أول أمريكي من أصل أفريقي يقود الجيش.. الجنرال الصامت يخوض حربه الخاصة
عاد اسم وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الثالث ليتصدر عناوين الصحف العالمية مجددا بعد دخول المستشفى، إثر وعكة صحية طارئة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الميجور جنرال بات رايدر، نقل أوستن إلى مستشفى في العاصمة واشنطن، للعلاج من "أعراض تشير إلى مشكلة طارئة في المثانة".
وهذه هي المرة الثانية التي يدخل فيها أوستن المستشفى بعد دخولها المرة الأولى أواخر ديسمبر/كانون الأول، والتي تعرض بسببها لانتقادات بسبب عدم كشفه للمسؤولين الأمريكيين، منهم الرئيس جو بايدن، عن تشخيص إصابته بالسرطان.
وأوستن هو أول أمريكي من أصل أفريقي يقود رأس وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، ويلقب في الأوساط العسكرية بـ"الجنرال الصامت"، لكنه لم يكن صامتا على المستوى السياسي وهو على رأس البنتاغون، في ظل النزاعات العسكرية الكبرى عبر العالم، خاصة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفقا لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
اكتسب أوستن شهرته العسكرية من نجاحه في قيادة هجوم فرقة المشاة الثالثة على بغداد في أبريل/نيسان 2003، والاستيلاء على العاصمة العراقية، ويوصف بأنه "العقل المدبر وراء الهجوم على بغداد".
المولد والمؤهلات العلمية:
وُلد أوستن في 8 أغسطس/آب 1953 بولاية ألاباما، والده هو لويد جيمس أوستن جونيور، كان عامل بريد، أما والدته فكانت ربة منزل وتدعى إليتيا تايلور أوستن.
نشأ أوستن في توماسفيل، جورجيا، وتخرج في الأكاديمية العسكرية الأمريكية بدرجة بكالوريوس العلوم، وعمل في المشاة، كما حصل على درجة الماجستير في الآداب في تعليم المستشارين من جامعة أوبورن، وماجستير في إدارة الأعمال من جامعة ويبستر، وهو خريج دورات ضباط المشاة الأساسية والمتقدمة، وكلية القيادة والأركان العامة للجيش، والكلية الحربية العسكرية.
مسيرته العسكرية:
تولى أوستن خلال مسيرته المهنية التي استمرت 41 عاما في الجيش الأمريكي عددا من المهام القيادية على مستويات الفيلق والفرقة والكتيبة والألوية.
كانت بداية أوستن في الجيش الأمريكي عام 1975 في القواعد الأمريكية في ألمانيا الشرقية، حيث عين برتبة ملازم ثانٍ في كتيبة المشاة الثالثة.
وتدرج في المناصب العسكرية والمهمات لعدة سنوات، حيث تولى في عام 1981 منصب ضابط العمليات في قيادة التجنيد في الجيش الأمريكي في إنديانابوليس بولاية إنديانا.
وفي عام 1993، شغل منصب قائد الكتيبة الثانية في فوج المشاة المظلي 505، والفرقة 82 المحمولة جوا، ثم تولى قيادة اللواء الثالث في الفرقة 82 المحمولة جوا في الفترة من عام 1997 إلى عام 1999.
بعد انتهاء خدمته في فورت براغ تم تعيينه في البنتاغون، حيث شغل منصب رئيس قسم العمليات المشتركة في هيئة الأركان المشتركة من عام 1999 وحتى عام 2001.
ثم شغل منصب مساعد قائد فرقة المشاة الثالثة في كل من جورجيا والعراق منذ يوليو/تموز 2001 وحتى يونيو/حزيران 2003، وقادت فرقته عملية غزو العراق في مارس/آذار 2003، واستولت الفرقة على مطار بغداد الدولي، كما سيطرت على العاصمة العراقية خلال الغزو الأمريكي للعراق، ما أهله للحصول على النجمة الفضية، وهو وسام عسكري رفيع.
وفي سبتمبر/أيلول 2005 أصبح أوستن رئيس أركان القيادة المركزية للولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، وظل على رأس رئاسة الأركان حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2006، ليصبح بعد ذلك قائدا عاما للفيلق 18 المحمول جوا في ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته.
عاد أوستن إلى العراق، وتولى -إلى جانب مهامه- قيادة الفيلق المتعدد الجنسيات هناك من فبراير/شباط 2008 إلى أبريل/نيسان 2009.
ثم انتقل الجنرال إلى العمل المكتبي مرة أخرى بعودته إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتعيينه مديرا للأركان المشتركة في البنتاغون لمدة عام بدأت من أغسطس/آب 2009.
وعاد إلى العراق في سبتمبر/أيلول 2010 قائدا عاما للقوات الأمريكية هناك، حيث أشرف على قوات التحالف وعلى عملية الانسحاب التي اكتملت في ديسمبر/كانون الأول 2011.
كما شغل منصب قائد مسرح العمليات في الفترة من عام 2013 إلى عام 2016، ما جعله أول جنرال أسود يشغل المنصب. وأنهى أوستن خدمته العسكرية كقائد للقيادة المركزية الأمريكية، والمسؤول عن كل العمليات العسكرية في الشرق الأوسط وأفغانستان، وفي هذه المهمة قاد جهود الولايات المتحدة والتحالف لمحاربة داعش في العراق وسوريا، وتقاعد من الجيش في أبريل/نيسان 2016.
تعيينه وزيرا للدفاع:
وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2020 رشحه الرئيس الأمريكي جو بايدن لتولي حقيبة وزارة الدفاع، وفي 21 يناير/كانون الثاني 2021 وافق الكونغرس على تنازل يسمح لأوستن بالعمل وزيرا للدفاع متغاضيا عن قانون يتطلب من وزير الدفاع مرور 7 سنوات على خدمته الفعلية في الجيش قبل توليه الوزارة. وقد صوّت مجلس الشيوخ في اليوم التالي بأغلبية 93 مقابل صوتين لصالح أوستن، الذي أصبح أول وزير دفاع أمريكي من أصل أفريقي.
وتشير مجلة فورين بوليسي إلى أن الصداقة التي جمعت بين بايدن عندما كانت نائبا للرئيس أوباما، وأوستن عندما كان قائدا للقوات الأمريكية في العراق كانت السبب في اختياره لرئاسة وزارة الدفاع.
وقالت المجلة إن بايدن، نائب الرئيس آنذاك كانت تربطه صداقة مع أوستن، الذي كان صديقا مقربا من بو، نجل بايدن (كانا يحضران بانتظام قداس الآحاد في العراق)، حيث كان يخدم بو بايدن أيضا لكن هدوءه كان أكثر ما أثار إعجاب نائب الرئيس، وفقا لما ذكره مسؤول بارز في البنتاغون لديه اتصالات في فريق بايدن الانتقالي.
وبعد مرور عشر سنوات، كانت تلك اللقاءات في العراق أحد العوامل التي دفعت الرئيس المنتخب بايدن إلى اتخاذ قرار باختيار أوستن وزيرا للدفاع.
كم يبلغ راتب أوستن؟
يتقاضى وزير الدفاع الأمريكي 235600 دولار أمريكي شهريا، وقبل تعيينه في المنصب حصل على معاش تقاعدي ضخم جراء خدمته 41 عاما في الجيش.
وتمكن عبر عمله في مجموعة من مجالس الإدارات بعد تقاعده من جني ملايين أخرى إلى محفظته الاستثمارية، وقُدّرت ثروته بنحو 7 ملايين دولار في 2021، وفقا لتقرير نشرته فوربس ونيويورك تايمز.