تركيا تدفع بداعش إلى جنوب ليبيا.. الأسباب والتداعيات
بحسب آراء خبراء سياسيين وأمنيين تحدثوا إلى "العين الإخبارية" عقب قضاء الجيش على خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش
ألقى خبراء سياسيون وأمنيون ليبيون بالمسؤولية على تركيا في تحريك تنظيم داعش الإرهابي في جنوب البلاد بهدف زعزعة الأمن والاستقرار لصرف نظر الجيش عن المحاور بالشمال والمسحلين القادمين من دول الجوار خاصة عناصر جماعة "بوكو حرام".
واتهم الخبراء في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية" تركيا بتحريك هؤلاء الإرهابيين خاصة أنهم من متعددي الجنسيات ومن الدفعات الأخيرة التي وصلت إلى ليبيا حديثا وهي عناصر محترفة.
وتمكنت قوات الجيش الليبي اليوم الثلاثاء من القضاء على خلية إرهابية خطيرة تابعة لتنظيم داعش من متعددي الجنسيات بعد معركة استمرت لأكثر من ستة ساعات في مدينة سبها.
وتحصنت الخلية بمنزل محصن في أحد أحياء مدينة سبها مدججين بأسلحة حديثة كما قاموا بتفخيخ المنطقة بالكامل، كما قامت هذه الجماعات باستهداف وحدات القوات المُسلحة بأكثر من اثنين وثلاثين قنبلة يدوية.
وأسفرت العملية عن مقتل أكثر من سبعة أشخاص بينهم حاملو جنسيات عربية وأجنبية وتم أسر امرأتين.
العميد إدريس العصليبي الخبير الأمني الليبي قال إن هذه الخلية التابعة لداعش من الإرهابيين القادمين من سوريا عبر أنقرة، وتم نقلهم عبر شركات طيران محلية هبطت في مصراتة ومعيتيقة.
وأضاف العصليبي أن تركيا أعطت الخلية الإرهابية الأوامر للانتقال إلى مدينة سبها بهدف التجمع فيها مع خلايا أخرى وعناصر محلية بهدف زعزعة استقرار الجنوب وضرب الخطوط الخلفية للجيش قرب الحقول النفطية، على حد قوله.
وكشف الخبير الأمني في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن الخلية انتقلت من خطوط النار في الشمال الغربي بإقليم طرابلس الكبرى تحت غطاء أنهم أسر ليبية مهجرة، لكن جهاز الأمن الداخلي رصدهم وأعطى المعلومات للجيش الذي حاصرهم وتعامل معهم.
ونوه بأن التحقيقات مع النساء اللواتي تم القبض عليهن وتحليل بيانات جهاز الحاسب الآلي ستكشف عن الخلايا الأخرى المختبئة بالمدينة واتصالاتهم.
وتابع أن الخلية لم تكن تهدف الانتقال إلى دول الجوار بل البقاء واستقدام إرهابيين آخرين من جماعة "بوكو حرام" الإرهابية وتنظيمات أخرى خاصة من الجزائر ومالي والنيجر.
من جانبه، قال الخبير السياسي الليبي رضوان الفيتوري إن الكشف عن هذه الخلية يفتح الباب للتساؤل عن كيفية قدوم عناصرها عبر المطارات الليبية أو البوارج الحربية التركية أو قاعدة الوطية الجوية.
ويرى الفيتوري أن "تركيا هي من تحرك هؤلاء الإرهابيين خاصة أنهم من متعددي الجنسيات"، مرجحا أنهم من "الدفعات الأخيرة التي وصلت إلى ليبيا حديثا وهي دفعات محترفة من التنظيمات الإرهابية".
وتابع في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن "الجيش لهم بالمرصاد وحاول أن يأسر بعضا منهم ولكنهم قاموا بعمليات انتحارية وفي موقع محصن بالكامل مع أسلحة حديثة ومفخخات وأحزمة ناسفة وعدد كبير من القنابل ما يؤكد أنه عمل احترافي".
ونوه الخبير السياسي الليبي إلى أن "هذه العملية المخطط لها كانت بغرض صرف نظر الجيش الليبي وأن يتسببوا في نقل بعض من قواته للجنوب بغرض التأمين في حين يسهلوا عملية تركية مليشياوية على الحقول والموانئ النفطية".
وألمح إلى أن "تنظيم الإخوان حرك أيضا خلاياه الإرهابية والتخريبية في العديد من المدن والمناطق وهاجم بعضها مؤسسات حكومية ورسمية".
وأوضح أن "عبثية الأمم المتحدة في ليبيا أصبحت واضحة مع تجاهلها الدور البطولي للجيش الليبي في محاربة الإرهاب في حين خرجت ببيان تدين التصدي لمخربين هاجموا مديرية أمن المرج وأهملت مظاهرات طرابلس التي ألقي القبض على غالبية قادتها"، وفق قوله.
بدوره، اعتبر الدكتور يوسف الفارسي المتخصص في الأمن القومي بجامعة عمر المختار الليبية أن "تركيا تسعى لفتح جبهة قتال جديدة بعد أن فشلت في السابقة وهي الجنوب الليبي".
وأشار إلى أن "ذلك من خلال دعم المجموعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش في محاولة لنشر المزيد من الفوضى وضرب الاستقرار في المنطقة".
وتابع الفارسي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "هذه الخطوة تأتي بالتزامن مع تواصل التحركات لتكثيف الجهود الدولية لحل الأزمة بالطرق السياسية السلمية ومع الاستعدادات التي يقوم بها الجيش الليبي في سرت لصد أي تدخل للعدوان التركي".
ما سبق- بحسب الخبير الليبي- يؤكد أنه "من المستحيل لأنقرة التقدم شبرا واحدا داخل هذه المنطقة الأمر الذي يدفعها لفتح جبهة جديدة".
الفارسي اعتبر أن "نجاح الجيش الليبي في التصدي لهذه الخلية سوف يدعم موقفه دوليا خصوصا في عملياته في تطهير البلاد من الدواعش والمرتزقة الذين ترسلهم تركيا لزعزعة الاستقرار الإقليمي والمحلي لدول شرق وغرب المتوسط عامة وليبيا خاصة".
الخبير الليبي اعتبر أيضا أن "هذه التحركات تهدف لإعادة إحياء داعش في ليبيا ما يشكل خطرا كبيرا على البلاد حيث انتقل عدد من القيادات في التنظيم إلى ليبيا في الوقت الراهن".
وحذر الفارسي من خطورة هذه الخلايا التي ستسعى لاستهداف الحقول لنفطية المترامية في قلب الصحراء كما هو الحال بالنسبة لخط الغاز الممتد لمسافات طويلة حتى إيطاليا والمنشأت النفطية كحقل الشراراة الاستراتيجي.
ووفق ما يراه، قال الفارسي إن تركيا تحاول تهيئة الطريق لانتقال قوات المليشيات إليها من خلال التنظيمات الإرهابية بسبب أهمية الجنوب الاستراتيجية حيث يتواجد به مصادر اقتصادية هامة متمثلة في منابع البترول.