كلمة حفتر.. خيار الليبيين بين المشروع الوطني والغزو التركي
المشير حفتر يعلن استجابته للتفويض الشعبي لتسيير شؤون البلاد وإسقاط حكومة السراج
وضعت كلمة القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، مسارا جديدا للأزمة الليبية، خصوصا مع الصمت الدولي تجاه التدخلات العسكرية التركية وانتشار مرتزقتها غرب ليبيا، بحسب رأي العديد من الخبراء.
وكان المشير حفتر قد أعلن، الإثنين، استجابته للتفويض الشعبي لتسيير شؤون البلاد وإسقاط حكومة السراج، مضيفا أن القوات المسلحة الليبية ستستكمل مسيرتها في تحرير البلاد من الإرهاب، وحماية حقوق الليبيين، والسعي لتهيئة الظروف لبناء دولة مدنية مستقرة.
المحللون اعتبروا أن كلمة المشير حفتر تحمل للعالم والليبيين خيارا وحيدا بين المشروع الوطني الليبي والمشروع التركي الإرهابي.
وقال الإعلامي صلاح الترهوني إن قبول القيادة العامة للقوات المسلحة بالتفويض الشعبي هو ترجمة واضحة لإرادة الشعب في كل المدن الليبية شرقا وغربا وجنوبا.
وأضاف الترهوني، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن قطاعات كبيرة بالمنطقة الغربية فوضت سرا القيادة العامة للجيش بتحرير مدنهم المختطفة من الإرهاب والمليشيات.
وأشار إلى نفاد صبر الشعب الليبي على الحالة المتردية التي وصلت إليها البلاد بفعل المناورات السياسية طيلة الفترة الماضية، لافتا إلى قوة الالتفاف الشعبي الواضحة حول المشروع الوطني الذي أطلقته القيادة العامة وهو التيار الوطني الأكثر شعبية والذي ينادي بسيادة الدولة والقضاء على الإرهاب والأجسام السياسية المفروضة دوليا التي استدعت الاحتلال التركي على تدمير ليبيا.
بدوره، قال المحلل السياسي الليبي ناصف الفرجاني إن الحلول في ليبيا لم تعد تحتمل حلول "البين بين"، وإن الفاعلين الدوليين أمام خيارين لا ثالث لهما؛ هما إما المشروع الوطني الليبي المناهض للإرهاب وإما المشروع التركي الهادف إلى إعادة إنتاج الاحتلال العثماني مستعينا بالعناصر الإرهابية متخذا من ليبيا مرتكزا لضرب المنطقة والعالم بالفوضى.
من جانبهم، قال عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي، في بيانات متفرقة، من بينهم يوسف العقوري رئيس لجنة الشؤون الخارجية وسعيد خالد أسباقة وعائشة الطبلقي العقوري وأبوبكر بعيرة وفرج الصفتي الشلوي، إن قبول الجيش التفويض هو استجابة لتطلعات الشعب إلى الاستقرار والازدهار وإخراج البلاد من كبوتها بعدما أرهقتها الظروف التي مرت وتمر بها، معتبرين أن المؤسسة العسكرية بكل قواتها وأفرعها تمثل الإرادة الليبية الوطنية.
ردود الفعل الدولية
وفي رد فعل سريع، جددت السفارة الأمريكية دعوتها للأطراف الليبية إلى الوقف الفوري لإطلاق النار للدواعي الإنسانية.
وقالت السفارة، في بيان: "إنه في ظلّ استمرار معاناة المدنيين خلال شهر رمضان المبارك ووباء فيروس كورونا الذي يهددّ بحصد مزيد من الأرواح، نحث الجميع على الوقف الفوري لإطلاق النار، ما يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار على النحو المنصوص عليه في محادثات 5 + 5 التي يسّرتها البعثة الأممية للدعم في ليبيا بجنيف".
ومن جهتها، قالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، إنها تواصل اتصالاتها مع الفرقاء الليبيين للوصول إلى حل، مبدية ترحيبها بجميع المبادرات التي لا تستثني أحدا، والتي تسعى إلى إنهاء حالة الاقتتال والانقسام والعودة إلى الحوار السياسي في إطار مخرجات مؤتمر برلين.
وأكدت أهمية استجابة الليبيين للنداءات المتواصلة للدخول في هدنة إنسانية تتزامن مع هذا الشهر الفضيل والعودة إلى العملية السياسية بأسرع وقت لإنهاء حالة الحرب نهائيا بما يتناسب مع مصلحة الليبيين عامة.
حملات التفويض
وتشهد ليبيا منذ الخميس الماضي مطالبات من جموع الليبيين، والكيانات السياسية، والعديد من القبائل الليبية، القيادة العامة للجيش بتسيير شؤون البلاد، مؤكدين رفضهم لحكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج.
كما فوض مجلس أعيان الزنتان القوات المسلحة الليبية لتولي مسؤولية تسيير شؤون البلاد.
وأصدر المجلس بيانا، السبت، قال فيه: "إن هذا التفويض للقيادة العامة لتسيير شؤون البلاد، وتفعيل القوانين الكفيلة بإرجاع الطمأنينة لليبيين، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالعودة للمسار الديمقراطي، وإعداد دستور يتوافق عليه الليبيون ثم الذهاب لانتخابات برلمانية ورئاسية".
كما فوض مجلس ومشايخ وأعيان وادي الشاطئ في الجنوب الليبي القائد العام للجيش الليبي في قيادة المرحلة المقبلة وإدارة البلاد إلى حين استقرار الأوضاع.
وفوض شباب قبائل مصراتة، المقيمون في شرق ليبيا، المؤسسة العسكرية التي يثق بها الليبيون لتولي زمام الأمور في البلاد، لاستكمال مهمتها الوطنية التاريخية.
كذلك، أعلن المجلس البلدي لسلوق، تفويض المؤسسة العسكرية وقيادتها بتولي أمور البلاد خلال هذه المرحلة الحاسمة، والحرجة حتى إتمام التحرير الكامل للبلاد.
وأعرب التكتل المدني الديمقراطي (يضم نخبة من السياسيين) عن تأييده الكامل لتفويض الجيش الليبي، لإنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد.