منارة عدن.. أيقونة المدينة الرابضة منذ مئات السنين
تربض بشموخ وسط المدينة القديمة في عدن منذ ما يزيد على 6 قرون، شاهدةً على مختلف الحقب والدويلات المتعاقبة على اليمن، خلال تلك الفترة.
إنها منارة عدن، أحد أبرز المعالم التاريخية بالمدينة، وتحولت منذ عقود إلى أيقونة عدن ورمز معبر عن المدينة، تماما كبرج إيفل في باريس، وتمثال الحرية بنيويورك.
كما تشير المنارة للهوية العدنية، ودورها التنويري والثقافي الذي عاشته المدينة ذات فترة، تلاقحت فيها مختلف الدويلات والأديان والثقافات.
مئذنة مسجد
صرح منارة عدن، ما زال رابضا حتى اليوم في قلب المدينة، تتوسط معلمَين من أشهر معالم عدن، مبنى البلدية الذي بناه الإنجليز منتصف القرن التاسع عشر، وملعب الحبيشي لكرة القدم الذي شيّد في ستينيات القرن الماضي.
بينما يفيد كثير من المؤرخين بأن تشييد منارة عدن يعود إلى حوالي 1200 عام، وأنها كانت منارة ومئذنةً لمسجد قديم تهدم، كان يطلق عليه "جامع عدن".
واختلف المؤرخون في هوية الدولة أو الحاكم الذي أمر ببناء جامع كهذا، كانت المنارة جزءا أصيلا ولافتا منه.
زمن البناء
مؤرخون كثر أجمعوا على أن الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز، هو من أمر ببناء جامع عدن بمنارته هذه، مشيرين إلى أن الجامع حظي بتجديد وترميم في أواخر القرن الخامس الهجري.
فيما يعتقد مؤرخون آخرون أن بحارة من الفرس كانوا سببا في بنائه، بعد عثورهم على قطعة عنبر كبيرة في بحر عدن، فباعوها وبنوا بثمنها جامع عدن، وكان ذلك قريبا من حكم بني أمية للمشرق العربي.
وقد اختلف كتاب أوروبيون في فترة بناء جامع المنارة، فمنهم من يقول إنه بُنيّ في عصر الدولة الرسولية، حيث يُذكر أن أميرة من بني رسول ابتنته.
وتُرجع روايات أخرى بناءه إلى السلطان عامر بن عبدالوهاب، سلطان الدولة الطاهرية الذي قام بتجديد الجامع، ولكن لم يذكر مؤرخوها طاهر في مآثر حكامهم.
بينما يتحدث خبراء وباحثون يمنيون عن إمكانية قيام الأتراك العثمانيين خلال تواجدهم القصير في عدن بزخرفة المنارة وإعادة بنائها.
تنقيب معاصر
المنارة على جماليتها وورونقها البهي، جذبت انتباه علماء الآثار في العالم، وكان آخرهم العالم السوفييتي سيرجي شيرنسكي الذي قام بزيارة المنارة عام 1972.
ودعا شيرنسكي إلى إجراء حفريات أثرية، وبالفعل أجرتها بعثة اليونسكو، وأوصت بإجراء صيانة وترميم شامل للمئذنة.
وأشار العالم الروسي إلى أن المنارة شيدت في القرن الثامن الميلادي، وأن زخرفتها تعود إلى القرن السادس عشر، بينما قاعدتها المضلعة ربما كانت قائمة على أثر قديم لعله يعود إلى ما قبل الإسلام.
توصيف المنارة
تلك الأوصاف التي أطلقها العالم السوفييتي، ما زالت متواجدة حتى اليوم.
ويقول الباحث اليمني في مجال الآثار الدكتور علي سعيد سيف إن المنارة تقوم على قاعدة مضلعة وتأخد شكلا مخروطياً مثمن الأضلاع.
ويقدر سيف طول المنارة كاملا بحوالي 21 مترا، مقسمة على ستة طوابق، ويوجد بها سلم دائري حلزوني تبلغ عدد درجاته 68 درجة.
كما يقف جسد المنارة داخل حديقة صغيرة مسورة بسور حديدي بمحاذاة مبنى البريد العام التاريخي في مدينة كريتر، وأمام ملعب الحبيشي لكرة القدم.
ويؤكد الباحث اليمني في مقال صحفي حول المنارة، أنها كانت مئذنةً لجامع، لافتا إلى أن بدنها هرمي الشكل، له قاعدة مثمنة، قطرها السفلي 54 مترا، وهذا البدن مقسم إلى 6 أجزاء بواسطة أفاريز جصية بارزة بروزاً بسيطا.
ويضيف، يوجد عند قاعدة المئذنة بناء حجري أقيم لتدعيم المنارة بعد حدوث الميل فيها، ويزين بدنها بعض العناصر الزخرفية البسيطة التي تدل على تأثره بالأسلوب السلجوقي؛ نتيجة بقاء العثمانيين القصير في عدن.
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4zMCA= جزيرة ام اند امز