الجزائر.. تراشق "الأفلان" و"الأرندي" يؤجج الانتخابات النيابية
التراشق الكلامي المكثف بين الحزبين الحاكمين في الجزائر حوّل الحملة الانتخابية لمادة دسمة لوسائل الإعلام.
مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات النيابية في الجزائر، المقررة في الرابع من مايو/آيار المقبل، لانتخاب سادس برلمان تعددي في البلاد؛ تحول "أصدقاء السياسة إلى أعداء عند الرئاسة" كما يقول المثل.
وحوّل التراشق الكلامي المكثف بين الأمينين العامين للحزبي الحاكمين في الجزائر (جبهة التحرير الوطني "الأفلان"، والتجمع الوطني الديمقراطي "الأرندي") الحملة الانتخابية –التي ترفع شعار "سمع صوتك"- إلى مادة دسمة تتناقلها مختلف وسائل الإعلام، في ظل تحول التنافس إلى صدام كلامي غلب عليه طابع تشكيك كل طرف في الآخر.
ولعل المسألة التي نقلت الحرب الباردة للحزبين من دهاليز السلطة إلى صفحات ونشرات وسائل الإعلام هي مسألة ما يراه المراقبون "محاولة كل حزب منهما الاستئثار بإنجازات الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة".
إنجازات واتهامات
فمن جانبه، يرى الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، على غرار سابقه، عمار سعداني، أن حزبه ساهم بشكل كبير في "إنجازات الرئيس" باعتباره رئيساً للحزب العتيد، وأن وزراء الأفلان (المنتمين للجبهة) لم يغادروا الحكومة منذ مجيء بوتفليقة عام 1999، إضافة إلى ما قاله ولد عباس "إن الأفلان هو الذي حرر الجزائر وهو من أسس الدولة الجزائرية".
وهي المواقف التي أزعجت الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحي، الذي جرده الرئيس الجزائري، الأسبوع الماضي، من منصب مدير ديوان الرئاسة، حيث اتهم الأفلان بـ"المتاجرة بالرئيس وبالثورة التحريرية".
أويحي الذي حوّل هو الآخر تصريحات غريمه ولد عباس إلى حملة انتخابية، قال إن "الثورة التحريرية هي ملك لجميع الجزائريين، وأن الرئيس بوتفليقة هو رئيس كل الجزائريين وليس الأفلان فقط"، كما شكك في كلام أمين عام الأفلان، الذي قال إن "الاستعمار الفرنسي حكم عليه بالإعدام"، حيث وصف أويحي هذا الكلام بـ"الهراء".
ولد عباس لم يتأخر في الرد، والذي جاء صادماً لأويحي، حيث اعتبر أن الأرندي "صنيعة التزوير، وحزب مفبرك"، مضيفاً "أنه يملك أدلة بالوثائق"، في إشارة لنتائج الانتخابات النيابية سنة 1997 التي سيطر فيها الأرندي على البرلمان بعد أشهر من اعتماده كحزب سياسي، ولم يكتف الأفلان بهذا فقط، بل اتهم أويحي بالسعي لخلافة بوتفليقة، وأنه يعمل منذ مدة على تحضير نفسه وحزبه للانتخابات الرئاسية المقررة في 2019.
تراشق طبيعي
أستاذ العلوم السياسية، الدكتور لزهر ماروك، اعتبر أن التراشق الكلامي بين الأفلان والأرندي "طبيعي جداً في عز الحملة الانتخابية"، مضيفاً لـ"بوابة العين الإخبارية"، أن الشراكة السياسية بينهما لا تعني غياب التنافس.
لكن المحلل السياسي، أرجع حدة هذه التصريحات إلى سببين رئيسيين، حيث لخص الأول في "تشكيلة ورئاسة الحكومة المقبلة، خاصة أن منصب الوزير الأول لطالما شكل قضية تنافسية بينهما".
أما السبب الثاني فأرجعه ماروك إلى أن هذه الانتخابات ليست كسابقتها بالنسبة لحزبي السلطة ولكل الأحزاب، كونها ورقة طريق للانتخابات الرئاسية سنة 2019.
غياب البرامج
أما المحلل السياسي، عبد الرحمان بن شريط، فقد أرجع هذا التراشق الكلامي الانتخابي إلى غياب البرامج الانتخابية. وبرأيه أن وجود برامج انتخابية لا يسمح ولا يعطي فرصة لهذا التراشق، لكن غيابها عن هذين الحزبين وكثير من الأحزاب أدى إلى تحويل الحملة الانتخابية إلى مسألة شخصية بين مسؤولي حزبين.
مضيفاً في تصريحات لـ"بوابة العين الإخبارية": "الأحزاب السياسية عجزت عن خلق خطاب سياسي واقعي، إضافة إلى أن كثيراً منها عبارة عن أحزاب شخصية أكثر منها أحزاب سياسية، وهو ما يؤدي إلى هذا النوع من الحملات الانتخابية، التي تحولت إلى خلافات شخصية هامشية لا علاقة لها باختلاف حول البرامج الانتخابية التي يمكن التنافس عليها"، مشيراً إلى أن هذا التراشق يسهم بشكل أو بآخر في زيادة عزوف الجزائريين عن التصويت، حتى المترددين منهم، فهي تقطع شكهم بيقينهم.
كما أشار المحلل السياسي "إلى رغبة كل طرف في التحضير للرئاسيات القادمة، وأن أويحي يملك طموحاً في هذا الشأن، وإن كان مشروعاً باعتباره مسؤول حزب سياسي، وكل طرف يحاول الظهور بعباءة الرئيس المقبل والقادر على قيادة البلاد مستقبلاً".
تكتيك انتخابي
غير أن أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي، إسماعيل معراف، يرى أنه "لا علاقة للانتخابات الرئاسية القادمة بهذا التراشق بين الحزبين".
وأرجع معراف هذا السجال إلى تكتيك انتخابي يعتمد على محاولة جذب الجزائريين ودمجهم في الجو الانتخابي.
وأضاف لـ"العين": "بدايات الحملة الانتخابية الباهتة أدت بالحزبين إلى استخدام ورقة الصدى الإعلامي، ومحاولة منها لرسم صورة عن أهمية هذه الانتخابات وإضفاء نوع من الإثارة عليها لا أكثر ولا أقل".
aXA6IDMuMTQyLjIwMS45MyA= جزيرة ام اند امز