"ليز تراس" امرأة بريطانيا "الحديدية".. هل تمتلك مفاتيح الإنقاذ؟
في خضم أزمة الطاقة المتصاعدة والإضرابات والتضخم المتسارع، تتولى "ليز تراس" قيادة الحكومة البريطانية. فهل تعبر باقتصاد إلى بر الآمان؟
ليز تراس فازت الإثنين 5 سبتمبر/أيلول 2022؛ بزعامة حزب المحافظين الحاكم، لتصبح رئيسة للحكومة، خلفًا لـ"بوريس جونسون".
ومن دون مفاجآت، نالت تراس 57% من الأصوات، مقابل 43% لمنافسها وزير المال السابق ريشي سوناك.
وتعهدت تراس بتنفيذ كل الوعود التي قطعتها على نفسها، بما في ذلك تطبيق خطة للنمو الاقتصادي وخفض الضرائب، والتعامل مع مشكلة إمدادات الطاقة.
وستتولى "ليز تراس" رئاسة الحكومة البريطانية، الثلاثاء 6 سبتمبر/أيلول 2022، بعد تكليف الملكة إليزابيث لها.
وتتسلم رئيسة الوزراء الجديدة مهامها في وقت تواجه بريطانيا أزمة في تكاليف المعيشة، واضطرابات عمالية، وركودًا يلوح في الأفق.
وترث تراس اقتصادًا متداعيًا، إذ بلغ التضخم أعلى مستوياته في 40 عاما. كما تواجه ضغوطا لحماية الأسر والشركات من ارتفاع تكاليف الطاقة.
وقد وعدت تراس بإعلان تفاصيل خطة للتعامل مع الأسعار المرتفعة في غضون أيام. وتشير توقعات إلى صدور الإعلان يوم الخميس 8 سبتمبر/أيلول 2022.
لكن من هي "ليز تراس" التي شغلت حقيبة الخارجية في فترة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، وأصبحت اليوم الرئيسة الحالية للحكومة؟ وهل فعليًا ستستطيع دفع مسار الاقتصاد بعد أن أصبحت بريطانيا سادس أكبر اقتصاد في العالم، متخلية عن المركز الخامس لصالح الهند؟
من مواليد مدينة أوكسفورد جنوب وسط إنجلترا عام 1975 (47 عامًا)، وتنتمي لأسرة من الطبقة المتوسطة ذات قناعات يسارية قوية. وقد انتخبت لأول مرة في عام 2010 نائبة عن ساوث ويست نورفولك.
وأصبحت "ليز تراس" شخصية مشهورة بين أعضاء حزب المحافظين بسبب آرائها التحررية في الاقتصاد والتجارة. وتعتبر ثاني امرأة تتولى وزارة الخارجية، وتلقب بالمرأة الحديدية.
أسهمت في فرض عقوبات على موسكو والأوليغارشية الروسية بعد حرب أوكرانيا. وشغلت عدة مناصب وزارية، ولعبت دورًا في التفاوض على اتفاقيات التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عندما كانت وزيرة للتجارة الدولية، قبل أن تصل إلى منصبها الحالي.
ومع تنامي آمالها في الفوز برئاسة الحكومة البريطانية، أطلقت "تراس" وعود عدة كحزمة استباقية منها لعبور الأزمة الاقتصادية المتشعبة.
وبحسب تقرير لجريدة "الجارديان" البريطانية، فإن "الأولوية الاقتصادية الواضحة لرئيسة الوزراء الجديدة تتمثل في خفض الضرائب، وهي خطوة تصر ليز تراس على أنها ستعيد تشغيل الاقتصاد المتعثر ومساعدة الناس في فواتير الطاقة المرتفعة".
ووعدت تراس بإلغاء الزيادة الأخيرة في التأمين الوطني وإلغاء الزيادة المقررة على ضريبة الشركات، بتكلفة مجمعة تبلغ حوالي 30 مليار جنيه إسترليني سنوياً، وكذلك تعليق ما يعرف باسم "الضريبة الخضراء"، وهي جزء من فاتورة الطاقة التي تدفع للمشاريع الاجتماعية والخضراء. كما طرح فريق تراس فكرة خفض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% أو خفض ضريبة الدخل لمساعدة ميزانيات العائلات.
كما تعهدت بإنفاق 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع حتى عام 2026، ورفع هذه النسبة إلى 3% بحلول عام 2030.
ويعاني البريطانيون منذ شهور من أزمة غلاء معيشي غير مسبوقة اضطرت الحكومة إلى تقديم مساعدات مالية استثنائية وعاجلة للعائلات من ذوي الدخل المحدود، فيما تتزامن هذه الأزمة مع أزمة أخرى في قطاع الطاقة دفعت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الوقود والكهرباء والغاز، فضلاً عن أزمة ثالثة تتعلق بالهبوط المستمر في سعر صرف الجنيه الإسترليني، وهو ما فاقم نسب التضخم ودفع بنك إنجلترا المركزي إلى توقع تسجيل نسبة تضخم قياسية في البلاد خلال العام الحالي.
وفتح فوز تراس الباب على الكثير من الأسئلة المتعلقة بسياساتها الاقتصادية، وما إذا كانت لديها حلول للأزمات التي تعصف بالبلاد وتشكل مصدر قلق واسع للبريطانيين، فيما يبدو أن الأسواق لم تتفاءل بفوزها وكانت تعول على فوز سوناك الذي كان قد شغل منصب وزير الخزانة ويُعتبر أحد رجال الاقتصاد البارزين في بريطانيا.
وشددت تراس على التزامها بهدف "صفر انبعاثات" لبريطانيا، ويصر فريقها على أنها ستركز على الطاقة المتجددة.
وهوى الجنيه الإسترليني بعد الإعلان عن فوز تراس إلى أدنى مستوى له منذ العام 1985، حيث عاد إلى مستويات ما دون الـ1.15 دولار أمريكي.
وذكرت "الجارديان" أنه "في حين قالت تراس إن خططها سيتم تمويلها من خلال الارتفاع المالي وتأخير سداد الديون المتعلقة بفترة كورونا، فإن الكثير من النقاد قالوا إن هذه الخطط ستحتاج إلى اقتراض مبالغ كبيرة، وبأسعار قد تكون باهظة، وهو ما يعني تحميل الاقتصاد البريطاني مزيداً من التكاليف".
ومنذ إعلان جونسون استقالته تراجعت توقعات النمو، كما ارتفع معدل التضخم السنوي فوق 10%، وقفزت أسعار الوقود والغذاء، وساد إحباط كبير بشأن ارتفاع تكلفة المعيشة وإضراب مئات الآلاف من العاملين في الموانئ والقطارات والبريد.
يشار إلى أن العديد من المراقبين والمحللين يتخوفون من أن يواصل الجنيه الإسترليني هبوطه إلى مستوى التكافؤ مع الدولار الأمريكي، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في نسب التضخم. وقد توقع بنك إنجلترا أن يقفز التضخم إلى 13% مع تفاقم أزمة الطاقة.
فيما توقع بنك "جولدمان ساكس" أن تصل نسبة التضخم في بريطانيا إلى مستوى 22% ليكون بذلك قد سجل أعلى مستوى له على الإطلاق، الأمر الذي سيزيد المتاعب الاقتصادية في بريطانيا ويُعمق من أزمة الغلاء المعيشي للأسر.
aXA6IDMuMTM3LjE3OC4xMjIg جزيرة ام اند امز