ليب‑بو تان يكتب فصلا جديدا في تاريخ «إنتل»

بعد أشهر قليلة من توليه المنصب، يقود ليب-بو تان تحولا حاسما داخل عملاق الإلكترونيات "إنتل".
وفي خطوة تُجسد تحولا استراتيجيا بقيادة تان، أعلنت شركة إنتل عن عزمها فصل وحدة الشبكات والاتصالات التابعة لها وتحويلها إلى كيان مستقل، في إطار خطة إعادة هيكلة شاملة تهدف إلى إعادة إحياء الشركة التي فقدت بريقها خلال السنوات الأخيرة.
وأكدت الشركة، يوم الجمعة، أنها بدأت بالفعل البحث عن مستثمرين لهذا الكيان الجديد، الذي ينتج رقائق تُستخدم في معدات الاتصالات. ويأتي هذا القرار الحاسم في سياق خطة طموحة يقودها تان، تهدف إلى تحويل نموذج أعمال إنتل إلى هيكل أكثر رشاقة وتركيزا على مجالات النمو المستقبلية.
ليب-بو تان
وتان من مواليد 1959 في ماليزيا، ونشأ في سنغافورة حيث حصل على بكالوريوس في الفيزياء من جامعة نانيانغ التكنولوجية. ثم نال درجة الماجستير في الهندسة النووية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وأكمل دراسته بحصوله على شهادة MBA من جامعة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة
وشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة Cadence Design Systems من عام 2009 إلى 2021، حيث قاد إعادة تصميم ثقافة الشركة وتركيزها على الابتكار المرتكز على العملاء، وحقق نموًا هائلًا في الإيرادات والأرباح والقيمة السوقية. ثم أسس شركة رأس المال المُخاطر Walden International. كما شغل عضوية مجالس إدارة عدة شركات كبرى مثل Hewlett Packard Enterprise وSchneider Electric وSoftBank.
أدارة جريئة
وتم تعيين تان في مارس/آذار 2025 خلفا للإدارة المؤقتة، ليكون الرئيس التنفيذي التاسع للشركة، ويعيد نفسه إلى مجلس إدارتها بعد أن غادره في أغسطس/آب 2024. ومنذ توليه منصب الرئيس التنفيذي، تبنى تان نهجا واضحا يقوم على التخلي عن الأنشطة غير الأساسية، وخفض التكاليف، وتقليص الاستثمارات الباهظة، وإعادة تنظيم القوى العاملة.
ويُعد فصل وحدة الشبكات خطوة محورية في هذه الاستراتيجية، إذ تسعى إنتل إلى تحسين كفاءتها التشغيلية مع الاحتفاظ بإمكانية الاستفادة المستقبلية من وحدات النمو المحتملة عبر حصص استثمارية.
وأطلق تان خطة إعادة هيكلة موسعة تهدف إلى تبسيط هيكل الأعمال والتخلص من الأنشطة غير الأساسية كفصل وحدة الشبكات Edge & Network Group، وتعكس خطوة فصل وحدة الشبكات رؤية تان لبناء شركة أكثر تركيزًا ومرونة، مستعدة للتحرك بسرعة في بيئة تكنولوجية تتطور بلا توقف. وبينما لم تُقنع هذه التغييرات بعد المستثمرين، إلا أن الاستراتيجية تمثل محاولة حاسمة لتغيير مسار إنتل بعد سنوات من التراجع.
كما يعمل تان على خفض التكاليف وتقليل عدد الموظفين إلى نحو 75,000 بحلول نهاية 2025. وكذلك تركيز الاستثمارات على الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، وتقنيات التصنيع المتقدمة.
وأدرك تان أن إنتل لم تعد من بين أفضل 10 شركات أشباه الموصلات عالميًا، وأنها متأخرة في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي، معتبرا أن الوقت لإعادة بناء الثقة والتنفيذ سريعا قد حان.
وفي وقت سابق، وصف تان التعديلات التي يقودها بأنها قرارات "صعبة ولكنها ضرورية" لإعادة الشركة إلى مسار النمو والتنافسية، مؤكدًا أن كل استثمار يجب أن يكون له مبرر اقتصادي واضح.
تحديات
ورغم هذه الخطوات الجريئة، لا تزال التحديات تحيط بمسيرة تان. فقد تراجعت أسهم الشركة بنسبة 9% بعد تحذير صريح من إمكانية خروج إنتل من مجال تصنيع الرقائق تماما، في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع عميل خارجي رئيسي لخدمات التصنيع الخاصة بها. وجاء هذا التحذير تزامنا مع إعلان نتائج مالية مخيبة للآمال، شملت خسارة غير متوقعة في الربع الثاني، وتوقعات بخسائر أعمق في الربع الثالث.
ويُدير تان دفة إنتل في وقت تواجه فيه الشركة منافسة شرسة من شركات مثل AMD وNvidia، بالإضافة إلى شركات ناشئة متخصصة في رقائق الذكاء الاصطناعي. وقد أدى تأخر إنتل في تبني تقنيات تصنيع متقدمة إلى فقدانها مكانتها الريادية، ما يضع على عاتق تان مسؤولية ثقيلة لإعادة بناء الثقة داخليا وخارجيا.