بالصور .. الحايك رمز الزينة والحياء للمرأة الجزائرية
الجزائر بلد غني بالفنون التقليدية الشعبية ذات العمق التاريخي التي تترجم أصالة كل منطقة من هذا البلد.
الجزائر بلد غني بالفنون التقليدية الشعبية ذات العمق التاريخي التي تترجم أصالة كل منطقة من هذا البلد.
الألبسة التقليدية جزء هام من ثقافة الجزائر التي تعكس صورة عراقة وجمال هذا البلد، ومن بين هذه الألبسة التقليدية العريقة التي يحاول المجتمع الجزائري الحفاظ عليها، نجد "الحــايَــكْ".
"الحــايَــكْ" في اللغة العربية من الفعل (حاك) و(يَحيك – حِياكة) بمعنى (نَسَجَ)، وهو الثوب المُحاك أو المنسوج، وفي قاموس المعاني العربي، فإن الحايك هو قطعة ثوب ترتديه المرأة، ويَستر رأسها ووجهها وكامل جسدها.
تختلف تسمية "الحــايَــكْ" في الجزائر من منطقة إلى أخرى، فنجد هذه التسمية في وسط وشرق الجزائر، أما في مناطق الغرب فيسمى "الكساء" أو "الكْسَا" دون نطق الهمزة، كون اللهجة الجزائرية غالبا ما تُحذف منها الهمزة المتطرفة، وفي بعض المناطق الجزائرية يسمى "السَّفْسَاري"، و"المَلَحْفَة"، ويقال (فلانة تَلَحْفَت) بمعنى لبست المحلفة أو الحايك.
"الحــايَــكْ" في الثقافة الجزائرية لباس تقليدي ترتديه النسوة فوق ملابسهن العادية حين يغادرن منازلهن التزاما للحشمة، فهو ليس موروثا شعبيا فقط أو رمزا للثقافة المحلية والوطنية الجزائرية بل رمز لزينة المرأة الجزائرية وحافظ لحيائها، الذي يُضفي عليها سحرا وجمالا وبهاءً يزيده بياض القماش.
أما السحر الثاني فهو "العْجَار"، وهي تلك القطعة من القماش التي تكون على شكل "النقاب"، التي تُربط حول الرأس وتغطي أنف المرأة، تاركا الأعين بارزة والتي تزينها المرأة الجزائرية "بالكُحل".
وإضافة لكون لونه بنفس لون "الحايك"، فإن "العْجَار"، هو قطعة قماش مطرزة، بها خيط عادي أو مطاطي على الجوانب العلوية منه، ليسهل على المرأة ربطه بعد لفه على الرأس، ومنه يثبت على الوجه.
أنواع الحــايَــكْ الجزائري
حايك المَرْمَة: وهو من أجود أنواع الحايك، حيث كان ارتداؤه يقتصر على الطبقة المخملية أو الغنية، تتنافس وتتباهي النسوة بارتدائه، فهو يُنسج من الحرير الخالص، ومنه ما نجده ممزوجا بالكتان أو الصوف، في حين يكون لونه شديد البياض.
الحايك السَّفْسَاري: هذا النوع ترتديه نسوة الشرق الجزائري، حيث انتقل إلى هذه المنطقة مع قدوم اللاجئين الأندلسيين، حتى أصبح لباس ما يعرف "بنساء الحواضر"، في مدن الشرق الجزائري، وحتى في مدينة القيروان التونسية، والسَّفْسَاري مصنوع من الحرير أو القطن، ويكون على عدة ألوان كالأبيض والأصفر.
الحايك العَشْعَاشي: وهو الخاص بمنطقة الغرب الجزائري، وتحديدا في تلمسان، حيث كان ولايزال يُنسج بها، أما لونه فيكون أبيضا ويتخلله اللون الأصفر.
الحايك لباس المجاهدين الجزائريين
إضافة إلى قيمة "الحــايَــكْ" الحضارية التي "عجز الاستعمار الفرنسي عن سلخها من جسد المرأة الجزائرية"، فإن للحايك قصة مع الثورة التحريرية الجزائرية، فقد كان لباس المجاهدين الجزائريين في بعض المدن، حيث ساعدهم التخفي به والتظاهر على أنهم نسوة من الإفلات من مراقبة وتفتيش قوات الاستعمار الفرنسي، ومكنهم أيضا من تمرير الأسلحة والوثائق لرفقاء الدرب من الثوار والمجاهدين، والأكثر من هذا، تنفيذهم لعمليات فدائية بهذا اللباس.
ولايزال هذا اللباس التقليدي كان سُترة العروس (التي لا غنى عنها) عند خروجها من بيت أهلها إلى بيت زوجها، خاصة في مناطق الوسط والغرب وبعض مناطق الجنوب الجزائري، ويتراوح سعره بين 7500 دينار جزائري إلى 10000 دينار جزائري.
وقد ظلت الجزائريات ترتدين الحايك إلى نهاية الثمانينات، ومع بداية التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها الجزائر في تلك الفترة، لوحظ تخلي بعض الجزائريات عن هذا اللباس، وتعويضه بالحجاب وغيره، لكن ظلت بعضهن محافظات عليه، ورَفَضن التخلي عن أمانة أجدادهن، حيث يعتبرونه حرمة لا يمكن المساس بها.
وللحفاظ على "جوهرة الحايك"، تقام كل عام مسيرات نسوية في عدد من المدن الجزائرية كالجزائر العاصمة، قسنطينة، جيجل، وهران، تلمسان، تشارك فيها نساء من مختلف الأعمار وهن يرتدين هذا اللباس الرائع، وهي الفكرة التي تحاول بعث الروح من جديد في هذا الموروث الثقافي الجزائري الأصيل.