تفجير "لوكربي".. ما سر إعادة فتح التحقيقات؟
أجمع خبراء ليبيون على أن إعادة فتح قضية تفجير طائرة "لوكربي" من جديد، بمثابة ورقة ضغط تمارسها واشنطن على الليبيين لتمرير ملفات معينة.
وتساءل الخبراء في أحاديث لـ"العين الإخبارية"، أن عن سر توقيت إعلان إعادة فتح قضية لوكربي، التي تم حسمها سابقا بدفع ليبيا تعويضات الضحايا.
وتحل اليوم الإثنين، الذكرى الـ32 لتفجير طائرة البان أمريكان عام 1988، فوق قرية لوكربي بأسكتلندا، عندما كانت في رحلة من لندن إلى نيويورك، ما أسفر عن مقتل 270 شخصًا، واتهمت ليبيا وقتها بتدبير الحادث.
وتزامنًا مع الذكرى، أعلن وزير العدل الأمريكي وليم بار، اليوم الإثنين، توجيه الاتهام إلى أبو عجيلة محمد مسعود، العنصر السابق في الاستخبارات الليبية، قائلا، "لا الوقت ولا المسافة يمكن أن يعيقا حصول الأمريكيين على العدالة".
ويُزعم أن مسعود التقى الزعيم القذافي بعد الهجوم وشكره على قيامه بواجب وطني عظيم ضد الأمريكيين. وكانت الطائرة تحمل على متنها 190 مواطنًا أمريكيًا، من بينهم 35 طالبًا مسجلاً ضمن برنامج التبادل الطلابي لجامعة سيراكيوز.
ويُزعم أن المشتبه به صنع القنبلة التي دمرت الطائرة،كما أنه متهم بالتورط في تفجير آخر وقع عام 1986 في ملهى "لابيل" الليلي في برلين الغربية.
تحقيق مكاسب
عبد المنعم اليسير، المحلل السياسي الليبي المقيم في أمريكا، قال لـ"العين الإخبارية"، إن حالة الضعف التي تمر بها ليبيا حاليا جعلتها هدفًا لأي فرصة للابتزاز، مشيرًا إلى أطراف - لم يسمها- تريد تحقيق مكاسب عن طريق إعادة فتح القضية.
وأوضح المحلل الليبي، أن قضية لوكربي كانت سياسية ولم تكون قانونية، واصفًا الأدلة التي تم تقديمها لاضد المتهمين بأنها "مضحكة ولا ترتقي إلى حتى مستوى الاتهام وليس الإدانة".
وكان الضابط السابق في الاستخبارات الليبي عبد الباسط المقرحي، هو الوحيد الذي أُدين بتفجير طائرة لوكيربي، وحكمت عليه محكمة أسكتلندية عام 2001 بالسجن مدى الحياة.
لكن السلطات الأسكتلندية أخلت سبيله في أغسطس/آب 2009 لأسباب إنسانية جراء اصابته بسرطان البروستاتا وسمحت له بالعودة إلى ليبيا ليموت هناك، بعدما قدر الأطباء أنه لن يعيش أكثر من ثلاثة أشهر، وتوفي في مايو/أيار 2011.
وأشار اليسير، إلى أن محامين أمريكيين يدفعون الإدارة الأمريكية الحالية للمضي قدمًا في ذلك الاتجاه، في محاولة منهم للفوز ببعض الأموال، كحصة في أي تعويض محتمل، مناشدًا الدول العربية بضرورة أن تقوم بواجبها التاريخي بالدفاع عن كل "الدول العربية المكسورة وغير القادرة عن الدفاع عن نفسها" في مقدمتها ليبيا وسوريا واليمن والعراق.
ابتزاز
ومن جانبه، قال الخبير السياسي الليبي محمد زبيدة، إن إعادة فتح القضية من جديد، يعد "ابتزازا" أكثر منه عملا قانونيا، مشيرًا إلى أن الملف أغلق في السابق، وقامت ليبيا بدفع التعويضات وانتهى الأمر.
وأعلنت ليبيا في أغسطس/آب 2003، رسميًا مسؤوليتها عن حادث تفجير لوكربي، ووافقت على دفع ما يصل إلى 10 ملايين دولار لكل أسرة من أسر الضحايا.
ونص الاتفاق الذي أبرمته طرابلس مع بريطانيا والولايات المتحدة على أن تدفع ليبيا أربعة ملايين دولار بشكل مبدئي لكل أسرة بمجرد رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، يلي ذلك دفعة أخرى مساوية القدر عندما تسقط الولايات المتحدة عقوباتها ضد طرابلس، ثم دفعة أخيرة قدرها مليونا دولار لكل أسرة عندما تزيل واشنطن اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأنهت ليبيا في 23 أغسطس/آب 2003، عملية نقل مبلغ التعويضات، وقيمته 2.7 مليار دولار من البنك الوطني الليبي إلى حساب في بنك التسويات الدولية ومقره سويسرا، لأسر ضحايا حادث لوكربي بالكامل.
وأشار المحلل السياسي الليبي، إلى أن هناك أموالا ليبية مجمدة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تسعى تلك الدولتان إلى الاستيلاء عليها، مستغلة ضعف الدولة الليبية وهشاشة الوضع في البلاد.
الأموال المجمدة
طاهر الطيب، المحلل السياسي الليبي، اتفق مع زبيدة، قائلاً إن إعادة فتح القضية مجددًا قد تكون مرتبطة بفك القيود عن بعض الأموال المجمدة.
واستبعد "الطيب" أن يكون فتح الملف مرة أخرى، وراءه دوافع سياسية، نظرا لأن الدولة الليبية منزوعة السيادة، وتتحكم في سياستها أطراف دولية.
أما عامر أنور، محامي عائلة المتهم الرئيسي في قضية لوكربي عبد الباسط المقرحي، فتساءل عن صمت المدعي العام الأمريكي (وزير العدل الأمريكي الحالي وليام بار) الذي وجه التهم إلى موكله عام 1991، طوال تلك المدة، رغم علمه باسم شخصية أبو عجيلة مسعود..
ويرى أنور أن نجاحه وفريقه في قبول طلب الاستئناف على الحكم الصادر بحق المقرحي سيدعم ويقوي الموقف القانوني لأي متهم آخر بالقضية.
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بدأ القضاء الأسكتلندي، النظر في طلب استئناف تقدّمت به عائلة الليبي عبد الباسط علي محمد المقرحي، المحكوم عليه الوحيد في اعتداء لوكربي، سعياً إلى تبرئته بعدما حُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بدأ القضاء الإسكتلندي، النظر في طلب استئناف تقدّمت به عائلة الليبي عبد الباسط علي محمد المقرحي، المحكوم عليه الوحيد في اعتداء لوكربي، سعياً إلى تبرئته بعدما حُكم عليه بالسجن مدى الحياة.