الحضارة المينوية و«الخطيّة أ».. سر لم يُحل بعد
تُعد الحضارة المينوية في جزيرة كريت، التي ازدهرت خلال العصر البرونزي بين 3100 و1100 قبل الميلاد، أولى الحضارات الأوروبية التي استخدمت الكتابة.
ومع ذلك، لا يزال نظام الكتابة المعروف باسم "الخطيّة أ" لغزًا لم يتمكن العلماء من فك شيفرته حتى اليوم.
تميزت الحضارة المينوية بالإبداع والهندسة المعمارية الرائدة، أبرزها قصر كنوسوس الشهير، وأثرت في الأساطير اليونانية مثل قصة المتاهة والمينوتور. وخلال تلك الحقبة، تم اكتشاف أدلة على نظام كتابة يتألف من حوالي 75 رمزًا، تمثل مقاطع صوتية أو مفاهيم معينة تُعرف بالأيديوغرامات.
استخدمت "الخطيّة أ" في سياقات متنوعة، شملت النصوص الدينية والتوثيق التجاري. ظهرت النقوش على ألواح طينية وأختام، ولكن العدد المحدود من النصوص المكتشفة، التي غالبًا ما تكون غير مكتملة، يعقد فهم هذا النظام الكتابي.
يرتبط "الخطيّة أ" بنظام كتابة آخر يُعرف بـ"الخطيّة ب"، الذي تم استخدامه لاحقًا في اليونان ويمثل صيغة مبكرة من اللغة اليونانية القديمة. ورغم التشابه بين النظامين، لا تُظهر "الخطيّة أ" صلة مباشرة باللغة اليونانية، مما يزيد من تعقيد فك شيفرتها.
وفقًا للدكتورة إيستر سالغاريلا من جامعة كامبريدج، كشفت قاعدة بيانات موسعة عن تشابهات بين الرموز المستخدمة في "الخطيّة أ" و"الخطيّة ب"، مشيرة إلى أن النظامين قد يكونان وجهين لعملة واحدة. وقالت في تصريح عام 2021: "هناك ارتباك كبير حول الخطيّة أ، وهذا التحليل البنيوي يُعد حجر أساس لفهمها بشكل أعمق".
رغم أن أصول "الخطيّة أ" تظل غامضة، فإن التفاعل بين المينويين وحضارات مصر وبلاد ما بين النهرين يشير إلى احتمالية وجود تأثير متبادل.
في السنوات الأخيرة، بدأ العلماء في استكشاف استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل النصوص القديمة، مما قد يساعد في كشف أنماط جديدة لم يلاحظها البشر. وعلى الرغم من بعض النجاحات في دراسة "الخطيّة ب"، لا يزال فك شيفرة "الخطيّة أ" يمثل تحديًا مستمرًا في عالم علم الآثار واللغويات.