"بيت مي".. مبادرة كاتبة مصرية لاستضافة أدباء العالم
البيت يقع على طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي، وجارٍ وضع اللمسات الأخيرة به، وتسعى المؤسسة للحصول على تمويل يضمن استمرارية المشروع.
إذا سألت أديبا ما عن أكثر ثلاثة أشياء في الوجود تسعده، فسيكون من بينها بلا شك فوزه بواحدة من برامج استضافة الأدباء الشهيرة بالولايات المتحدة أوروبا.
هناك وفي أحضان الغابة أو بسفح الجبل أو بإطلالة مميزة على بحيرة خلابة يظفر الكاتب بثلاثة أسابيع تقريبا يقضيها في أحضان الطبيعة الساحرة مستمتعا بالهدوء والقدرة على الكتابة بانتظام وتركيز دون تشويش من أي نوع.
الروائية المصرية مي التلمساني قررت نقل التجربة الغربية إلى الفضاءات العربية بمبادرة فردية من خلال الإعلان عن إنشاء "بيت مي التلمساني" لمنح برامج الإقامة الإبداعية بداية من مارس/آذار العام المقبل على أن يتم الإعلان عن كافة التفاصيل الخاصة بالشروط وطرق الاشتراك خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
السؤال الذي طرحناه على مي: كيف جاءتها الفكرة وما الذي تستهدفه من ورائها؟ إذ أوضحت أنها سافرت سنة 2004، إلى إيطاليا في منحة تفرغ للكتابة على نفقة منظمة اليونسكو استمرت 5 أسابيع، وهناك كان المكان عبارة عن قصر كبير فوق الجبل، يتميز بالعزلة التامة عن أي قرية أو مدينة.
وتضيف: "المفترض أن نأخذ سيارة لمدة نصف ساعة للوصول لأقرب مدينة عند سفح الجبل، العزلة طوال هذه المدة علمتني الالتزام بالعمل والكتابة اليومية، كان مسموحا لنا بزيارة المدن المحيطة مرة في الأسبوع، كنا نعتبرها فعلا نزهة ومكافأة".
وتوضح مميزات الحياة في هذه المناطق قائلة: "بعضنا كان كتابا، والبعض الآخر موسيقيون وكلنا من جنسيات مختلفة، المتعة الحقيقية في تلك التجربة تمثلت في التفرغ للإبداع والكتابة طوال اليوم، هذا لا يمنع أنني كنت أجد متعة أخرى تتمثل في الصمت والمشي في الطبيعة، فضلا عن اللقاء كل يوم على العشاء وتجاذب أطراف الحديث بيننا عن هموم مشتركة".
وتضيف: "منذ تلك الفترة وأنا أحلم طوال الوقت بوجود مكان على الغرار نفسه بمصر بحيث يكون نقطة ضوء تجذب المبدعين من مصر والبلاد العربية والعالم، وبيت (مي التلمساني) يحقق بعضا من هذا الحلم، خاصة عندما تكون الكتابة ومتعة الفن هما الهدف المشترك لوجود الناس مع بعضهم البعض بمكان واحد، أسبوعا أو أكثر، المهم وجود أُنْس، والاستمتاع بالعزلة، والكتابة في مناخ نقي وفي هدوء دون تشويش وبلا ضغوط من العالم الخارجي، سواء الأسرة أو الأولاد أو العمل أو المجتمع عموما".
وتستطرد: "الكاتبة التي تقدر هكذا مميزات وقيم من المؤكد أنها ستجد نفسها في بيت التلمساني، والكاتب المشغول بنص جديد وبحاجة لأن ينفصل عن العالم لاستكماله سيحصل على هذه الفرصة عندنا وفي حضن الطبيعة المصرية، أو على الأقل هذا ما أحلم به".
وتعد مي التلمساني من أبرز الوجوه النسائية بجيل التسعينيات في الأدب المصري، ولدت في القاهرة سنة 1965، وتنتمي إلى أسرة سينمائية؛ فهي ابنة المخرج التسجيلي المصري عبدالقادر التلمساني، وعمها المخرج السينمائي كامل التلمساني.
في سنة 1998 حصلت على منحة من الوكالة الكندية للتنمية الدولية للحصول على درجة الدكتوراه في الأدب المقارن بجامعة مونتريال الكندية، وكان موضوع رسالتها "الحارة في السينما المصرية: 1939 ـ 2001".
ومنذ 2006 وهي تعمل أستاذة للسينما والدراسات العربية بجامعة أوتاوا الكندية، وتتوزع أعمالها بين القصة القصيرة والرواية والسيرة الذاتية والترجمة واليوميات مثل "دنيا زاد"، "نحت متكرر"، "أكابيلا"، "خيانات ذهنية".
وحسب مخطط التلمساني، ستتولى إدارة البيت مؤسسة ثقافية مستقلة يقوم عليها نخبة من المسؤولين، وتتولى فتح باب التسجيل وفحص الطلبات والبت فيها بحيث يقتصر دور مي نفسها على عضويتها في مجلس الإدارة فقط لا غير.
وتسعى المؤسسة للحصول على التمويل الذي يضمن استمرارية المشروع مستقبلا بالطرق المتاحة، والبيت يقع على طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي وجارٍ وضع اللمسات الأخيرة به حاليا.
وتوضح مي أن الاستضافة بالبيت ستحمل الطابع الدولي حيث ستمنح للكاتبات والكتاب من مصر والعالم العربي فضلا عن مختلف دول العالم في مجالات الرواية والشعر والقصة والمسرح والسيناريو والنقد والترجمة الأدبية، مشيرة إلى أن فترة الاستضافة ستقتصر على المدة من يناير/كانون الثاني حتى يونيو/حزيران وهي الأشهر التي ستقضيها هي نفسها في مصر من كل عام.
وتختتم مي حديثها بالقول: "هذا المشروع أهديه لاسم وتاريخ عائلة التلمساني، لعمي كامل الذي لم ينجب أولادا لكنه في الذاكرة وفي الوجدان، ولعمي حسن الرقيق والحبيب، ولأبي عبدالقادر الذي لا تغيب ذكراه أبدا، ولابن عمي طارق القريب دائما من القلب ولأخي الحبيب خالد رحمه الله".
aXA6IDUyLjE1LjY4Ljk3IA== جزيرة ام اند امز