بالصور: الشدة التلمسانية .. جزائريات بزي أميرات الأندلس
من يَحضر عرسا في مدينة تلمسان الجزائرية (أقصى الغرب الجزائري) يُخيل له أن الزمان عاد به إلى عصر الأندلسيين.
من يَحضر عرسا في مدينة تلمسان الجزائرية (أقصى الغرب الجزائري) يُخيل له أن الزمان عاد به إلى عصر الأندلسيين، ووضَعَه أمام أميرات الأندلس دون سابق إنذار.
لكن الحقيقة هي أن زمن الأندلس ترك لباساً تحول إلى زي تقليدي في هذه المدينة ومدن أخرى غرب الجزائر، اسمه "الشَّدَّة"، الذي توارثته التلمسانيات جيلا بعد جيل.
"الشَّدَّة" مفخرة المرأة التلمسانية لشدة ما فيه من إبداع وجمال، إذ جمع بين عراقة وجمال أزياء الأندلس والأمازيغ والعرب والأترك، فهو لباس تقليدي ترتديه العروس يوم زفافها وفي مختلف المناسبات، ويُعد اللباس الأكثر فخامة بين الأزياء التقليدية في الجزائر، كما كان أرقى لباس تقليدي في حضارة الزيانيين.
يعود تاريخ "الشَّدَّة" إلى القرن الحادي عشر، أما تسميته، فهناك من أرجعها إلى خيوطه ومجوهراته المتماسكة والمشدودة بقوة، والرواية الأخرى تُرجع سبب هذه التسمية إلى اختبار شدة العروس وقدرتها على تحمل وزنه منذ خروجها من منزل أهلها إلى بيت زوجها، حيث يصل وزنه إلى 15 كلغ.
مكونات الشَّدَّة التلمسانية
تتشكل "الشَّدَّة" من 12 قطعة متناسقة من "البْلوزة، القُفطان، الشَّاشية، والفوطة"، ومطرز بخيوط ذهبية، ومرصع بأكثر من 50 نوعا من المجوهرات التقليدية المحلية الصنع بتلمسان، كما تستغرق مدة خياطته أكثر من أربعة أشهر، ما جعل سعره لا ينزل تحت الأربعة آلاف دولار.
أما "البْلوزة" الموروثة عن الحضارة العربية، فهي فستان حريري واسع الأكمام، مصنوع من قماش رقيق وشفاف يسمى "القَطيفة" المنمق بحبات من اللؤلؤ، ومطرز بخيط مغلف بالذهب أو الفضة أو كما تمسى في الجزائر "الفَتْلَة"، حيث يوضع فوقه ثوب آخر مطرز بخيوط من الذهب يسمى "السترة" مصنوع بالفتلة أيضاً ومرصع بالمجوهرات والحلي التي تغطي منطقة الصدر، ويلبس فوقه معطف طويل مطرز يسمى "القُفطان" الذي يعود إلى عهد العثمانيين، ويطلق عليه اسم "الزَّرْزاف"، ويكون مرصعا بنحو 50 نوعا من المجوهرات المحلية.
أما "الشَّاشية" أو القبعة، فهي متوارثة عن الحضارة الأندلسية، فهي عبارة عن تاج مخروطي مرصع بالأحجار الكريمة مثل الياقوت والزمرد والألماس، التي توضع على رأس العروس لاستكمال زينتها يوم زفافها، إذ توضع عليه مختلف أنواع وأحجام القلائد المرصعة بالمجوهرات التي يطلق عليها "التعويقة"، ولها نوع آخر من التطريز يسمى "المَجْبود" وهو خيط رفيع جدا بلون ذهبي، إضافة إلى الأقراط المخرزة التي تسمى "القرصة"، كما يوضع على الخصر منديل يسمى محليا بـ "المثقلة"، يتميز بخيوط ذهبية عريضة.
ويُستكمل هذا الزي التقليدي "بفوطة" أو حزام التي يعود أصلها إلى الحضارة الأمازيغية، حيث لا يسمح للعروس بارتداء "الفوطة" إلا بعد انتهاء مراسم الزواج.
الشَّدَّة تراث إنساني عالمي
صنفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لباس "الشَّدَّة التلمسانية" ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية خلال الدورة السابعة لليونسكو سنة 2012، نظرا لقيمته التاريخية والحضارية والفنية، حيث يعود تاريخ الشَّدَّة إلى مرحلة ما قبل سقوط الأندلس.
وليومنا هذا، يحرص أهل تلمسان على المحافظة على "الشَّدَّة التلمسانية" ونقله لكل الأجيال المتعاقبة، فظل محافظاً على أدق خصوصياته من كل الحضارات الإنسانية التي استمد منها فخامته وروعته.
aXA6IDE4LjE5MS42Mi42OCA= جزيرة ام اند امز