سيناريوهات معقدة.. من يتحكم في مستقبل الأرض؟

إنه أهم هدف مناخي في العالم: الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 فهرنهايت)؛
إذ يُمثل طموح الاتفاقات العالمية، وبالنسبة لسكان بعض الدول الجزرية الصغيرة، فهو مؤشر على ما إذا كانت منازلهم ستستمر في الوجود أم لا.
إن الحفاظ على درجة الحرارة عند هذا المستوى المنخفض، سيساعد في إنقاذ الشعاب المرجانية في العالم، والحفاظ على طبقة الجليد البحري الواقية في القطب الشمالي، ويمكن تجنب المزيد من زعزعة الاستقرار في القارة القطبية الجنوبية وجرينلاند، فضلًا عن درء الارتفاع الهائل في مستوى سطح البحر.
سيناريوهات تغير المناخ
فحصت صحيفة واشنطن بوست أكثر من 1200 سيناريو مختلف لتغير المناخ خلال القرن المقبل، بناءً على النماذج التي أنتجها علماء المناخ الرائدون، والتي تم الإشارة إليها في تقرير اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة لعام 2022. وبناءً عليه، استكشف خبراء معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا، السمات الرئيسة لسيناريوهات تغير المناخ، والتي تتضمن مدى سرعة احتضان العالم للطاقة النظيفة، وسرعة إزالة غازات الاحتباس الحراري من الغلاف الجوي، كما بحثوا في كيفية تأثير هذه السيناريوهات بدورها على درجة حرارة الكوكب على مدار القرن.
- بيزنس إزالة الكربون.. كعكعة قيمتها تريليون دولار
- "الكربون" القاتل الصامت.. يحصد ملايين الأرواح سنوياً
هذا، وتُظهر نتائج الأبحاث من ناحية، عالمًا يقترب تدريجيًّا من حافة المناخ الكارثي، ومن ناحية أخرى، تُشير النتائج إلى الطريق نحو مستقبل أقل حرارة. لذا، من خلال استعراض السيناريوهات التالية سيتبين ما يجب القيام به - وما لا يزال بإمكاننا القيام به.
يوضح الشكل السباق، مدى اعتماد كل من هذه الخطوط الرفيعة على عمليات محاكاة حاسوبية متطورة، تحسب مدى سرعة نمو الاقتصاد والسكان، ومدى سرعة تقدم تكنولوجيا المناخ، ومدى سرعة خفض استخدامنا للوقود الأحفوري، وعلاوة على ذلك، درجات الحرارة المتوقعة.
هناك نوعان مختلفان من السيناريوهات التي تواجه الكوكب في عام 2100، أحدهما ينطوي على "تجاوز منخفض"؛ حيث سٌتصبح درجة الحرارة أقل من 1.5 درجة مئوية. والآخر "تجاوز مرتفع" ستتعدى درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية، وهو احتمال مُقلق؛ ويُشير إلى أنه من غير المتوقع، أن يشهد العالم نقاط تحول خطيرة وكوارث مثل الخسارة التي لا رجعة فيها للغطاء الجليدي في غرب أنتاركتيكا في القطب الجنوبي. بحسب ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست
هذا، وتُجدر الإشارة، إلى التركيز على السيناريوهات التي تسمح فقط بالتجاوز 'المنخفض'، والتي تتطلب الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية للوقود الأحفوري، وإزالة المزيد من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، فضلًا عن نشر واسع النطاق لتقنيات 'احتجاز الكربون' لإزالته من الهواء، وتخزينه تحت الأرض، والعمل على إعادة التشجير على نطاق واسع.
ولتقييم مدى واقعية هذه السيناريوهات، استخدمت The Post طريقة طورها باحثو معهد بوتسدام؛ لتصفية السيناريوهات بناءً على أنواع التطورات المستقبلية التي يتوقعونها وسرعة التقدم الذي يظهرون حدوثه. وبناءً عليه، تم تصنيف هذه السيناريوهات على أنها توقعات "تخمينية" أو "صعبة" أو "معقولة"، حيث راجع العلماء الدراسات الحالية حول موضوعات مثل انتقالات الطاقة وتقنيات إزالة الكربون.
