مفاجأة مناخية.. هل يسهم تعافي الأوزون في تفاقم الاحتباس الحراري؟ (حوار)

بينما يتعافى ثقب الأوزون يتفاقم الاحترار العالمي؛ كيف ذلك؟
برزت مشكلة ثقب الأوزون في ثمانينيات القرن الماضي، وتكاتفت دول العالم المختلفة لمعالجة تلك الأزمة، وبالفعل ساهمت الجهود الدولية بصورة ملحوظة في تعافي طبقة الأوزون.
وتعمل طبقة الأوزون كدرع لحماية الأرض من أشعة الشمس الضارة، لكنه في نفس الوقت يُصنف أنه أحد الغازات الدفيئة التي تحبس الحرارة. الأمر الذي استحوذ على اهتمام مجموعة بحثية دولية لدراسة مدى تأثير تعافي طبقة الأوزون على المستقبل المناخي للأرض، وخلصوا إلى أنّ تعافي طبقة الأوزون قد يؤدي إلى زيادة الاحتباس الحراري العالمي بنسبة تصل إلى 40% أعلى مما كان متوقعًا، ويعتقد الباحثون أنه بحلول العام 2050، سيحتل الأوزون المرتبة الثانية بعد ثاني أكسيد الكربون كعامل مسبب للاحتباس الحراري. ونشر الباحثون ما توّصلوا إليه في دورية "أتموسفيريك كيمستري آند فيزيكس" (Atmospheric Chemistry and Physics) في 21 أغسطس/آب 2025.
- باحث بيئي: التغيرات المناخية تتغلب على الأنهار الجليدية الصامدة
- عالم فيزياء المحيطات سيبرين دريفهوت: اقتراب انهيار دورة الانقلاب الحراري في «الأطلسي»
استخدم مؤلفو الدراسة نماذج حاسوبية لمحاكاة كيفية تغير الغلاف الجوي بحلول 2050، وأخذوا بعين الاعتبار التدابير المتعلقة بضوابط تلوث الهواء والتخلص التدريجي من مركبات الكلوروفلوروكربون والهيدروكلوروفلوروكربون. ولاحظوا أنّ خفض تلك المركبات يحقق فوائد مناخية أقل مما كان متوقعًا في السابق. ويرى الباحثون أنه ينبغي أخذ تلك التغيرات في طبقة الأوزون بعين الاعتبار في السياسات المناخية.
تواصلت «العين الإخبارية» مع الدكتور "بيل كولينز" (Bill Collins)، المؤلف الرئيسي للدراسة في حوار خاص حول الدراسة.
إليكم نص الحوار..
1- كيف تُغطي هذه الدراسة الثغرات المعرفية التي خلّفتها تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) السابقة، وخاصةً فيما يتعلق بتأثيرات الأوزون المناخية؟
تستخدم هذه الدراسة نماذج أكثر شمولاً لنظام الأرض (نماذج مناخية تشمل الكيمياء والنظم البيئية) لحساب تأثيرات الأوزون من الكيمياء إلى الإشعاع والأرصاد الجوية. تسمح هذه النماذج للتغيرات في الأوزون بالتفاعل بشكل كامل مع النظام المناخي، على سبيل المثال، تغيير كميات السحب وبخار الماء، بالإضافة إلى درجة الحرارة.
استخدمت حسابات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ السابقة مجموعة واحدة من النماذج الكيميائية لحساب الأوزون، ثم نموذج نقل إشعاعي منفصل لحساب آثار الأوزون على التأثير الإشعاعي. في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، لم تُؤخذ التغيرات في السحب وبخار الماء في الاعتبار، بينما دُرست تغيرات درجة الحرارة في طبقة الستراتوسفير بشكل مبسط فقط.
2- كيف تم فصل آثار المواد المستنفدة للأوزون (ODSs) عن آثار سلائف الأوزون التروبوسفيري؟
قمنا بعزل المواد المستنفدة للأوزون عن مسببات الأوزون في طبقة التروبوسفير من خلال إجراء تجارب منفصلة: واحدة تغيّر فيها كلا العاملين، وأخرى تغيّر فيها فقط مسببات الأوزون في التروبوسفير، وبالتالي فإن الفرق بين التجربتين أعطى تأثير المواد المستنفدة للأوزون.
(توضيح: سلائف الأوزون التربوسفيري، هي عبارة عن مواد تتفاعل مع بعضها لتكوين طبقة الأوزون في طبقة التروبوسفير القريبة من سطح الأرض)
3- ما هي التحديات التي واجهتموها عند استخدام نماذج مناخية مختلفة، وهل لاحظتم أي اختلافات جوهرية بينها؟
نعم، كانت هناك اختلافات كبيرة في مقدار تعافي الأوزون بين النماذج المختلفة، ومع ذلك وجدنا أنه في جميع النماذج، وعلى الرغم من هذه الفروقات، فإن الحسابات الأكثر اكتمالًا أعطت نتائج أعلى في القوة الإشعاعية مقارنة بالطريقة التي استخدمها الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC). لذلك كنا واثقين في القول إننا وجدنا تأثيرات مناخية أكبر ناجمة عن تعافي الأوزون مقارنة بما ورد في تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
4- تشير الدراسة إلى أن الأوزون سيصبح ثاني أكبر مساهم في الاحترار العالمي بحلول عام 2050. كيف يمكن أن يؤثر ذلك على سياسات المناخ؟
استخدمت هذه النتيجة سيناريو كانت فيه ضوابط السياسات المفترضة على ملوثات جودة الهواء، مثل سلائف الأوزون التروبوسفيري، وهي ضعيفة، لا سيما في البلدان منخفضة الدخل. كانت مساهمات سلائف الأوزون التروبوسفيري وتعافي الأوزون الستراتوسفيري في المناخ متساوية تقريبًا. لو كانت سياسات التحكم في ملوثات جودة الهواء أقوى، لكان الأوزون التروبوسفيري سيقلل ويلغي الاحترار الناتج عن تعافي الأوزون الستراتوسفيري.
5- هل تعتقد أن نماذج المناخ الحالية المستخدمة في صنع السياسات بحاجة إلى إعادة تقييم دور الأوزون؟
نعم، تُظهر هذه الدراسة أن لكلٍّ من الأوزون التروبوسفيري وتعافي الأوزون الستراتوسفيري تأثيرات مناخية مهمة. تُعالج العديد من نماذج المناخ الأوزون بطريقة مبسطة فقط، لذا نشجع واضعي نماذج المناخ وصانعي السياسات على إيلاء المزيد من الاهتمام لهذا الغاز الدفيء المهم.
6- ما هي الخطوة التالية في هذا المسار البحثي؟ هل تخططون لتوسيع نطاق الدراسة لتشمل التأثيرات البيئية أو الصحية؟
لقد دُرست كلٌّ من الأوزون الأرضي وتعافي الأوزون الستراتوسفيري دراسةً مستفيضة من قِبل الأوساط البيئية والصحية (وأعضاء فريقنا البحثي)، لذا لن يتوسع هذا العمل في هذا الاتجاه. تمثل تقدمنا في هذه الورقة البحثية في دراسة التأثير المناخي المُشترك. ما نود فعله بعد ذلك هو دراسة الغازات المُسببة لهذه التغيرات في الأوزون بدقة. بالنسبة لمُسببات الأوزون، تشمل هذه أكاسيد النيتروجين ومختلف الهيدروكربونات، وبالنسبة لاستعادة الأوزون، تشمل هذه المركبات مُختلف مركبات الكلوروفلوروكربون والهيدروكلوروفلوروكربون.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز