ثقافة
الفائز بجائزة الشيخ زايد لأدب الطفل: انتقالي من الشعر للسرد مغامرة
الروائي والقاص الكويتي حسين المطوع الفائز بجائزة الشيخ زايد لأدب الأطفال يتحدث عن مغامرته في الانتقال من الشعر لكتابة السرد.
أكد الروائي والقاص الكويتي حسين المطوع الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب لأدب الطفل والناشئة عن قصته "أحلم أن أكون خلاط أسمنت" أن الجائزة واحدة من أهم الجوائز في المنطقة وتضيف للفائز فيها قيمة أدبية عالية، لافتاً إلى أنه أصبح في مواجهة مرحلة مهمة جدا في مسيرته الأدبية، يسعى إليها الكثير من الكتاب خصوصا الشباب من جيله.
وفي الحوار التالي، يتحدث المطوع عن رحلته ومغامرته من الانتقال إلى السرد بعد تجربة غير قصيرة مع الشعر..
كيف استقبلت خبر فوز قصتك "أحلم أن أكون خلاط أسمنت" بجائزة الشيخ زايد لأدب الطفل؟
كنت أقول للأصدقاء إنني أشعر بأنني سأحصل على جائزة الشيخ زايد في هذه الدورة، كان مجرد إحساس بل في الأحرى هو أشبه بالحيلة التي مارستها حتى أدفع نفسي للتفاؤل. لحظة معرفتي بالخبر كانت لحظة عاطفية جدًا.
هل الفوز بالجائزة وضع على كاهلك مسؤولية أكبر؟
في الحقيقة يجب أن تكون مسؤولية الكاتب نابعة من داخله، سواء فاز في جائزة أم لم يفز. نحن مطالبون دائما ببذل أقصى جهودنا والسعي لأن نخرج أعمالًا أدبية في أفضل مستوى يمكن أن نقدمه. طبعا هذا كلام نظري في قمة المثالية، بعد فوز الكاتب بجائزة كبيرة يعلم أن أنظار العالم مُسلّطة عليه بصورة أكبر الآن، ومن جانب آخر يشعر الكاتب الفائز بأن الأدب قدم له شيئا بالمقابل، أعطاه مردودا ملموسا لجهوده وتعبه. هذان الشعوران من المفترض أن يعززا شعور المسؤولية لدى الكاتب، وإن كان قبل هذه المرحلة ينوي تقديم أفضل ما عنده، لكن بعد الفوز سقف الأفضل يرتفع أكثر ومسؤولية الكاتب أمام نفسه وأمام الأدب تزداد أكثر.
حدثنا عن قصتك "أحلم أن أكون خلاط أسمنت" الفائزة بالجائزة..
من الصعب أن يتحدث كاتب عن عمله، لكن باختصار في قصة "أحلم أن أكون خلاط أسمنت" أقدم للطفل عالما شخصياته من الشاحنات، تخوض إحداها مغامرة في سبيل تحقيق حلمها وتواجه في هذه المغامرة العقبات الاجتماعية والذاتية والسيكولوجية وغيرها.
كيف ترى الحالة الأدبية والوضع الثقافي في الكويت حاليا والمشهد الثقافي العربي بشكل عام؟
في الكويت نشهد حراكا ثقافيا نشطا جدا خصوصا في السنتين الأخيرتين، بعد انتشار المكتبات والمشاريع الثقافية الخاصة التي تنظم المحاضرات الأدبية والفكرية والفنية على مدار السنة، بالإضافة إلى الورش التدريبية والمؤتمرات التي تستضيف أدباء ومفكرين من كل أرجاء المنطقة. كما نلاحظ تطورا ملحوظا في مجال النشر مع دخول دور نشر جديدة وجادة جدا إلى الساحة. ولا نغفل الجزئية الأهم في الصورة الثقافية وهي مسألة التأليف والإنتاج الأدبي والفني. وربما أهم عوامل نجاح الحركة الثقافية في الكويت الفترة الماضية أنها قائمة على جهود مؤسسات أهلية خاصة تدار من قبل شباب على اتصال مباشر بالجيل الأسبق والأكبر منهم، ما حقق التكامل المطلوب بين طاقة الشباب وخبرة الكبار. وربما يكون الكلام نفسه ينطبق على المشهد العربي لكن بتفاوت، فمن خلال مشاركتي وحضوري لبعض معارض الكتب العربية لاحظت وجود الحالة نفسها في أغلب الدول، أنشطة وفعاليات، حركة نشر وتأليف وجهود شبابية رائعة وجادة. لكن ما يميز الكويت أكثر هو توفر السيولة المادية التي تعاني منها بعض الدول العربية.
هل هناك جوانب سيئة وسلبية؟
نعم بالطبع، وهذا أمر طبيعي. حالة التأليف يطغى عليها الرديء والسيئ، بعض الأنشطة تعاني مشاكل تنظيمية وإدارية وغيرها من السلبيات. لكن هذا كله لا يقلل من أهمية الجهود المبذولة، كما أن كثرة الرديء لا تقلل من قيمة القليل الجيد. وهذا حال الأدب طوال التاريخ وفي كل أرجاء العالم، ليست مسألة جديدة ولا خاصة في منطقتنا. لذلك نحن نحتاج دائما إلى النقد الذاتي بعد كل نشاط وفعالية بهدف معرفة مواضع الخلل والسعي لإصلاحها وتجاوزها.
ما الذي كنت تبحث عنه في ذهابك من الشعر إلى الرواية ثم القصة القصيرة؟
حين ذهبت إلى الرواية لم أترك الشعر، وحين كتبت القصة لم أترك الرواية. ما زلت أكتب في كل هذه الأجناس وأطور نفسي فيها جميعها. لكنني لا أنشر كل ما أكتب ولن أفعل. الأدب كله أداة تعبر من خلالها عن رؤيتك للعالم، وكل جنس أدبي يختلف عن الآخر في طريقة تعبيره ومن خلال مقدرته على استيعاب بعض الأفكار دون الأخرى. لذلك كلما تمكن الكاتب من إتقان أدوات وأجناس أدبية أكثر، اتسعت مساحة تعبيره.
هل استفدت من الشعر وأنت تكتب نصوصك الروائية والقصصية؟
بالتأكيد، الفنون والآداب يكمل بعضها بعضا. وروايتي تراب انطلقت فكرتها الأساسية من هاجس قديم تملكني لحظة قراءتي لقصيدة "حفار القبور" لبدر شاكر السياب، فأخرجت هذه الشخصية –أعني حفار القبور- من قصيدتها وأقحمتها في بنية سردية عالجت من خلالها أحداث الرواية. هذا بالإضافة إلى بعض الأمور الواضحة التي يكتسبها أي قارئ للشعر أو كاتب له مثل اتساع أفق اللغة وتطور بناء الصورة وغيرها.
ما قولك في أن عالم السرد الروائي يعيش عصره الذهبي.. فهل أنت مع هذا الرأي؟
لا أدري في الحقيقة، هل الرواية في عصرها الذهبي؟ ماذا نعني بالعصر الذهبي بدقة؟ ما المعايير والمقاييس التي نستند إليها لاتخاذ مثل هذا الحكم؟ أي ناقد يطرح رأيا بهذا الحجم من المفترض أن يكون قد أسنده بأدلة وبراهين تثبته. ولكي أوافقه أو أعترض عليه فلا بد أن أمتلك أنا بدوري أدلتي الخاصة. وأنا شخصيا لا أستطيع أن أدعي امتلاك ذلك. أما بالنسبة لبقية الفنون السردية فبالطبع هي كذلك، ولا نزال نرى أسماء أدبية مهمة تعمل على القصة القصيرة. صحيح أن قراءها أقل بكثير من قراء الرواية، لكن هذا لا يعني زوال أهميتها وفقدانها لقيمتها.
كيف ترى معايير النقد اليوم؟
النقد العربي يعاني من عدة مشاكل؛ أهمها مشكلة النظرية، فلا يوجد إلى اليوم –حسب اطلاعي– نظرية نقدية عربية متكاملة كالنظرية البنيوية مثلا أو الشكلانية الروسية أو غيرها من النظريات التي جاء بها الغرب. لكن هذا لا ينفي وجود نقاد يشتغلون اشتغالا جادا ومعمقا سعيا لتطوير النقد وتجاوز مشاكله. أما تجربتي الأدبية فليس من حقي تقييمها أو افتراض حتى أنها تجربة مهمة تستحق الدراسة والمتابعة، وهذا الحكم يعود أولا وأخيرا للمتلقي.
ما رأيك في مقولة إن المستقبل هو للرواية وليس للشعر؟
لا أؤمن بمثل هذه المقولات ولا أقبل تداولها. المسألة ليست منافسة بين الأجناس حتى ينتصر أحدهم على الآخر ويحكم المستقبل. كل جنس أدبي يتناول العالم من منظور لا يستطيع الآخر تناوله، وإلا لما احتجنا لأكثر من جنس واكتفينا باختزالها في جنس واحد. صحيح أن معظم هذه الأجناس تشتبك وتتقاطع في عدة جوانب فنرى الشعرية في النص السري ونرى السرد يتسلل إلى القصيدة أحيانا، لكن هذا لا ينفي استقلالية كل منهما. الأمر يشبه دوائر الرياضيات أو المنطق هناك مجموعة مشتركة تلتقي فيها الدائرتان، لكن هناك أيضا مناطق تميز كل دائرة عن الأخرى: ونعيد السؤال مرة أخرى: ما معيار المفاضلة المستقبلية؟ كمية القراء؟ نسبة المبيعات؟ التأثير على الواقع؟ جودة النص؟ هذه وغيرها من الأسئلة الجدلية تجعلنا نتراجع خطوات قبل أن نتجرأ ونطلق مثل هذه الأحكام.
هل يمكن اعتبار الجوائز معياراً حقيقياً وصادقاً يؤشر للأعمال الجيدة؟
أتت الجوائز الأدبية لتفرض نفسها معيارا جديدا في عصر غابت فيه المؤسسة النقدية أو ضعف حضورها، والأمر نفسه بالنسبة للصحافة الثقافية. هي صارت معيارا وانتهى الأمر. القراء يتابعونها، ينتظرون نتائجها ويتطلعون إليها، الكتب الفائزة تحقق مبيعات ورواجا أكثر من المعتاد. لكن هل الجوائز معيارا حقيقيا وصادقا يؤشر للأعمال الجيدة؟ وهل كان النقاد والصحافة كذلك؟ لا يمكن التعميم في كلتا الحالتين، الجوائز ليست متشابهة ومعايير كل جائزة ولجانها مختلفة عن الأخرى.
aXA6IDE4LjE5MC4xNjAuNiA= جزيرة ام اند امز US