مأساة الدراما الليبية.. احتكار إخواني وأجندات أجنبية

لم يستثن الانقسام السياسي في ليبيا شيئا من مناحي الحياة في البلد الخاضع لحكومتين إلا وبسط تأثيره عليه، وشاشة التلفاز ليست استثناء منه.
انقسام جاء على ما يبدو لصالح تنظيم الإخوان الإرهابي، الذي سيطر على شاشة التلفزيون الليبي عبر احتكاره لأموال البلاد بشكل حصري لتوظيفها وفق أجندته الخاصة.
وضع درامي سيئ تحدث عنه باستفاضة الناقد الفني والسيناريست الليبي أحمد الحسين التوهامي في حوار له مع "العين الإخبارية"، حيث بدأ حديثه عن الدراما الليبية بشكل عام.
يرى التوهامي أن الدراما الليبية خاضت عدة تجارب مختلطة مع بقية الدول العربية، منذ التمويل الكامل لأعمال عربية مثل مسلسل الأمانة اللبناني في بدايات الثمانينيات الذي اشتهر بأزماته المتكررة في الشارع الليبي، لكنه ظل محفورا في ذاكرة المشاهدين.
بعد ذلك مر الفن الليبي، وفقا للتهامي، بمرحلة جديدة تمثلت في الانتقال "إلى تمويل السينما في فيلمي الرسالة وعمر المختار ثم اشتراك عدد من الممثلين الليبيين على مدى عدة عقود في أعمال مصرية وسورية مما كون تراثا ليبيا ذا صبغة عربية".
ورغم تلك المحطات فإن الناقد الفني الليبي أحمد الحسين التهامي يؤكد أن "التجربة الدرامية في ليبيا لا تزال تعاني ضغوطات متزايدة سببها ضعف الاقتصاد وتذبذب القرار السياسي، ما يجعل مجرد استمرارها مكسبا لكل الليبيين".
سيطرة الإسلام السياسي
يرصد التهامي أزمة متصاعدة للدراما الليبية في رمضان 2023، وترتبط بالإسلام السياسي المتطرف الذي يحكم قبضته على المشهد، قائلا: "انعدام التمويل أصبح خطرا محدقا بالأعمال الدرامية الليبية جميعها، وهذا يلقي بظلاله على مستوى الإنتاج الدرامي المحقق".
واعتبر أن "ضعف التمويل يعني أن أعمالا فنية ماتت قبل ظهورها على الشاشة، وأن أعمالا أخرى نفذت بطريقة سيئة، وأن حال الدراما في ليبيا صعب للغاية"، على حد وصفه.
وربط أزمة الإنتاج التلفزيوني الحالي بما تعيشه بلاده من أزمة سياسية حاليا، قائلا: "الحكومة التي تملك مفاتيح التمويل أعطت الأموال لجناح سياسي متطرف وتجاهلت بقية الوسط الفني".
وأضاف: "نعم حكومة عبدالحميد الدبيبة (حكومة الوحدة الوطنية الليبية منتهية الولاية)، تدخلت بشكل خطير جدا، حيث أتاحت لتيار الإسلام الإخواني المتطرف أن يحتكر إيرادات شركات الاتصال مثل ليبيانا والمدار لصالح أعمال رديئة".
وأشار إلى أن هذه الأعمال الإخوانية الدرامية تعمل لتسويق أجندات أجنبية على حساب وجود ليبيا وتاريخها، بل وعملت على تحويل البلاد إلى ملحق خاضع وعاجز لأطراف إقليمية.
أما عن إدخال ممثلين عرب في الأعمال الدرامية الليبية، فاعتبر التهامي أنه لا تأثير له على مستوى الدراما، ولا يحل أي من إشكالياتها المعقدة، وعلى رأسها أزمة التمويل المستمر، لكنه قد يشكل دعاية لطرف سياسي ما، في إشارة منه إلى تنظيم الإخوان.
إرادة سياسية
يرى أحمد الحسين التهامي أن "الدراما الليبية تعيش معضلة حالة توقف النمو وسببها ندرة التمويل، والذي لو توفر بشكل مستمر وكاف لكانت في وضع مختلف، ولكن في النهاية هذا الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية تدعم الفن الليبي".
ويختتم الناقد الفني الليبي حديثه بالمطالبة بإنشاء صندوق وطني مستقل تشترك في إدارته الحكومة ورجال الأعمال يقدم دعما ماديا مستقرا للفن الدرامي في ليبيا وفقا لشروط معيارية ووطنية محددة مسبقا ومعلنة.
aXA6IDMuMTUuMjE0LjEyMCA= جزيرة ام اند امز