ما يحدث في المدن الإيرانية اليوم هو «ثورة جياع» بكل ما يحمله هذا الوصف من معنى.
يمكن اعتبار بيان وزارة الخارجية الأمريكية الداعم للاحتجاجات والمظاهرات التي تهز إيران حالياً رسالة تحذير غير مباشرة من واشنطن للأوروبيين والروس، وغيرهم من القوى التي يمكن أن تفكر في دعم النظام الإيراني المتهاوي في سبيل إحباط ثورة الشعب الجائع.
يختنق اليوم نظام الملالي الحاكم في طهران اختناقاً غير مسبوق وليس من المستبعد أن يسقط في أي لحظة، فمعادلة «الخبز والصمت» التي كانت تسيّر أموره داخلياً انهارت تماماً مع سقوط أسعار النفط بجانب تبديد ثروة الشعب الإيراني على قمع الثورة السورية، ودعم حزب الله والحوثيين والعديد من التنظيمات الإرهابية حول العالم.
ما يحدث في المدن الإيرانية اليوم هو «ثورة جياع» بكل ما يحمله هذا الوصف من معنى، فهناك 40 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر، فيما لا خبز لدى النظام الإرهابي الحاكم الذي كانت وما زالت بضاعته «الشعارات» التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا قدرة له على مواجهة ثورة المدنيين الإيرانيين بأجهزته الأمنية المنهكة، وعلى رأسها الحرس الثوري، بعد أن استنفد كل طاقته في الدول الأخرى كسورية والعراق ولبنان واليمن، بل إن من اللافت في المظاهرات الحالية ظهور مشاهد فيديو عديدة في مختلف شبكات التواصل الاجتماعي لجنود إيرانيين يعلنون انشقاقهم عن النظام وانضمامهم لصفوف الثوار.
يختنق اليوم نظام الملالي الحاكم في طهران اختناقاً غير مسبوق وليس من المستبعد أن يسقط في أي لحظة، فمعادلة «الخبز والصمت» التي كانت تسير أموره داخليا انهارت تماما مع سقوط أسعار النفط بجانب تبديد ثروة الشعب الإيراني على قمع الثورة السورية ودعم حزب الله والحوثيين والعديد من التنظيمات الإرهابية حول العالم
أكبر المظاهرات الإيرانية حتى لحظة كتابة هذا المقال خرجت في مدينة مشهد، التي تُعد ثاني أكبر مدن الجمهورية رافعة شعارات تردد لأول مرة مثل «الموت للديكتاتور» و«لا سورية ولا غزة ولا لبنان.. حياتي فداء لإيران»، بجانب شعارات تتهم النظام بسرقة مقدرات الشعب مثل «يسقط نظام اللصوص» و«لص بيتنا نموذج عالمي»، وعندما بدأت بعض الفرق الأمنية بمهاجمة المتظاهرين أخذوا يرددون «اذهب أيها الشرطي واعتقل اللصوص لحل مشكلتنا».
إيران ليست دولة طوائف مختلفة أو تنوع اجتماعي طبقي، بل هي دولة شعوب متعددة القوميات واللغات والأديان، ولذلك فإن اندلاع شرارة أي ثورة أمر في غاية الخطورة؛ ويحمل في طياته انفجار ثورات قومية طاحنة وانهياراً تاماً للدولة خلال فترة قصيرة جداً، فالفُرس لا يشكلون سوى ما نسبته 46% من عدد السكان البالغ نحو 80 مليون نسمة، يليهم الأذريون بنسبة 24%، ثم جيلاك ومازندرانيون بنسبة 8%، والأكراد 7%، والعرب 7%، ولور 2%، وبلوش 2%، وتركمان 2%، وأعراق أخرى بنسبة 1%.. القاسم المشترك الوحيد الذي يجمع بين هذه الشعوب هو وجودها مجبرة تحت حكم نظام كهنوتي إجرامي يجثم على صدرها منذ نحو 4 عقود، وحان وقت قذفه في الجحيم.
نقلاً عن " عكاظ "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة