الزربية .. تراث 5 آلاف سنة يزين منازل الجزائريين
"الزَّرْبِيَّة" أو السجاد الجزائري وهو الحرف التراثية الجزائرية التقليدية، التي تعود إلى آلاف السنين.
"الزَّرْبِيَّة" أو السجاد الجزائري من الحرف التراثية الجزائرية التقليدية، التي تعود إلى آلاف السنين، كان يصنع منذ القدم لتزيين البيوت سواء بتعليقها على جدران الغرف أو على الأرض، وإن كان تزيين غرف استقبال الضيوف بالسجاد لازال إلى يومنا هذا.
و"الزَّرْبِيَّة" لها دور في الأعراس، حيث تعادل "الزَّرْبِيَّة" الذهب والحلي من حيث قيمتها، فنجد أن العروس تأخذها معها، فيما يسمى في الجزائر "الشورى"، وهي عبارة عن ألبسة وأفرشة تأخذها معها إلى بيت زوجها يوم زفافها، كما تُقدم "الزَّرْبِيَّة" هديةً للعروس أو العريس يوم زفافهما من الأقارب والأهل.
و"الزَّرْبِيَّة" كلمة متداولة في اللهجة الجزائرية، وتعني السجاد المصنوع من الصوف أو الوبر، وكلمة "زَرْبِيَّة" عربية فصحى وتعني الفراش أو البساط المزركش المصنوع من الصوف.
كما نجد أن كلمة "زَرابي" مذكورة في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {وَنمَارِقُ مَصفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)} سورة الغاشية، والزرابي المبثوثة هي البسط الفاخرة والطنافس المخملة والمبثوثة المبسوطة المنشورة.
تاريخ الزَّرْبِيَّة الجزائرية
تُرجع الدراسات التاريخية في الجزائر تاريخ صناعة "الزَّرْبِيَّة" الجزائرية إلى 5 آلاف سنة، ومن ميزتها، أن صناعتها تتطلب شد خيوطها بإحكام ودقة كبيرة حتى يحصل صانعها على رموز وأشكال هندسية تقليدية تميز كل "زَربية" بمفردها.
والملاحظ أيضا أن صناعة "الزَّرْبِيَّة" الجزائرية يتطلب معدات قديمة مُتوارثة عن الأجداد، حيث كان يستعملها السكان المحليون الأمازيغ، مثل آلة تصفية الصوف التي تسمى باللهجة الجزائرية "القَرْداش"، وكذا الغربال والفانوس.
أنواع الزَّرْبِيَّة الجزائرية
يوجد بالجزائر 6 أنواع من الزَّرابي نجدها في مختلف مناطق البلاد، ففي الشرق الجزائري نجد أنواع من الزرابي وهي "زَربية بابار الأمازيغية"، وزربية "النَّمَامْشَة" و"الحَراكْتَة" وهي من السجاد الرفيع المنسوج بالصوف الذي ينافس أفضل أنواع السجاد في العالم.
كما نجد "زربية جبل العمور"، التي تشتهر بها مدينة الأغواط (400 كلم جنوب غرب العاصمة الجزائر)، زربية مدينة سيدي بلعباس (373 كلم غرب الجزائر العاصمة) وتسمى "الحَنْبَل"، ومن أهم زرابي الجزائر أيضا توجد "زربية غرداية" (400 كلم جنوب العاصمة الجزائرية)، وإن كانت هناك أنواع أخرى كزربية "قصر الشلالة" وزربية "المعاضيد"، لكنها تشترك جميعها في أنها تكشف عن التراث الشعبي الجزائري الفاخر والأصيل.
ألوان الزَّرْبِيَّة الجزائرية
تتميز كل أنواع الزرابي الجزائرية بأنها طبيعية مُستخلصة من الموارد الطبيعية، "كحب الرمان المجفف" لتثبيت الألوان، "وعود شجرة الجوز البني"، و"حجر النيلة" لإضفاء اللون الأزرق، أما اللون الأحمر القرميدي الذي يظهر بها فهو فمن "عشبة شقائق النعمان"، واللون الأسود من "حجر المغرة"، وعن اللون الأصفر الذي يظهر قليلا مقارنة بالألوان الأخرى فهو من "العود الأصفر" وهو عبارة عن بهار هندي بلون أصفر.
عيد الزَّرْبِيَّة
تحتفي الجزائر في فصل الربيع من كل عام "بعيد الزَّرْبِيَّة" الذي يهدف إلى تنمية الصناعات التقليدية خاصة النسيجية منها، ولإنقاذ هذه الصناعة تحديدا، حيث تحتضن مدينة غَرْدَاية هذا المهرجان سنويا، فهي تعد أكبر أسواق الزرابي في الجزائر، كما تشتهر بإنتاج عدة أنواع منها.
"مهرجان عيد الزَّرْبِيَّة في غرداية" يعتبر تقليدا راسخا منذ أكثر من 50 سنة، ويتميز بمشاركة عدد كبير من ولايات الوطن وحتى من دول عربية، كما يجلب ما بين 5 إلى 10 آلاف سائح من الجزائر ومن دول عربية وأوربية.
يتميز "مهرجان عيد الزَّرْبِيَّة" بمرور عربات مزينة بالزرابي تجوب في موكب رائع بعضا من شوارع المدينة، تحت تصفيقات الجمهور وزغاريد النسوة، حيث تتنافس هذه العربات على جائزة أجمل عربة، بعد أن تمر بلجنة تحكيم في المنصة الشرفية، ويتخلل مروها فرق الخيالة والبارود مصحوبة برقصات فلكورية.
كما تهدف أيضا هذه العربات المزينة بمجموعة من الزرابي إلى إبراز دور المرأة في صناعة وترقية الصناعة التقليدية، من خلال إبداعها واتقانها ومهارتها في صناعة الزربية، التي تعتبر فخرا لكثير من النساء الجزائريات.
وبمدينة غرداية تملك كل عائلة منسجا خاصا بها، وليس هذا فقط، بل يعد من بين الأثاث المنزلي، ويوجد بها أيضا أزيد من 14 ألف امرأة حرفية مختصة في صناعة النسيج والزرابي، ويعملن كذلك على تعليم بناتهن هذه الحرفة المتوارثة.