قلق بلا نوم.. ليلة تراس الأخيرة قبل الاستقالة
رنين هواتف أقرب الحلفاء في الرابعة صباحا كان علامة أكيدة على أن مستقبل ليز تراس في رئاسة الحكومة البريطانية انتهى.
وظلت رئيسة وزراء بريطانيا مستيقظة طوال الليل قبل ساعات من الاستقالة، وبعثت برسائل نصية إلى أصدقائها في وقت متأخر من الليل، بعد يوم فوضوي شهد استقالة وزيرة داخليتها، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
كما أن اليوم السابق على الاستقالة شهد فوضى كبيرة في لوبي التصويت بمجلس العموم "البرلمان" بعد مناقشة أحد المقترحات، وصرخ بالفعل أحد نواب الحزب المحافظ الحاكم، في وجه تراس، "إنها مهزلة".
وقال أحد حلفاء تراس: "بدت مرعوبة من مدى السرعة التي تحدث بها الأمور، لكنها اعتقدت أنه لا يزال بإمكانها النجاة".
ثم بدأت الرسائل في الوصول مجددا لتراس في صباح اليوم التالي وتغير مزاجها، ولم يكن مؤشرا جيدا أبدا أن ترسل رئيسة الوزراء رسائل لدائرتها المقربة في الرابعة صباحا، لأنها بدت مدركة في هذه اللحظة أن الأمر انتهى، وفق الصحيفة البريطانية.
وخارج داونينج ستريت، مقر رئاسة الحكومة، كانت الأجواء قاتمة بين النواب المحافظين، وكان أول من خرج بتصريحات النائب سيمون هور، الذي ظهر ببرنامج "توداي" عبر راديو هيئة الإذاعة البريطانية بعد الساعة السابعة صباحا بقليل، الخميس، ليلقي كلمة قوية.
وقال هور: "الشيء المقلق أنه لا توجد خطة طريق.. إنه قتال بالأيدي على أساس يومي، هل يمكن تغيير المسار؟ نعم، لكن هناك حوالي 12 ساعة لفعل ذلك".
وفي نظر العديد من نواب البرلمان كان مصير تراس محتوما قبلها بـ6 أيام عندما أقالت وزير ماليتها كواسي كوارتنج، وألغت خطتها الرئيسية لخفض ضريبة الشركات، بحسب ديلي ميل.
وتلاشت أي شكوك عالقة، الإثنين، عندما جلست بمجلس العموم بدون أي تعابير على وجهها، وهي تنظر إلى المستشار الجديد جيريمي هانت الذي أطاح بكامل خطتها.
أما اللورد فروست، الذي كان في أحد الأوقات مؤيدا متحمسا لتراس، قال: "الحكومة لا تطبق سواء برنامج ليز تراس الذي دعت إليه في الأصل ولا بيان 2019.. إنها تسير في اتجاه مختلف تماما".
وقالت النائبة المخضرمة شيريل موراي، التي كانت لا تزال تدافع عن رئيسة الوزراء صراحة حتى الأسبوع الماضي: "كانت لدي آمال كبيرة لليز تراس لكن بعد ما حدث الليلة الماضية أصبح موقفها يتعذر الدفاع عنه".
واستنتج كثيرون في الحكومة أيضا أن تراس لا يمكنها الاستمرار، لكنهم أرادوا منها البقاء للإشراف على الأقل على الميزانية (التي يتزامن موعدها مع احتفال عيد الهلع)، عندما سيحاول هانت سد الثقب الأسود بقيمة 40 مليار جنيه استرليني في المالية العامة. وراود السير جراهام برادي، رئيس لجنة 1922 القيادية في الحزب المحافظ، نفس الشعور.
وعاد السير جراهام، الذي أمضى عطلة الأسبوع الماضي في اليونان، إلى موجة من الضغوطات لتغيير قواعد الحزب التي تحول دون إجراء تصويت رسمي على الثقة بزعيم جديد خلال عامه الأول.
لكنه أخبر أولئك المحرضين على إقصاء رئيسة الوزراء بضرورة الانتظار ومعرفة رأيهم بعد 31 أكتوبر/تشرين الأول (تاريخ البيان المالي). لكن تغير كل شيء بعد الأربعاء الأسود لرئيسة الوزراء في البرلمان.
وكانت تراس قد نجت لتوها من جلسة "أسئلة لرئيس لوزراء" في البرلمان، الأربعاء، بالرغم من هجوم كبير من الأعضاء. لكن تأزم اليوم بسرعة، وبحلول الظهيرة كانت تراس قد قبلت استقالة سويلا برافرمان من منصب وزيرة الداخلية. وكانت الحجة الرسمية خرق أمني "تافه نسبيا".
وفي الواقع، سرعان ما كشفت مصادر أن الاثنين خاضا مواجهة بسبب الهجرة، ولم تتراجع برافرمان في خطاب استقالتها، مرجحة أنه يجب على رئيسة الوزراء الاستقالة، وقالت إن تراس "خرقت تعهدات رئيسية".
لكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت التعامل الكارثي مع التصويت على مشروع استخراج الغاز الصخري. وطُلب من أعضاء حزب المحافظين جعله "تصويتا على الثقة" برئيسة الوزراء، وقبل دقائق على التصويت أبلغ الوزير المسؤول أنه لم يعد تصويتا على الثقة.
وداخل رقم 10 جمعت تراس أقرب مساعديها في غرفة الحكومة لمناقشة خروجها، واتفق كبير الموظفين مارك فولبروك، وسكرتير مجلس الوزراء سيمون كيس، وسكرتيرها الخاص نيك كاتساراس، على أنها بحجة للتحدث مع السير جراهام لتقييم ما إذا كان هناك أي أمل للنجاة قبل الاتفاق على خطط الخلافة.
كما ستحتاج إبلاغ الملك تشارلز الثالث أنها، وبعد 44 يوما فقط في المنصب، ستترك رئاسة الوزراء. وكان قرارها الاستقالة سرا.
وبحلول الساعة 12:25 ظهر الخميس، وصلت نائبة رئيس الوزراء تيريز كوفي إلى رقم 10 للانضمام إلى الاجتماع بين رئيسة الوزراء والسير جراهام.
وبعد 14 دقيقة، انضم السير جيك بيري الذي سيشرف على سباق العثور على زعيم جديد، إلى الاجتماع.
وبينما كانت عدسات الكاميرات تركز على الباب الأسود اللون لرقم 10، كان السير جراهام يقرأ على رئيسة الوزراء آخر طقوسها السياسية، وأخبرها أنها لم تعد تحظى بالدعم اللازم للاستمرار، وأنها إذا حاولت خوض اقتراع الثقة ستخسر، بحسب أحد المصادر.
وفي الساعة 1:15 مساء، أعلن رقم "داونينج ستريت" أن رئيسة الوزراء ستدلي ببيان في غضون 15 دقيقة. ووضعت منصتها الرسمية في الشارع وبعدها بلحظات ظهرت مع زوجها لإلقاء خطاب استقالة وجيز مدته 90 ثانية.
وبعد 44 يوما في المنصب فقط، لم يكن هناك إرث كبير للتحدث عنه.
aXA6IDE4LjExOC4xOS4xMjMg جزيرة ام اند امز