السيناريو الأول "توقعات معقولة"
افترض العلماء أن سيناريو "إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتخزينه تحت الأرض" بأنه ضمن التوقعات 'المعقولة' -والذي يعد من نواح كثيرة، أكبر متغير يؤثر على ما إذا كان العالم لا يزال بإمكانه الاحتفاظ بدرجة حرارة أقل من 1.5 درجة مئوية دون تجاوز كبير. يفترض هذا السيناريو أن العالم سيحقق تقدمًا أسرع في الطاقة النظيفة وإزالة الكربون من الغلاف الجوي.
ما الذي يجعل هذا السيناريو يتحقق؟
يتطلب تحقيق ذلك السيناريو، تحولات جذرية في استخدام الطاقة، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، فضلًا عن تقليل مقدار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة لكل وحدة طاقة مستهلكة، بنحو 80% بحلول عام 2050. وهذا يتطلب التخلص شبه الكامل من الوقود الأحفوري، وكهربة واسعة النطاق لأنظمة الطاقة في العالم والتحول إلى المركبات الكهربائية أو استخدام أنواع الوقود الأخرى مثل الهيدروجين أو الوقود الحيوي.
يهدف ذلك السيناريو إلى إزالة أكثر من 7 مليارات طن سنويًا من انبعاثات الكربون من الغلاف الجوي، بحلول عام 2050. هذا، وتُجدر الإشارة، إلى إن موضوع تقنية إزالة الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه إما تحت الأرض أو في الغابات أو في الطبيعية الزراعية، يُعد من الموضوعات الشائعة بشكل أكثر دراماتيكية؛ والتي تتطلب نطاقًا هائلاً من التدخلات مثل التقاط الكربون وتخزينه، بطاقة تقديرية تبلغ حوالي 43 مليون طن كل عام. وبالتالي؛ ستكون هناك الحاجة إلى وتيرة تغيير أسرع بكثير لتحقيق هذا السيناريو. وفي ضوء ذلك، أشارت الدكتورة ليلى وارسزاوا، المؤلف الرئيس لدراسة معهد بوتسدام، إلى أنه لا توجد تقنية أو حل واحد يمكن الاعتماد عليه لإنقاذ هدف 1.5 درجة مئوية.
السيناريو الثاني "توقعات معقولة"
افترض العلماء أن سيناريو "قبول عالم احتياطي تتجاوز فيه درجة الحرارة بشكل ملحوظ 1.5 درجة مئوية" بأنه ضمن التوقعات 'المعقولة' – مع توقع أن تتراوح درجات الحرارة بين 1.6 و1.8 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة خلال الأعوام 2040 و2050 و2060. وهذا، من شأنه أن يزيد من احتمالات حدوث كوارث مناخية غير متوقعة.
ما الذي يجعل هذا السيناريو يتحقق؟
يتطلب تحقيق ذلك السيناريو، إزالة ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، ولكن بكميات أقل - بضعة مليارات طن سنويًا في العقود القادمة حتى عام 2050 - ولخفض درجات الحرارة مرة أخرى في النصف الثاني من القرن، يُمكن أن تكون الحاجة إلى التدخلات كبيرة للغاية. وفي ضوء ذلك، أشار إلمار كريغلر، الباحث في معهد بوتسدام، إلى أن ذلك السيناريو سيُمثل تحديًّا بعد عام 2050، حيث يتطلب إزالة كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون؛ لإعادة درجة الحرارة إلى أقل من 1.5 درجة بعد تجاوز "مرتفع".
لن يتفق الجميع مع هذه النماذج - أو القيود المفروضة من قبل باحثي معهد بوتسدام؛ حيث إن بعض الخبراء أكثر تفاؤلاً بشأن التكنولوجيا وقدرة البشرية على الابتكار، بينما يشير آخرون إلى أنه من السهل تخيل فشل البلدان في تحقيق ما هو ضروري للبقاء دون درجتين مئويتين على الإطلاق.
aXA6IDE4LjIyMS4yMjIuMTEwIA== جزيرة ام اند امز