة سلام مشروطة، تؤكد على السلام العادل الذي لا يقصيها ولا قياداتها من المشهد السياسي، وتشترط على ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه".
وأكد المسلاتي أن "القيادة العامة لم ولن تخرج من المشهد السياسي؛ فأفرادها من يصنع السلام عبر حماية الدولة الليبية في الداخل والخارج، فيما قياداتها من كان ولا زال شريكًا رئيسيًا فيها، والذي بدا بوضوح في الاتفاقات الدولية والتي كان آخرها اتفاق جنيف الموقع في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي نتج عنه تشكيل اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 +5 )، والتي تسعى لإحلال السلام عبر توحيد الجيش".
التهميش مرفوض
وأشار إلى أن "محاولة تجاهل أو الالتفاف على القيادة العامة أو تهميشها مرفوض وفقا لرسالة الأمس؛ فلا حلول ولا ذهاب إلى الأمام إلا بموافقة الجيش والتشاور معه".
وأكد أن "أي حديث عن خروج القيادة العامة من المشهد السياسي أو أن دورها انتهي، هو هراء لا أساس له من الصحة".
لم تكن كلمة حفتر –وفقا للمسلاتي- إثبات للتواجد في المشهد السياسي فحسب، بل رسالة تهديد للمليشيات بأن عليهم الالتزام بما تم الاتفاق عليه والرضوخ لحلهم وإعادة تصنيفهم وتشكيلهم من جديد، تمهيدًا لضمهم للقوات العسكرية بشكل منضبط، أفرادًا لا مجموعات.
رسائل مزيفة
بدوره، قال المحلل السياسي الليبي محمد يسري، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "محاولة ربط نفي السفارة الأمريكية مطالبتها بإقصاء حفتر، بكلمة القائد العام، ليست دقيقة؛ فالمؤسسة العسكرية لا تلتفت أبدا لمثل هذه الرسائل المزيفة والتي يطلقها تنظيم الإخوان وداعميهم، محاولين زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد".
وأوضح أن "واشنطن تدرك أن المشير حفتر والجيش الليبي شريك أساسي في مكافحة الإرهاب؛ فما استعرضه الجيش بالأمس، يثبت أنه القوة الوحيدة العسكرية المنظمة، القادرة على التعاون إقليميًا ودوليًا لمواجهة الأخطار التي تواجه المنطقة، وفرض السلام في الداخل الليبي".
قطع الطريق
وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أن "كلمة المشير حفتر كانت واضحة بتأييده إجراء انتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر، لتقطع الطريق على من يريدون إطالة أمد الأزمة الليبية، لاستمرارا مصالحهم الشخصية".
وأكد يسري أن "كلمة المشير كانت بمثابة تحذير لكل من تسول له نفسه المساس بالشعب الليبي والاعتداء على ثرواته، بأن الجيش لن يتردد في استخدام كل الوسائل من أجل الدفاع عن التراب".
رافضو الجيش
مختار الجدال المحلل السياسي الليبي أكد في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "تصريحات حفتر كانت موجهة لرافضي المؤسسة العسكرية في الداخل، وللمجتمع الدولي خاصة من يدفع في اتجاه استمرار الفوضى في البلاد".
وأكد أن "الكلمة كشفت بوضوح موقف القيادة العامة بما جرى وما يجري في أزمة ليبيا، خاصة سيطرة المليشيات المسلحة والقوات التركية على الغرب الليبي".
الجدال أشار إلى أن "المشير حفتر أراد إيصال رسالة مفادها أن الجيش وافق على السلام من أجل الديمقراطية وسيستمر على موقفه حتى نهاية الطريق، إلا أنه مستعد للحرب من جديد، حال فشل خطة السلام".
حرب شرسة
المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، كشف في حديث لـ"العين الإخبارية" عن تعرض الجيش وقيادته العامة "لحرب إعلامية شرسة من قبل تنظيم الإخوان، في محاولة منهم لإبعاد المؤسسة العسكرية عن دورها الوطني؛ لذا أطلقوا الشائعات التي كان آخرها نشرهم لتصريحات مزورة عبر صفحات ممولة منسوبة للإدارة الأمريكية، مفادها إبعاد المشير من المشهد، وهو ما تم تفنيدها ونفيها".
وأكد الورفلي أن "خطاب المشير جاء ليرد وبقوة على كل الأطراف التي تكيل العداء للشعب الليبي؛ فهي كلمة اختصرت الواقع ولامست مشاعر الشعب اللييي الذي تابعها بكل اهتمام".
حماية الشعب
وأشار إلى أن "كلمة المشير حفتر أثبتت أن القوات المسلحة موجودة وازدادت قوة؛ فمن أراد السلام فالجيش يدعمه، ومن أراد العبث بمصالح الشعب الليبي، فالقوات المسلحة ليست عاجزة عن حماية مقدرات الشعب".
وشدد المحلل السياسي الليبي على أن "هناك رسالة خارجية وراء تصريحات المشير حفتر، مفادها بأن الجيش له دور أساسي في حماية الشعب الليبي من بطش الإرهاب والمليشيات خاصة داخل العاصمة طرابلس، التي وصفها المشير بالمدينة المحتلة المنكوبة".
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjI0NiA= جزيرة ام اند امز